"لائحة الانضباط الطلابي" هي هل رادعة لضبط سلوك الطلاب المخالفين أم لوحة تعلق لتزيين الجدران؟
في أي خبر تنشره الصحف المحلية عن قضية ضرب مدرس لطالب، عادةً ما يختتم الخبر بالقول بأن وزارة التربية والتعليم أوجدت لائحة الانضباط الطلابي، ويمكن للمعلم اللجوء لهذه اللائحة لإيقاع العقاب عوضاً عن أسلوب العقاب البدني. وفي إيراد الخبر بهذه الصورة لوم بشكل واضح للمعلم لعدم لجوئه إلى الأساليب القانونية لحل المشكلات السلوكية.
وعلى رغم ما يمكن أن يُورَد على اللائحة الطلابية من ملاحظات، إلا أنه هل يا ترى تابع من ألقى اللوم على المعلم مدى تفعيل اللائحة الطلابية في مدارسنا الحكومية؟ هل فكّر أحد بمن فيهم وزارة التربية والتعليم أن انتشار حالات العقاب البدني وعدم توقفها قد يعود إلى عدم تنفيذ اللائحة الموجودة بما فيها من علات؟
إن الواقع المعاش في المدارس الحكومية ومن خلال تجارب العديد من المدرسين، ولّد لدي قناعةً بأن اللائحة المذكورة لا تعدو في أقصى حالاتها أن تكون لوحة جدار لتزيين واقع ما، وإلا فإن الواقع يشهد بوجود اللائحة شكلاً فقط.
قد يشهد أي معلم في مدارس البحرين حالة اعتداء لفظي أو جسدي من قبل طالبٍ ما، وفيما تنصّ اللائحة على عقوبة إيقاف الطالب لمدة 3 إلى 5 أيام، وهي عقوبة بسيطة أمام حجم الجرم، وعندما يطالب المعلم بحقه في تنفيذ اللائحة يجابه بالصمت والتجاهل من قبل الإدارة المدرسية، و قد يطلب منه صراحةً التغاضي عن القضية. وأكاد أجزم أن الغالبية العظمى من مدارس البحرين إن لم يكن كلها، على هذه الشاكلة.
ويرجع البعض سبب تصرف الإدارة المدرسية هذا إلى أن الإدارة تخشى من قيام ولي أمر الطالب الذي ستطبق عليه اللائحة بالشكوى عليها لدى الجهات المختصة بوزارة التربية والتعليم، ويرجع البعض الآخر السبب في ذلك إلى أن الإدارات المدرسية دائماً ما تسعى لتحسين صورتها أمام الوزارة، وإعطاء صورة وردية عن الواقع وهي تسعى بذلك إلى إظهار الواقع المدرسي بأنه خالٍ من المشاكل، وأن الأمور تسير على أحسن ما يرام، وأن الأمور تتم السيطرة عليها بدون اللجوء إلى تطبيق أي بند من اللائحة!
ويقال أن هناك اتصالات من قبل جهات في وزارة التربية وردت لجهات مسئولة في المدارس، طالبت بإيقاف تطبيق اللائحة بحق طلاب تم إيقافهم بناء على البنود الواردة في اللائحة، ويعود تبرير الجهات المتصلة إلى أنه يجب أن يعطى الطالب فرصةً مرةً أخرى، وأنه لا يجوز بأي حال من الأحوال حرمان أي طالب من التعليم، وهذا الأمر واضح الدلالة تماماً على مخالفة هذه الجهات - إن صح النقل – لقانون وضع من قبل وزارة التربية ومذيّل بتوقيع سعادة وزير التربية.
طبعاً عدم تطبيق اللائحة هذا سيؤدي إلى استفحال المشاكل داخل الصف المدرسي لعدم وجود رادع بحق الطلبة المخالفين، ومن ثم ازدياد المشاكل السلوكية وحتى تجرؤ الكثير من الطلاب على إهانة المعلم لمعرفتهم بعدم وجود ما يردعهم، ومن ثم فإن عملية التعليم والتعلم ستسقط فعلاً إذا ما تم سقوط مكانة المعلم واحترامه.
ختاماً أوصي جميع الصحف وجميع من هم خارج الأسوار المدرسية، قبل أن يلقوا اللوم على المعلم لعدم اتباعه الإجراءات القانونية بحق الطلبة المخالفين، أن يقوموا بحالة استقرائية لمدارس البحرين للحالات التي تم فيها فعلاً تطبيق لائحة الانضباط المدرسي بحق الطلبة المخالفين، وسيرون العجب العجاب. وحريٌّ بلجان الجودة المشكّلة لمتابعة جودة التعلم أن تتفرغ لمتابعة آليات ضبط السلوكيات غير السوية بدلاً من التركيز على جودة التعليم داخل الصف، لأن جودة التعليم لا تتحقق إلا بعد ضبط السلوك، فهل سنشهد يوماً ما ستطلب فيه وزارة التربية من إدارات المدارس تقارير بشأن إجراءاتها لضبط السلوك في المدارس؟
يوسف