المالكية... قصة عشق لكرة القدم تُوجت بأحلى انجاز يوم أمس
الوسط - حسين الدرازي
عاشت قرية المالكية بأكملها لحظات من الفرح الرائعة الليلة الماضية حينما حقق فارس الغربية الفريق الملكاوي لكرة القدم انجازاً لم يسبق أن تم الوصول إليه وهو إحراز المركز الثالث في دوري الدرجة الأولى لكرة القدم بعد الحد البطل والمحرق الوصيف، ومتقدماً على فرقٍ لها تاريخها وباعها الطويل في كرة القدم البحرينية مثل الرفاع والرفاع الشرقي والأهلي، لتكون الفرحة في ملعب مدينة خليفة الرياضية أمس وكأنها فرحة بإحراز بطولة، ولما لا، فهذا المركز في ظل كل الظروف المحيطة بالنادي يعني "بطولة" بحد ذاتها.
المالكية كان يحتاج لنقطة التعادل على أقل تقدير من أجل إحراز المركز الثالث مع عدم فوز الرفاع على المحرق بفارق ستة أهداف!، لكن الفريق وبالرغم من كونه قليلاً مايخوض مثل هذه المباريات التاريخية إلا أنه لم يتأثر بأي ضغوط فيها، فهو كان الطرف الأفضل والأخطر في الشوط الأول لكنه عجز عن التسجيل، ثم في الشوط الثاني ورغم تقدم الشرقي أولاً، فقد كان الفريق الأخضر متماسكاً لأبعد الحدود وتعامل مع المجريات كما يجب ولذلك سجل التعادل وأتبعه بالثاني ليعلن أنه الأحق بإحراز المركز الثالث والظفر بالميدالية البرونزية التاريخية.
الأفراح في أرضية الملعب بعد المباراة وعلى المدرجات وفي غرفة الملابس وفي طريق العودة ثم في قرية المالكية لم تكن (مصطنعة) أو معداً لها، بل اتمست بالبساطة والعفوية، فترى الصغير والكبير والأب والولد واللاعب والإداري والمدرب والجماهير ومجلس الإدارة، الكل يحتضن الآخر، الكل يُقبل الآخر، الكل يُبارك للآخر، إذاً هي الروح التي يتميز بها الملكاويون عن غيرهم، هو القتال الذي قلما نجده في الغير، صحيح الإمكانيات المادية شحيحة في النادي مقارنة بالبقية، ولكن المالكية لديها ماليس لدى الآخرين، وهذا سر من أسرار النجاح!.
عندما تتحدث مع المدرب أحمد صالح الدخيل قبل مباراة الرفاع الشرقي الأخيرة بأيام عن أهمية ذلك اللقاء فيجيب "وصلت أهمية المباراة لدى الملكاويين إلى أنك لو تتكلم مع الجدران هناك فسيجيبونك عن أهمية النقاط الثلاث والوصول للمركز الثالث"، إذ حينها تدرك مدى الشغف الكبير بكرة القدم في هذه القرية وحُب الوصول لأفضل الانجازات الكروية رغم تواضع المدخول والإمكانيات، وفعلاً تعرف إن هنالك عملاً في هذا النادي، بل في هذه القرية ككل، فلولا كل هذا الدعم الذي يلقاه الفريق من كل شخص في القرية لما وصل الفارس إلى ماوصل إليه!.
في مشواري الإعلامي المتواضع، عايشت العديد من أفراح الفرق المحلية بإحراز الانجازات والبطولات، ولكن عندما ترى وتُعايش فرحة من هذا النوع لهذه الأندية المُكافِحة ينتابك احساس من نوعٍ آخر، لا أعني هنا إن الأندية الأخرى لاتستحق ماوصلت إليه، ولكن القصد إن الفرحة حينما تكون من رحم المعاناة ومن الحفر على الصخر تكون مُختلفة تماماً ويكون طعمها ألذ!.
المالكية قرية بشغفٍ كروي كبير دائماً ماولدت لنا نجوماً تاريخيين يتذكرهم الجميع، وصالوا وجالوا في منتخباتنا الوطنية وأنديتنا المختلفة بإمكانها الوصول لأبعد مما وصل إليها فريقها الكروي هذا الموسم بشرط الابتعاد عن ضغوطات البقاء بين أندية الكبار، فمتى ما ارتدى اللاعبون شعار المنافسة والنظر للأمام وتخلصوا من جلباب اللعب من أجل البقاء فقط فبإمكانهم التخلص من كل الضغوطات، وحينها من المُمكن أن نُشاهد المالكية على منصات التتويج سعيداً ليس بالميدالية البرونزية مثل هذا الموسم فحسب، بل بالذهب، ومن لايعشق الذهب؟!.