هل أنت من محبي الشاي والقهوة؟ تعرف على رحلة انتشارهما في العالم
الوسط - محرر منوعات
منذ قرابة ستة قرون ومن وعورة الجبال وتحت زخات المطر انطلقا، القَهْوَةُ والشَّاي، ليبدأ السباق من أجل الوصول إلى مفاتيح ضبط مِزاج العالم، ويُصبحا من أكثر المشروبات شعبيةً، والتي تتحكم بجزء مهم من اقتصاد العالم ، وفق ما ذكر موقع هافينغتون بوست عربي اليوم الأحد (15 مايو / أيار2016).
يؤثر المشروبان في ملايين البشر يومياً على اختلاف ألوانهم وثقافاتهم ومستوياتهم المعيشية، ويحتلان المرتبة الثانية في الأهمية بعد الماء.
يحتسي العالم البالغ تعداد سكانه 7.3 مليار نسمة، حوالي 5 مليارات من أكواب القهوة والشاي يومياً، منها 1.5 مليار كوب من القهوة.
ويستأثر الفنلنديون ومعهم شعوب الدول الاسكندنافية بالقدر الأكبر منها في ليلهم الطويل، يليهم الأوروبيون والأميركيون، وعربياً تأتي لبنان والجزائر ودول الخليج في مقدمة مستهلكي القهوة.
أما الشاي، فيُشرب منه 3.5 مليار كوب يومياً، يتقدم الأتراك العالم باستهلاك 245 مليون كوباً منها يومياً، متقدمين على البريطانيين الذين يستهلكون 78 مليون كوب يومياً.
أما عربياً فيأتي المغاربة في المقدمة، يليهم المصريون ودول الخليج (السعوديون وحدهم يستهلكون 19 مليون كوب من الشاي يومياً).
كما هي الحال في أي اكتشافات كبرى في تاريخ الإنسانية، يبدأ تاريخ القهوة بحكايةٍ أسطورية؛ فهذا الراعي اليمني، الذي كان يرعى أغنامه في جبال كافا Kaffa الإثيوبية الوعرة، ويُنسب له الفضل في اكتشاف سرّ تلك الثمار اليانعة منذ القِدم، لم يكن يخطر بباله ما سيحدثه اكتشافه من ثورة في مزاج البشرية، عندما دفعه فضوله لمعرفة سر ابتهاج خِرافه وانتعاشها كلما قضمت من هذه الثمار، قبل أن يمضغها ويلمس عتبات النشوة.
ومن الساحل الأفريقي انتقلت حبوب البن المبهجة إلى اليمن لتزدهر في جباله الخضراء، وتكتسب من نسائم ميناء المخا على ساحل البحر الأحمر، مزيجاً مُحيراً من عبق الكاكاو والفواكه والتوابل، وتأخذ اسماً جديداً هو “الموكا”.
بعدها، انتشر شرب القهوة في الحجاز ودمشق والقاهرة، ثم القسطنطينية، ومنها إلى أوروبا، التي سحبت بساط القهوة من تحت أقدام الإمبراطورية العثمانية، بزراعتها البن في مستعمراتها في آسيا وأميركا الجنوبية.
ولم ينتصف القرن الـ 19 حتى تربعت البرازيل على عرش البن في العالم.
تعتبر القهوة ثاني أعلى سلعة متداولة في العالم بعد النفط، وقُدّرت القيمة الإجمالية لهذا القطاع في العام 2012 بنحو 173.4 مليار دولار وفقاً لمنظمة البن العالمية.
وقدَّرت وزارة الزراعة الأميركية الإنتاج العالمي من القهوة في العام 2014، بنحو 149.8 مليون كيس، وهو ما يساوي 9 ملايين طن تقريباً.
وهناك أكثر من 70 بلداً منتجاً للبن في العالم، تتقدمها قائمة لكبار المصدرين العالميين لهذه السلعة كالبرازيل وفيتنام وإندونيسيا وكولومبيا وإثيوبيا والهند والمكسيك.
وتُعد القهوة المشروب الغالب في الدول الغنية المتقدمة كالاتحاد الأوروبي وأميركا وكندا واليابان، إلا أن أميركا هي أكبر مستهلك للقهوة في العالم بنسبة 45%، أما الدول الاسكندنافية فهي أكبر المستهلكين من القهوة للفرد في العالم.
لم يبلغ استهلاك القهوة في العالم الحد الذي بلغه في السنوات الـ 20 الماضية، وقد سجل ارتفاعاً في الاستهلاك بنسبة الضعف، حسبما أعلن مدير المنظمة الدولية للقهوة روبيرو اوليفيرا لوكالة الصحافة الفرنسية.
وتشير الإحصاءات إلى أن استهلاك القهوة يتصاعد في منطقة الشرق الأوسط، فحسب غرفة التجارة العربية البرازيلية زادت نسبة شحن القهوة من البرازيل إلى الدول العربية بنسبة 75% في النصف الأول من العام الماضي، مقارنة بالفترة ذاتها من العام 2013، لتبقى القهوة هي سمراء العالم المحظوظة المُدللة.
يختلف تاريخ الشاي عن تاريخ القهوة؛ فهو أقدم عهداً بكثير من القهوة، ومسيرة انتشاره كانت أبطأ. فمن الصين انتقل الشاي إلى اليابان في القرن الـ 7 الميلادي وبقي محاصراً في شرق آسيا حتى القرن الـ 10 الميلادي إلى أن عرفه العرب. أما الأوروبيون فلم يسمعوا بالشاي إلا بعد العرب بنحو 6 قرون من رحالتهم الشهير ماركوبولو.
بقي الشاي مُنتصراً على القهوة حتى القرن الـ 20 في الشرق الأقصى وبعض البلاد العربية وتركيا وإنكلترا، رغم وصول الشاي والقهوة إلى أوروبا في عصر واحد.
إلا أن الشاي وصل إلى إنكلترا بعد القهوة بعشر سنوات، وكان ظهوره على استحياء في مقهى توماس غارواي سنة 1660، حتى أغرقت شركة الهند الشرقية إنكلترا بـ 10 ملايين رطل من الشاي في العام 1768، لتكرّس الدوقة آن أوف بدفورد بعدها عادة شرب شاي الخامسة مساءً.
افتتح بعدها هنري شارلز هارود محلاً للبقالة، سرعان ما تحول إلى أحد أشهر المتاجر الكبرى في العالم. تلاه توماس ليبتون الذي أدخل تجارة الشاي في متاجره الـ 300 في العام 1890، وتُصبح إنكلترا البلد الأوروبي الوحيد الذي انتصر فيه الشاي على القهوة.
الشاي.. 3 آلاف نكهة
بلغ الإنتاج العالمي للشاي العام الماضي وحده نحو 5.2 مليون طن، يستهلك الشرق الأوسط منها ما يعادل 4%.
تنبت شجرة الشاي في المناطق الاستوائية وشبه الاستوائية، وتُهدي للعالم نحو 3 آلاف نكهة مختلفة، لكن أفضل أنواعها هو ما ينبت في المرتفعات، كما في دارغيلنغ شمال شرق الهند، التي تُنتج واحداً من أغلى أنواع الشاي في العالم.
وتتصدر الصين والهند وسريلانكا قائمة الدول المنتجة للشاي في العالم بنسبة 70%. وارتفع استهلاك الشاي في المنطقة العربية أكثر من 3 أضعاف خلال العقد الماضي، مع تسجيل دولة الإمارات وحدها زيادة قدرها 85% خلال السنوات الثلاث الماضية.
والشاي أنواع وألوان، فمنه الأسود والأخضر والأبيض، والبرتقالي الهولندي، والذهبي الناعم. ويُشرب الشاي في بعض البلدان بمفرده أو مضافاً للحليب أو بعض النكهات مثل النعناع والقرنفل والهيل والقرفة وغيرها حسب الذوق والرغبة.
وقد يكون المصريون أكثر من دَلَّلوا الشاي بتسمياتهم الطريفة له، فمنهم من يطلبه كشري، ومنهم من يفضله في الخمسينة على ميه بيضا، أو بوسطة أو طيارة أو ميزة. أما في الشام فيكفيك أن تقول: “أكرك عجم” لتحصل على أجود كوب شاي، أما الأتراك فعندهم الحياة دون الشاي بلونه الياقوتي الأحمر، كالليل دون قمر.