العدد 4999 بتاريخ 14-05-2016م تسجيل الدخول


الرئيسيةثقافة
شارك:


قصة قصيرة... اللقاء

قصة قصيرة - أبرار محمد جعفر الوداعي

 أمامَ المرآة... شدَ ربطةَ عنقه... أمسكَ معطفه بيديه... انحنى يميناً وشمالاً يتأمّلُ أناقته.

توقفَ... أبحرَ بخياله... تنفسَ بعمق، فقد حان موعدُ اللقاء.

ابتسمَ بغرور ورشَ عطره... همّ بالخروج ولكن... استوقفه ابنه التوأم ذو العامين يشكو أخاه، فما كان منه إلا أن دفعهُ بقوة فسقطَ على الأرض، وبغضبٍ شديد، صرخَ في وجهه:

"أيها الغبي"! فهلّت مدامعه.

جاءت أمهُ تحملُ ابنتها الرضيعة، وبملامحِ التعبِ الباديةِ عملت على تهدأة الموقف، وبنبرةِ خوفٍ متقطعة سألت: "هل أطبخُ العشاءَ دجاجاً أم لَ".. فقاطعها غاضباً: إياكِ والروائح الكريهة".

خرجَ وصفعَ البابَ بعنف... مشى خطوات... تذكر... وابتسم.

توقفَ عند بائعِ الزهور... اختارَ وردةً حمراء... ركبَ سيارةَ الأجرة، "الى ساحلِ الأحلام" قال للسائق.

سرحَ بفكرهِ بعيداً، فلم ترَ العينُ أجملَ من زرقِ العيون... بيضاءَ ذات شعرٍ أسود...

جميلة هو اسمها... و الاسمُ على مُسماه... هكذا تراءت صورتها.

ستةُ أشهرٍ مضت والقلبُ مشغوفٌ ولهان... بينَ الواتساب والانستغرام يتنفسُ عبقَ العشقِ والهيام.

فجأة، يخيمُ شبح زوجته وأولاده... إنه السرُ الذي أخفاه... ولكن حلاوةَ العشقِ حتماً ستنتصر... وانتبهَ لسائقِ السيارةِ يخبرهُ بالوصول.

هنا اللقاء... على الكرسي حيثُ الشجرة العملاقةِ المطلةِ على الساحل.

قبلَ الموعدِ وصل، لكنه فضلَ الجلوسَ بعيداً. حاولَ أن يغمضَ عينيه... أن يرسمَ لوحةَ الجمال... حاولَ.. وحاولَ ولم يستطع.

نبضات قلبه تتراقص... الحلمُ اقترب... تأمل في وجدانه... تخيَّلها بقامةً ممشوقة قد أقبلت تترنحُ في دلال... حوريةٌ هي... كلها الحسنُ... تمشي بخجلٍ.

التفتَ إلى الأفق... خيوطٌ ذهبيةٌ تتلاشى وراءَ الأمواج... شفقٌ أحمرٌ يحتضنُ البعيد... فقد حانَ موعدُ اللقاء..

العلامةُ... كرسيٌ أحمر... ولكن من تلكَ الغريبة التي تتجه نحوَ الشجرة؟!

حملَ هاتفهُ بانفعال... سبقتهُ حبيبته برسالةٍ نصية "في شوقِ اللقاء"... قصدَ الغريبةَ في خطواتٍ متبعثرة... وقفَ أمامها في ذهول... نظرَ إليها ونظرت إليه... سقطت الوردةُ من يده... واختنقا بعبرتهما.

العينُ ذات العين... ولكن جميلة كانت بكرسيها الأحمر لذوي الاحتياجات الخاصة... هكذا انتهت رحلةُ العشقِ مع غروبِ الشمسِ وحلولِ الظلام.



أضف تعليق



التعليقات 6
زائر 1 | ملاحظة 12:07 ص سرد جيد ولكن
الكاتبة قدمت ما هو خلاف الطريق الصحيح بدأ من المعاملة السيئة مع الابن والزوجة والغرام الفاسد الذي يعاني منه المجتمع في الوقت الحالي.
الأمر الآخر أن المفتون بحرارة اللقاء هلت عبراته عندما تفاجأ بأن المغرم بها من ذوي الاحتياجات الخاصة...
يعني أن الحب انتهى بعلمه بذلك
الحب لا يفرق بين اي كان مع ان الكل خلق الله ولا فرق بين الخلق رد على تعليق
زائر 2 | 7:39 ص قصة بدون هدف رد على تعليق
زائر 4 | 4:37 ص التشويق جميل في القصه ولكن !!! ماالهدف؟ رد على تعليق
زائر 5 | 6:58 ص قصة جميلة.. والهدف بنظري واضح.. وهو ان النتائج لا تأتي دائماً كما تتوقع رد على تعليق
زائر 6 | 7:35 ص قصة جميلة جدا ورائعة ❤ رد على تعليق
زائر 7 | 2:22 م قصة تحكي واقع مرير مع انتشار مواقع التواصل الاجتماعي فيلجأ البعض للهروب من واقع ضغوط العائلة أو المرض عبر علاقة وهم زائفة تنتهي باكتشاف كل طرف بكذب الآخر.. رد على تعليق