شاهد الصور... جيوش أجنبية تتدرب على القتال في بلدة بشمال فرنسا
سيسون - أ ف ب
في جوفريكور المقفرة في شمال فرنسا، تنفجر قنبلة دخانية في الجو تتبعها طلقات من رشاشات ثقيلة قبل ان يظهر ستة جنود فجأة في عملية اقتحام مبنى وهمية في البلدة التي تحولت مركزا فريدا في اوروبا للتدريب على حرب الشوارع.
ولم تدرج على اي خارطة، هذه البلدة بسكانها البالغ عددهم خمسة آلاف نسمة في قطاع لين وصيدليتها ومحطة القطارات التي لم يعد يتوقف فيها اي قطار وتقع في منطقة عسكرية في ريف منطقة بيكاردي. وهي المكان الوحيد في اوروبا للتدرب على قتال المدن ويستقبل جيوشا من جميع انحاء العالم.
وسنويا، يتدرب حوالى 22 الف جندي عشرة بالمئة منهم اجانب، في "مركز التدريب على العمليات في المناطق السكنية" (سينزوب - كتيبئة المشاة الرابعة والتسعون) في معسكر سيسون الذي اصبح معبرا الزاميا قبل التوجه الى اي ميدان للقتال في الخارج.
كل الاسلحة في التدريب حقيقية لكن الرصاص ليس كذلك، وكل التجهيزات والمعدات والآليات والجنود مزودة بلاقطات تسمح بمحاكاة الاضرار التي تحققت.
وقال اللفتنانت غيوم الذي لم يكشف اسمه الكامل وينتمي الى الكتيبة الاولى السباهية لفالانس التي ستتوجه اعتبارا من حزيران/يونيو الى جمهورية افريقيا الوسطى، لوكالة فرانس برس "هنا نستعد لكل شئ في كل بيئة تفوق الواقع. انها تشبه قليلا لعبة الليزر -- بجروح متفاوتة الاهمية للاقتراب من الواقع قدر الامكان".
وعند صدور اقل "تنبيه" يدل على اصابة جندي، يعالج الفريق الجريح ويقوم باخراجه من ميدان القتال. وفي حال الاصابة القاتلة يبقى الجندي الذي يرتدي سترة ظهرها اصفر اللون، ممددا حيث "سقط".
ويقول قائد الماني لمجموعة صغيرة من "ثلاثة جرحى اصاباتهم خطيرة" انه "لا مزاح في الحرب". ويضيف "لم تفكروا مليا قبل ان تهاجموا بهذا الشكل! هذا ما كان سيصيبكم لو لم يكن إطلاق النار وهميا".
اسلحة ثقيلة
وفي هذا المركز، كل السيناريوهات يمكن ان تنفذ في الليل كما في النهار، من الاستيلاء على مبان باستخدام اسلحة ثقيلة او تامين حماية لمستشفى او تطويق تظاهرة صغيرة....
والاربعاء، كان على 190 رجل من كتيبة المشاة في فرقة ساربور الفرنسية الالمانية تدعمهم دبابات وآليات مدرعة، استعادة وسط مدينة جوفريكور من "القوة المعادية" المكونة من نحو مئة عسكري من المركز يؤدون دور "الاعداء".
وبعد ثلاث ساعات من المعارك الطاحنة، تمكن رجال كتيبة المشاة من الانتقال من المطعم الى قاعة التدريب الرياضي وهم يصفون الخصوم من القناصة الذين يقدمون لهم دعما لوجستيا، "لتسقط" البلدية بيدهم اخيرا.
وقال الكابتن غريغوري المشرف على القوات خلال التدريبات التي استمرت ثلاثة ايام "انها عملية جيدة لدينا عدد قليل من الجرحى هذه المرة".
وفكرة اقامة مركز التدريب هذا ولدت بعد حرب كوسوفو (1998-1999) التي تخللتها معارك في مناطق ذات كثافة سكانية عالية. وتم افتتاح المركز في 2006.
فريدة من نوعها في اوروبا
وقال الكومندان لوران أحد المدربين في الموقع ان "ارسال قوة الى منطقة عمليات وعدم التفكير في دخول المدينة امر يتسم بالحساسية اليوم. مناطق السكن تتطلب تدريبا خاصا للسيطرة بشكل أفضل على مكان كل شىء فيه يبلغ حده الاقصى".
وبالفعل، يعيش 54 بالمئة من سكان العالم اليوم في مناطق مدينية وهي نسبة يفترض ان تتجاوز 66 بالمئة في 2050 حسب الامم المتحدة.
ودورات التدريب التي تقدم في معسكر سيسون بحجمها وواقعية محيطها، المحجوزة مسبقا لعام ونصف العام، تثير اعجاب الجيوش الاجنبية وخصوصا البريطانية والكندية والاميركية والبلجيكية والالمانية.
وقال قائد الماني طلب عدم كشف هويته "ليست المرة الاولى التي آتي بها الى هنا مع قواتي. لدينا مراكز مماثلة في المانيا لكن +سينزوب+ يبقى فريدا في اوروبا بحجمه وواقعيته وهذا هو الافضل في مجال التدريب على القتال في المدن".
وقبل فتح هذا المركز في فرنسا، كان معسكر التنغراباو القاعدة العسكرية السوفياتية السابقة في غرب برلين، الوحيد في اوروبا الذي يمكنه استقبال انتشار عسكري واسع في منطقة سكنية.
ويؤكد القائد الالماني انه يستفيد في جوفريكور من "أفضل تدريب في السنة بظروف واقعية وفي ميدان جديد بالنسبة لقواته".