بالصور ..زهرة ومهدية شقيقتان تعملان معاً بتطريز "الاحرامات" وملابس الصلاة
كــرانة – محمد الجدحفصي
زهرة ومهدية شقيقتان تعملان معاً في خياطة وتطريز لباس الحج والصلاة منذ طفولتهما. وورثت الشقيقتان هذه المهنة من جدتهما ووالدتهما لتكملا هذه المسيرة حيث تعملان الآن بمنزل العائلة في قرية كرانة.
وتقول مهدية "إن مهنة خياطة وتطريز لباس الحج والعمرة والصلاة، هي مهنة متوارثة بالعائلة، فقد كانت جدتي وأمي تمتهنانها منذ كنا صغاراً، وعلّمتنا جدتي رحمها الله هذه المهنة بطريقة بدائية، فقد كانت تفصّل وتحيك لباس الاحرام بشكل بسيط باستخدام الإبرة والخيط يدوياً، وكنا نساعدها في عمل الخيوط وذلك عبر سحبها واستلالها من نفس قماش الاحرام، وكان القماش من نوع الخام القطني الأصلي ويميل لونه إلى البيج الفاتح. وكنا أنا وشقيقتي نعبّي ونجهّز الإبر بالخيط لتبدأ هي الخياطة، وبعدها تطوّرت في تعليمنا كيفية غرزة الخياطة، والمميّز أن شغلنا كان كله يدوياً".
وبعد أن توفيت الجدة اتخذت الأم هذه المهنة مصدراً لرزقها والصرف على عيالها، فكانت تخيط بماكنة الخياطة اليدوية، ومع مرور الوقت وتطوّر الأجهزة تحوّلت إلى الماكنة الكهربائية، ومازالت الوالدة تحتفظ بأول ماكنة كهربائية عملت عليها. وكان حلم الدراسة يراود الشابة مهدية التي ارتبطت بها وفضّلت الابتعاد عن الخياطة والتطريز، وتخرّجت من المدرسة والتحقت بالجامعة، ولكن شاء القدر أن يُتوفّى والدها، ولم تستطع إكمال دراستها الجامعية، فانسحبت من الجامعة على أمل الرجوع إليها بعد تحسن ظروف العائلة المعيشية والمادية.
وفي ذلك تقول مهدية "قرّرت لحظتها الاتجاه لتعلم التفصيل والخياطة، فالتحقت بجمعية الهلال الأحمر لمدة سنة بقصد دراسة الخياطة والتطريز، ودخلت هذا العالم وتخرجت بامتياز، وبعدها بدأت باستخدام ماكنة خياطة والدتي إلى أن قام شقيقي بإهدائي ماكنة، وذلك بمناسبة تخرّجي".
وانطلقت مهدية في الخياطة والتطريز، فبدأت بخياطة ملابس الأهل والصديقات، ليشمل بعد ذلك خياطة أعمال يدوية أخرى مثل حقائب المدارس والولادة، ومن ثم قرّرت العودة إلى الدراسة وأكملت دراستها في معهد البحرين، ومنه انطلقت للعمل الإداري والمكتبي دون أن تترك شغفها بالخياطة والتطريز، حيث قامت بإقناع شقيقتها زهرة بدراسة الخياطة لأنها هي الأخرى لم تستطع أن تكمل دراستها الجامعية لظروف مادية.
وفي ذلك تقول زهرة "تعلّمت فن التطريز والخياطة بتشجيع من شقيقتي، والحمد لله تمكنت من التخرج والانطلاق بهذه المهنة عبر فتح محل تجاري صغير، لكن شاءت الأقدار أن تمرّ البلد بأزمة أمنية فقمنا بإغلاق المحل بسبب قلة الدخل الشهري، لنعود مجدداً للعمل في المنزل، وقد تكون هذه أكبر عقبة واجهتنا، لكننا بالإصرار والعزيمة والثقة بالله استطعنا المواصلة والعمل من داخل المنزل".
ولا يقف طموح الشقيقتين زهرة ومهدية عند حدود معينة، بل مازال الحلم بأن يراودهما الحلم بأن يكون لديهما مشغل صغير تزاولان فيه العمل بكل راحة واستقلالية، كما تطمحان للحصول على مكان في الأسر المنتجة حتى تتمكنا من التوسع والمشاركة على الصعيدين المحلي والدولي، واستجابة لطلباتٍ تصلهما من دول الخليج مثل السعودية وقطر والإمارات والكويت. وتقول مهدية: "أتمنى من كل فتاة لديها هواية أن تستغلها وتحوّلها بقدر إمكانها إلى مهنة بجانب عملها الوظيفي لتضمن الاستقلالية والاعتماد على النفس، كذلك يتوجب أن تستمر المهنة مع الإنسان بشكل عام وأن لا يتركها حتى لو تقاعد".
وتختم شقيقتها زهرة بالقول: "أتمنى أن نجد دعماً من المسئولين بالجهات الرسمية لنا للانطلاق مجدداً عبر المشاركة مع الأسر المنتجة، وأؤكد على ما ذكرته شقيقتي، فكم من مهنة تركناها للأجانب وكان بإمكاننا أن نعمل بجدارة ونتفوّق فيها عليهم، لذلك نصيحتي لكل شابة وشاب ألا يتركوا مثل هذه الأعمال للأجانب لأننا سنبدع لو أتيحت لنا الموارد والأيدي المساندة الداعمة".