نيابةً عن الشيخ محمد بن مبارك... وزير الخارجية يفتتح أعمال المؤتمر الخليجي الاستراتيجي الثاني
المنامة - بنا
افتتح وزير الخارجية الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة، نيابة عن راعي الحفل نائب رئيس الوزراء سمو الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة، المؤتمر الخليجي الاستراتيجي الثاني، والذي جاء بعنوان: "التحولات الجيو سياسية في الفضاء العالمي" لمركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة، بمشاركة عدد من كبار السياسيين والمحللين والأكاديميين عالميّاً.
وخلال الجلسة الافتتاحية، قال رئيس مجلس أمناء مركز (دراسات) خالد ابراهيم الفضالة: "إنّ التحديات الأمنية التي تواجهها المجتمعات في واقعنا المعاصر قد تحوّلت مع بزوغ فجر الألفية الثالثة لتصبح تحديات قائمة على المعرفة الحديثة والتقنيات المتقدمة، وهذا في حدّ ذاته تحدٍّ كبيرٍ للمجتمعات النامية أو التي في مراحل التطور، كالمجتمعات العربية على سبيل المثال. أمّا الأبعاد الجيوسياسية لهذه التحولات فإنها تحتاج منّا إلى وضع صيغ وأُطُر فعّالة، تمكننا من صياغة مقاربة أفضل لقضايا الأمن القومي، بعيداً عن أية تدخلات خارجية تستغل الثغرات التقنية في البنية الأساسية للدول".
وأضاف "على الجانب الآخر، فقد كان هبوط أسعار النفط في الأسواق العالمية من أكبر التحديات التي واجهتها الدول المصدرة للنفط، وخصوصاً دول الخليج العربية، وهي تحديات بالغة الأهمية، تتطلب تبنّي إصلاحات متعددة الاتجاهات، للحد من تأثير ذلك الانخفاض على مشاريع التنمية والتطوير في دول مجلس التعاون الخليجي، ربّما لم تتبلور القناعة بعد للبدء بحوارات ومصالحات استراتيجية موسعة وشاملة، في منطقتنا الخليجية، لتظهر ثمارها في العام الجاري. فعام واحد لن يكون كافياً - على الأرجح - لمعالجة أزمات توالت على مدى السنوات الماضية، غير أنّ جذور التحالفات الإقليمية بدأت تنمو وتتبلور منذ العام 2015، ومن المتوقع أن تزداد تفاعلاً في الفترة المقبلة، لتهيّئ لمسار جديد يُخرج منطقتنا من أزمتها. ويحتاج هذا الأمر لجهود مضنية، وقناعات وافرة، بضرورة تحييد عوامل الصراع، وتشجيع الحوار والمصالحة البنّاءة بين جميع دول منطقة الشرق الأوسط والقوى الكبرى المؤثرة فيه".
من جهته، أشار وزير خارجية رومانيا الأسبق وعضو أول في مركز الاستراتيجيات الجديدة في رومانيا السفير سيرجيو سيلاك، إلى أن العالم متشكك من الكوارث القادمة التي قد تحل بالشرق الأوسط والعالم، جراء التدخلات وصراع الحضارات الذي يحدث اليوم في العالم.
وقال: "إن العقود الثلاثة الأخيرة كانت هي الأنجح في العالم، رغم ما مر به من أزمات شديدة، ومواجهات عسكرية وإرهابية، إلا أن العالم أحرز تقدماً على جميع المستويات، وهو ما قد يبشر بأن العقود المقبلة قد تكون أفضل. كما أن مستوى العنف في العالم منخفض مقارنة بالسابق، على رغم كل ما يدور حولنا من أمور وجرائم قتل، ولابد من الانتباه إلى تقلص الطبقة المتوسطة حول العالم، لكنها قد تعاود الارتفاع مجدداً".
وأضاف "العالم سابقاً كان متعدد الأقطاب، أما اليوم فهو متداخل الأقطاب، كون الصعوبات التي نواجهها أكثر بعالم أصبح أقل استقلالية. إن هناك دوراً متزايداً للمنظمات الاقليمية مثل مجلس التعاون الخليجي الذي نال ثقة كبيرة ويقوم بالإسهام في الكثير من القضايا التي نواجهها اليوم. كما أن هناك الكثير من الشك أيضاً في مسائل أخرى مثل الاقتصاد العالمي، والذي أكد البنك الدولي أنه يواجه بعض التحديات، في مجالات الاستثمار والتجارة".
وأشار إلى أن هناك تحولاً اقتصاديّاً وفقاً للتحديات الجديدة، حيث هناك الكثير من المشروعات التي كانت قائمة بين الولايات المتحدة ودول الخليج، فبدلاً من أن تكون أحد زبائن دول مجلس التعاون في النفط، أصبحت منافساً لها في البيع.
وشدد على ضرورة أن يجلس "اللاعبون في المنطقة" معاً ليتخذوا قرارات لحل المشاكل العالقة، وتحديد ما إذا كانت التحالفات القديمة ستستمر أم لا، وهل سيستمر الاعتماد على النفط كحل على المدى الطويل، أم سيكون نقطة انطلاق لأنشطة متنوعة كالسياحة وتقنية المعلومات وغيرها".
من جانبها، قالت عضو مجلس الشيوخ الفرنسي نائب رئيس لجنة الشئون الخارجية وقوة الدفاع بفرنسا، السيناتور نتالي جوليت، إن هناك 10 آلاف فرنسي مشتركين في التطرف، 40 في المئة منهم ممن انتقلوا من المسيحية إلى الإسلام.
وأشارت خلال كلمتها إلى أن مملكة البحرين هي المكان الأفضل لاتخاذ القرارات لمنع الإرهابيين من الحصول على التمويل، وفقاً للمعايير التي وضعتها سابقاً، مشددة على ضرورة توفير تعليم أفضل للشعوب أيضاً للتخلص من الإرهاب.
وبيّنت جوليت أن الأحداث في الشرق الأوسط لا تسير إلى الأفضل، فسورية وليبيا معرضتان لتقسيم أراضيهما، كما أن داعش ملأت الفراغ السياسي في تلك الدول، ولذلك يجب مكافحة داعش بشتى الوسائل.
وأكدت أن قرارات حلف النيتو فيما يختص بمواجهة الإرهاب ليست دائماً صحيحة، والأهم هو منع التمويل عن الإرهابيين، وقطع جميع التمويلات عنها، مشيرة إلى أن داعش، هي أكثر منظمة إرهابية تتمتع بالأموال حول العالم.
وأشارت إلى أن تكلفة العمليات الإرهابية منخفضة جدّاً أحياناً، فمثلاً تفجيرات "تشارل إيبدوا" لم تتعدَّ تكلفتها 5 آلاف دولار، فيما تكلف العمليات الأمنية أكثر بكثير من ذلك.
وتابعت "هناك تقديرات بأن تمويل الإرهاب في 2014 لم يتعد 7 ملايين يورو فقط، وهناك 10 دول تتم ممارسة نشاطات غسل الأموال فيها".
وعبرت جوليت عن شكرها للبحرين لاتخاذها المعايير الصارمة في منع تمويل الإرهاب، مشيرة إلى ضرورة معرفة اللوائح التي وضعتها البحرين لمكافحة تمويل الإرهاب وتعميمها على العالم، وأن على الدول "سيئة السمعة" في المنطقة إنهاء تلك السمعة عنها.
وبيّنت أن ما فعلته البحرين من لوائح للمؤسسات الخيرية في جمع الأموال أمر جيد، كما أن شرعنة المؤسسات الخيرية ومراقبة تمويلها بكافة أشكالها، وأن يكون لها إدارة مالية هو أمر جيد جدّاً أيضاً.
وأشارت جوليت إلى ضرورة تضافر الجهود لمحاربة تمويل الإرهاب، من خلال مشاركة المعلومات الاستخباراتية والتعاون في ذلك المجال، إضافة لمتابعة وسائل التواصل الاجتماعي على مدار الساعة.
ودعت إلى وجود قانون دولي حول الإرهاب لإيقاف الجدل حول الازدواجية الموجودة حاليّاً فيما يتعلق بقضايا الإرهاب.
وأشارت جوليت إلى أن القضية الأساسية في الشرق الأوسط والتي توضح مدى ازدواجية المعايير هي القضية الفلسطينية، إذ هناك معايير مزدوجة في الشرق الأوسط، فإسرائيل مسموح لها القيام بكل شيء، فيما فلسطين تعتبر ضحية ولا يوجد إي إدانة لإسرائيل.
وبيّنت الحاجة إلى إعادة إحياء (الحوار الشرق أوسطي)، وإيجاد حل للقضية الفلسطينية. معربة عن أملها في إيجاد الحل في حال توافق الاتحاد الأوروبي مع دول مجلس التعاون.
وبالعودة إلى موضوع الإرهاب، أشارت جوليت إلى أن القضاء على تنظيم داعش في سورية والعراق سيأخذ وقتاً طويلاً، مشددة على أن الخليج وأوروبا والعالم في ذات المركب ويجب أن يكون المؤتمر القادم حول وضع لوائح مكافحة تمويل الإرهاب.
واختتمت كلمتها قائلة: "يجب أن نحل القضية الفلسطينية أيضاً من خلال منع الازدواجية الدولية الحاصلة هناك".
من جانبه، قال المستشار في الأمن الإقليمي، نائب رئيس كلية الحوكمة والشئون الدولية في جامعة دارام البريطانية كليف جونز، إن حزب الله يشكل معضلة أمنية كبيرة بسبب الأسلحة التي يمتلكها، مشيراً إلى أن جميع اللاعبين في المنطقة يعتمدون على الطاقة، ويسعون للتكامل الاقتصادي.
وأشار إلى وجود صراعات جديدة في المنطقة وبصور جديدة، كما أن هناك مخاطر حقيقية بغض النظر عن السيادة التي انتهكت في العديد من الدول.
ودعا إلى تكامل اقتصادي لمواجهة التحديات التي تمر بها المنطقة، سواء المشاكل الجيو سياسية أو الداخلية.
وأوضح جونز أن انخفاض سعر الغاز سيكون مشكلة كبيرة، مبيناً أن هناك تغييرات تحدث في العالم العربي، وأن هناك اتفاقية "سايكس بيكو" جديدة تحدث في العالم العربي.
وشدد على أن السلام الدائم في المنطقة يحدده العديد من العوامل المشتركة، في وقت يعتمد فيه نظام الأمن في دول العالم أجمع على مصطلحات القوى الاقتصادية بدلاً من المصطلحات الأمنية والسلمية الحقيقية.
وقال إن النظام الأمني في الدول العربية يجب ألا يكون مهيمناً، كما أنه لا يجب أن يكون مؤسسيّاً، وإنما وفقاً لمعايير حقوق الإنسان ومتطلبات الشعوب.
وبيّن أن المشكلة التي يواجهها العالم العربي هي الجماعات المسلحة التي لا تنتمي إلى الدولة، ومن بين تلك الجماعات هي حزب الله والذي تم تصنيفه كمنظمة إرهابية.