تبرعات الكويتيين تبحث عن «الأخيار لا الأشرار» في سورية
الوسط – المحرر الدولي
قافلةٌ وحملة، وطابور طويل من المتبرعين «لدعم سورية»، بالأمس كان كويتيون يجهزون رجالاً للقتال هناك، واليوم الكويتيون واقفون لا يزالون على «خط الخير» فيما الأزمة السورية تجاوز عامها السادس، و النار... تشتد. لكن خط النار على حدود «داعش» أشعل جدلاً آخر: «هل يضل الدعم الكويتي طريقه فيتجه إلى الأشرار بدلاً من الأخيار؟!» ، وذلك وفق ما نقلت صحيفة "الراي" الكويتية السبت (7 مايو / أيار 2016).
تصريحٌ للنائب السابق جمعان الحربش كان كما الدُخان فوق نار؟! عضو حركة «حدس» السياسية الإسلامية عبّر عن خوفٍ شعبي على مصير التبرعات الخيرية من خلال دعوة الحكومة الكويتية حصراً إلى «فتح باب التبرعات لنصرة أهل الشام».
النار زادت حطباً كما يبدو في تصريحات الإسلاميين أنفسهم التي تكشف الشكوك الشعبية، في حين تبلغ الأزمة السورية حد المأساة. فإذاً، أين السبيل للتأكد من شفافية العمل الخيري ؟! يتساءل كويتيون الآن تحت شعار «حلب تُباد».
الحملاتُ المنظمة كويتياً لتجهيز المقاتلين استقبلت شباباً سوريين وأعدتهم قبل إرسالهم إلى ميادين الحرب في بدايات الأزمة السورية. اللجان التطوعية الكويتية نشطت هناك في لبنان، كما في الأردن المجاورين لسورية. إحدى الحملات عنوانها «حملة الكويت الكبرى لتجهيز 12 ألف غاز في سبيل الله» بتزكية كوكبة كبيرة من المشايخ والدعاة والناشطين، وأخرى كانت باسم «النفير لدعم المجاهدين في سورية» ووراء الحملتين كان «مجلس الداعمين للثورة السورية في الكويت» الذي ضم مشايخ دين ونشطاء ونواباً سابقين.
والمساندة الكويتية الأهلية وصلت حد إعلان ستة من الفصائل العسكرية الكبرى في سورية إنشاء «غرفة عمليات رئيسية لإسقاط النظام السوري» بدعم كامل من «مجلس الداعمين للثورة السورية في الكويت» في سبتمبر من عام 2013، لكن الحملتين أثارتا في حينه جدلاً وصل حد السؤال البرلماني الذي قدمه النائب صالح عاشور إلى وزير الداخلية الشيخ محمد الخالد، استفساراً عن الإطار القانوني لهما ليرد عليه الخالد بأن «لا توجد نصوص قانونية تجرم الحملتين»، موضحاً أن الحملتين قصدتا «إهاجة المشاعر»، وأنه لا يمكن تجريمهما دون سند من القانون.
وزيرة الشئون الاجتماعية والعمل هند الصبيح خاطبت بدورها في أكتوبر من عام 2015 وزارة الداخلية في شأن مخالفة مركز «وذكر» في شأن دعوته للتبرع لسورية، طالبةً من «الداخلية» اتخاذ الإجراءات القانونية في هذا الخصوص. وكانت الصبيح ترد على سؤل برلماني آخر للنائب صالح عاشور بعد «رصد حملة بوسائل التواصل الاجتماعي باسم حملة النفير لدعم المجاهدين في سورية»، والإشارة من خلال الإعلانات عن مقر جمع التبرعات.
غير أن الحملتين تقعان بحسب الرسميين في الدولة تحت طائلة «قانون تنظيم الترخيص بجمع المال للأغراض العامة والمعمول به اعتباراً من عام 1959. والتي رأت أنه لا يجوز للافراد أو الجماعات جمع التبرعات من الجمهور بأي وسيلة كانت بغرض إنفاقها في أحد وجوه البر أو النفع العام أو مساعدة المنكوبين في الكويت أو في البلاد العربية الشقيقة أو الأعمال الأهلية للخدمة العامة، إلا بعد الحصول على ترخيص سابق من دائرة الشؤون الاجتماعية والعمل قبل بدء الجمع بشهر على الأقل».
ومع ظهور تنظيم «داعش» وإعلان المجتمع الدولي تحالفاً ضده بمشاركة الكويت، غدا الحديث عن تسرب الدعم الشعبي الكويتي إلى غير المقاتلين المعتدلين في سورية عنواناً لجدل دائر.
لكن الجدل امتد إلى سياسيين من التيار الإسلامي ذاتهم، كما بيّن تصريح عضو الحركة الدستورية الإسلامية الدكتور جمعان الحربش، الذي دعا الحكومة إلى فتح باب التبرع ما أبرز أن الحكومة هي الضامن لوصول المساعدات إلى المستحقين.
وفيما وصلت الخشية إلى أعضاء الحركات الإسلامية التي دعم أعضاؤها جمع التبرعات لسورية في الماضي، تركت ديوانيات مفتوحة لجمع التبرعات بلا حضور.
والجدل المستمر أفضى اليوم إلى رفض وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل طلباً لجمعية الإصلاح الاجتماعي بتنظيم وقفة تضامنية مع الشعب السوري في الجهراء تحت عنوان «سورية تحترق وحلب تُباد» وذلك تطبيقاً لقانون يمنع تدخل الجمعيات والهيئات الخيرية في العمل أو التطرق إلى أي شأن سياسي محلي أو خارجي، كما صرح المسؤولون.
وبينما طال الحذر الحكومي الندوات والوقفات الاحتجاجية، حتى غير المتضمنة جمع التبرعات، حذر الجميع من أياد خفية قد تجر تبرعات الكويتيين إلى جهات متشددة دعماً لأعمال إرهابية تمت إدانتها عالمياً.
والكويتيون إذ ينظمون وقفات للتضامن مع سورية «باعتبارات محض أخلاقية وإنسانية» يعبرون عن القلق من توسع النشاط الإرهابي الداعشي وسواه، في حين يبدو الإرهاب قضيةً أخرى ملحة، ليمسي المشهد الكويتي منقسماً بين رغبةٍ في مد يد العون كما سبق، وبين خوف من إمداد محتمل بالمال والعتاد لجماعات على قوائم العالم الإرهابية. ولا يزال مواطنون يتساءلون باهتمام اليوم عن إمكان الوثوق في إعلاناتٍ للخير تنشط مع ارتفاع موجات العنف ضد الشعب السوري وغيره، في وقت تنشط فيه أيضاً أطياف إرهابية خطيرة.