رعاية الأحفاد .. فرص وظيفية مضمونة لربات المعاشات
الوسط – محرر المنوعات
بعد أن أصبح أطفال تريسي كوسواي مراهقين، تطلعت إلى إعادة تأسيس حياتها المهنية في المحاسبة: حيث زادت أيام العمل من يومين في الأسبوع إلى خمسة ، وذلك وفق ما نقلت صحيفة "الاقتصادية" السعودية اليوم الخميس (5 مايو / أيار 2016).
وكما تقول "اعتقدت أن الفتيات كبرن وأنه آن الأوان لأتصرف دون عوائق". عندما رزقت ابنتها البالغة من العمر 23 عاما بمولود منذ 19 شهرا، خفضت السيد والسيدة كوسواي أيامها مرة أخرى للمساعدة على تربية حفيدها.
والآن السيدة كوسواي، التي تتخذ من بريستول مقرا لها في جنوب غرب إنجلترا، تجد نفسها تحاول التوفيق بين العمل والأسرة مرة أخرى في الوقت الذي كانت تتوقع لحياتها المهنية والمالية أن تزدهر. وقالت "هناك المزيد من الضغوط على المواعيد النهائية للتسليم التي نحتاج أن نلتزم بها. لم أكن أتوقع أن أفعل ذلك الآن". وهي مندهشة جدا من الشعور بالذنب الذي تشعر به حول العمل، وقلقة من عدم إعطاء شركتها الوقت الذي تستحقه من الجهد.
على الطرف الآخر من العواطف المتأرجحة، تشعر بالامتنان للوقت الذي تقضيه مع حفيدها وتفخر بالصلة الخاصة الموجودة بينهما. تقول إنه دون مساعدة منها فإن ابنتها لن تكون قادرة على مواصلة دراستها ووظيفتها في البنك، ودفع مصاريف وضعه في الحضانة لبضعة أيام.
وتقول "مراكز رعاية الطفل مكلفة جدا. ابنتي تحاول بناء مستقبل مهني لنفسها. نحاول جميعا أن نوفق بين جميع النشاطات". يمكنها أن ترى ذلك يزداد صعوبة عندما يدخل حفيدها المدرسة.
شعورها بالذنب حول الحاجة إلى مرونة العمل قد تم تقليصها إلى حد ما، كما تقول، لأن رئيستها إنسانة متعاطفة. ويجدر بها أن تكون كذلك. لأن كلير وود، صاحبة عمل السيدة كوسواي والمؤسسة المشاركة لترافيل شافل، متاجر التجزئة للملابس على الإنترنت، تعتمد هي نفسها على والديها لرعاية ابنها يومين في الأسبوع، وأخذه من الحضانة بانتظام.
"عندما تكون لديك شركة خاصة بك لن تكون لديك ساعات عمل محددة... ليست لدي فكرة عما كنا سنفعله لولا وجود أمي وأبي".
الثورة التي أدت إلى إطالة الأعمار والضغوط المالية على المعاشات التقاعدية تعني أن الذين هم في الخمسينيات والستينيات وحتى الثمانينيات من العمر قد يجدون أنفسهم ليس فقط يعملون لمدة أطول ولكن أيضا يحاولون إرضاء الأطفال الصغار - وهذه المرة أحفادهم - وإغراءهم للجلوس في العربات مع إبقاء أعينهم أيضا على رسائل البريد الإلكتروني الخاصة بالعمل. ويدفع في هذا الاتجاه ارتفاع عدد الأسر التي يعمل فيها كلا الوالدين فضلا عن مراكز رعاية الأطفال الباهظة التكاليف على نحو متزايد.
وفقا لبحث أجري في عام 2014 من قبل معهد ايبسوس موري، 14 في المائة من الأجداد في المملكة المتحدة يقولون إنهم خفضوا ساعات العمل، أو تخلوا عن وظائفهم أو أخذوا إجازة سنوية أو مرضية لرعاية حفيد. وكانت حالات الأجداد الذين استنفذت طاقتهم بشدة قد أصبحت شائعة جدا في إسبانيا الأمر الذي أدى بالنقابات هناك في عام 2010 إلى حثهم على رفض الاستمرار في العمل والإضراب ضد رعاية الأطفال.
في ألمانيا، يمكن للوالدين نقل إجازة الأبوة إلى أحد الأجداد في بعض الحالات، ويحق للأجداد العاملين أخذ إجازة لمدة تصل إلى 10 أيام مدفوعة الأجر لرعاية حفيد في حالات الطوارئ.
أخيرا، أعلنت الحكومة البريطانية خطة لتغيير قواعدها حول إجازة الأبوة والأمومة، حيث سيتمكن الآباء من نقل بعض أيام الإجازات المدفوعة الأجر إلى أحد الأجداد. توسعت أخيرا المزايا في نظام معاشات الدولة لتشمل الذين عليهم رعاية أحفادهم بشكل منتظم، وهو اعتراف بحقيقة أنه يمكن أن يكون لذلك تأثير كبير على مدخرات التقاعد.
بنك سانتاندر، تحسبا لهذه التغييرات المقررة، يقدم إجازة للأجداد في السنة الأولى من قدوم الحفيد.
في أستراليا، يقدم بنك وستباك إجازة تصل إلى 52 أسبوعا غير مدفوعة الأجر للموظفين الذين يعتبرون الرعاة الرئيسين للحفيد حتى عيد ميلاده الثاني. أما هيرتيج، بنك أسترالي آخر، فيقدم إجازة للموظفين لرعاية الأحفاد وكذلك لرعاية الأقارب المسنين.
في البلدان ذات الكثافة السكانية التي تتسم بالشيخوخة، قد يتم سحب الأجداد في القوى العاملة في كلا الاتجاهين - رعاية الأطفال والأقارب المسنين.
كمثال على هؤلاء الأشخاص نذكر ديبورا إجيناس، مديرة الاتصالات في برايت هوريزون، الشركة الأمريكية لتزويد رعاية الأطفال. الجدة، التي يوجد مقرها في شرق ميدلاندز في انجلترا، لديها مجموعة متنوعة من الضغوط العائلية على وقتها، واستخدمت خدمات الرعاية الطارئة لأمها، التي تعيش على بعد ساعتين منها. "تحقيق التوازن بين رعاية الأطفال وبين التزامات عملي ورعاية والدتي التي تبلغ من العمر 84 عاما عن بعد، وهي لحسن الحظ تعتمد على نفسها كثيرا، يمكن أن يشكل تحديا من وقت لآخر... إن ابنتي وأمي سوف تعانيان من دون الرعاية التي أقدمها لهما".
ايمي غوير خبيرة الأسرة والشيخوخة الخبير في AARP، التي كانت سابقا الرابطة الأمريكية للمتقاعدين، تقول إن أصحاب العمل غير متعاطفين.
"بعضهم حتى لا يعترف بدور الأجداد في رعاية الأطفال. وربما لا يفهمون حتى لماذا يمكن أن يحتاج الأجداد إلى مغادرة من العمل لأخذ أحفادهم لموعد عند طبيب، ولحضور الاجتماعات والمناسبات المدرسية، وفي حالات مرضهم".
التزامات رعاية الأطفال تؤثر على الأجداد العاملين بشكل مختلف وفقا لدخلهم. ميرا هاميلتون، زميلة باحثة في مركز بحوث السياسة الاجتماعية في جامعة نيو ساوث ويلز أستراليا، قامت بالتحري عن الآثار المترتبة على توفير رعاية طفل منتظمة على قرارات العمل والتقاعد للأجداد.
وفقا لبحثها، الأجداد الذين يتقاضون دخلا أقل كانوا أقل ميلا للقول إنهم يرعون أحفادهم من أجل قضاء بعض الوقت معهم، وأكثر ميلا إلى ذكر العوائق في نظام رعاية الأطفال الرسمي. كان الأجداد من ذوي الدخل المرتفع أقل ميلا إلى القول إن دخلهم يتأثر بمسؤولياتهم المتعلقة بالرعاية.
هناك اختلافات بين الجنسين بين الأجداد العاملين. فكما تلاحظ الدكتورة هاملتون فإن معظم الأجداد الذين يقدمون رعاية الأطفال العادية هم من الجدات. "عندما تسأل لماذا يطلب منهن تقديم الرعاية، تقول الأغلبية منهم إن الأمر كذلك حتى تتمكن بناتهن وزوجات أبنائهن من أن يشاركن في العمل".
من الناحية العملية، الجدات يغيرن أو يقلصن من ساعات عملهن لتسهيل مشاركة بناتهن وزوجات أبنائهن في القوى العاملة.
وجدت الدكتورة هاميلتون أيضا أن أنماط من العمل والرعاية في الآباء مستنسخة في الأجداد. "عندما يشارك الأجداد في رعاية الأحفاد - وكثير منهم يفعل هذا - يكونون أكثر احتمالا للمشاركة في مهام مثل اللعب مع الأحفاد أو التنقل بهم، في حين تميل الجدات إلى تولي المهام المتكررة مثل الاستحمام وتغيير الحفاضات."
النسوة اللواتي أخذن بالفعل إجازة من وظائفهم لرعاية أطفالهم قد يجدن آمالهم لإحياء وظائفهن المهنية تتعرض للضرر.
جوان وليامز، المديرة المؤسسة لمركز ويرك لايف لو، مجموعة بحوث ودعوة غير ربحية مقرها في جامعة كاليفورنيا، تقول إن مسار التنمية المهنية مختلف بين الرجال والنساء.
"بالنسبة للرجال كان متوجها للأعلى بصورة مباشرة، في حين أنه بالنسبة للنساء في الخمسينيات من العمر قد يكون فرصة للدخول مرة أخرى".
وتضيف نوعا آخر القلق: "هل مسؤوليات رعاية الأطفال توجد الانطباع بأن لا توجد أية امرأة عاملة يمكن الاعتماد عليها بشكل مطلق وتوقعات المجتمع بأن المرأة يجب أن تعتني بالأطفال؟"