العدد 4985 بتاريخ 30-04-2016م تسجيل الدخول


الرئيسيةثقافة
شارك:


القصة الفائزة بالجائزة الأولى عن فئة الكتَّاب العرب

تحت البلّور

قصة قصيرة - محمد فطومي (قاص من تونس)

سهواً منّي ربّما أو مماطلة من أبي أو لعلّها واحدة من اتّفاقاتنا الصّغيرة غير المُعلنة... لا أدري... مضى وقت طويل ولم أعد أذكر؛ على أيّة حال لا أحد منّا عاد آنذاك ليدفع ثمن صورتي ويتسلمها من أستوديو التّصوير الشّمسي.

مصادفة دخلت إلى الأستوديو بالأمس. أُزيل من لافتته كل ما قد يرتبط بعبارة «شمس»... كانت صورتي موضوعة تحت بلّور المصرف بدرجة ميلان تسمح بالتمعّن فيها بوضوح من المكان الأكثر إغراء بالوقوف. ما كنتُ لأدخله ما عِشت لولا زوجتي، فقد أصرّت على أن نأخذ لابننا ذي الخامسة صورة يظهر فيها فراغ سنّه الأوّل قبل أن يبزغ تحته آخر. قالت إنّ أشياء كهذه لا تُقدّر بثمن. بحسب ملامح وجهي في الصّورة بإمكاني التقدير بأنّي أزوره للمرّة الأولى بعد عشرين عاماً. لم يلفت الطّفل الذي كنتُه انتباه زوجتي. لوهلة بدت لي نظراته عاتبة، ربّما لأنّي أهملته لدى رجل غريب ورحلت دون التفاتة أو سؤال. لكن بسبب الإكثار من التمعّن في قسماته صرتُ أقرأ في عينيه طمأنة بأنّ الحكاية لا تستدعي كلّ هذا الشِّعر الذّهنيّ.

لحسن الحظّ لم أكن الوحيد تحت البلّور. فقد كانت هناك أيضا صور بمختلف الأشكال والألوان لزعماء من أنحاء العالم كافّة تتوسّط أوراقاً نقديّة. خطر لي لحظتها على نحو لذيذ بأنّ الفرصة كانت مواتية تماماً لأدفع ثمن صورتي وأحرّرها حتّى على سبيل التّذكار، لكنّي لم أفعل... اكتفيتُ فقط بدفع ثمن صورة ابني ثمّ غادرتُ. لم يكن ضرورياً أن أفعل، فأنا رجل يعشق ممارسة حرّيته كاملة إذا تعلّق الأمر بشأن يخصّه وحده.



أضف تعليق



التعليقات 1
زائر 2 | 11:21 م رائع وتستحق الفوز رد على تعليق