تحرك الشعب البحريني قديم للحصول على حقوقه... واختزاله في أحداث 2011 ظلم كبير له
وزير الخارجية في ندوة بصحيفة "الأهرام": تصريحات أوباما لـ "أتلانتك" شخصية... وقريباً سيتولى رئاسة أميركا غيره
القاهرة - بنا
أكد وزير الخارجية الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة أن زيارة جلالة الملك إلى مصر ستكون لبنة مهمة جداً في صرح العلاقات الأخوية الممتدة بين مصر والبحرين، مشيراً إلى أن هذه الزيارة الهامة تشهد زخماً من الفاعليات واللقاءات، ويتم خلالها توقيع نحو 19 اتفاقية للتعاون في شتى المجالات.
وقال إن زيارة جلالة الملك الحالية إلى مصر مناسبة هامة لتبادل الرأي، والتنسيق والتشاور بين الزعيمين العربيين عاهل البلاد حضرة صاحب الجلالة لملك حمد بن عيسى آل خليفة والرئيس عبد الفتاح السيسى.
جاء ذلك خلال ندوة بصحيفة "الأهرام" المصرية استضافت خلالها وزير الخارجية الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة، الذى يزور القاهرة حالياً ضمن الوفد الرسمي المرافق لعاهل البلاد حضرة صاحب الجلالة لملك حمد بن عيسى آل خليفة خلال زيارة جلالته الحالية الى مصر، حيث تناول خلال الندوة القضايا التي تتعلق بالعلاقات الثنائية بين مصر والبحرين، والوضع الإقليمي والقضايا المحلية والعربية والدولية.
وقال ان هذه الزيارة ليست أول زيارة لجلالة الملك، بل قام جلالته بالعديد من الزيارات الرسمية على مر السنوات الأخيرة ومن قبل جلالته المغفور له الراحل الأمير الشيخ عيسى بن سلمان رحمة الله عليه.
وأكد أيضاً أن العلاقة بين البحرين ومصر تمتد إلى ما قبل الزيارات الرسمية، وأنها علاقة شعبية أخوية ما بين شعب البحرين والشعب المصري، فالبحرين كما يذكر أهلها دائما مازالوا يتذكرون هديتهم التي أهدوها إلى أمير الشعراء أحمد شوقى آنذاك، فحين لُقِّبَ بأمير الشعراء قدموا له نخلة بحرينية من الذهب، وكان البلح الذى فيها من لؤلؤ البحرين.. وهذا الشيء نعتز فيه جدا، لكن ما نعتز به أكثر هو موقف الشعب المصري على مر العقود وخلال القرن الماضي في دعم شعب البحرين، من ناحية التنمية والتعليم وبناء نهضة البحرين الحديثة، فهذا الشيء لن ننساه لمصر.
وحول آفاق تطوير العلاقات البحرينية المصرية في ضوء زيارة جلالة الملك المفدى لمصر، أشار وزير الخارجية الى أن هناك لجنة مشتركة بين البلدين، وقد غطى اجتماعها الأخير أمورا حقيقية بين البلدين، وهناك اتفاقيات في مجالات كثيرة، أهمها اتفاقية بشأن تجنب الازدواج الضريبي، وهى مهمة جدا، وهناك اتفاقيات تتعلق بالتشاور السياسي، وطبعا هو تشاور مستمر، وهناك برامج في التربية والتعليم، وأيضا مذكرة تفاهم دفاعية بين البلدين، بين قوات دفاع البحرين والقوات المسلحة المصرية، وتعزيز التعاون في مجالات الشئون الإسلامية والتعاون السياحي والإعلام.
وأضاف أن زيارة جلالة الملك ستأخذ هذه المرة بعداً مهماً، بزيارة الأزهر الشريف ومقابلة الإمام الأكبر أحمد الطيب، وأيضا زيارة الكنيسة القبطية الكاتدرائية ومقابلة البابا تواضروس بابا الاسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، وسيكون ذلك في نفس اليوم، وهاتان الزيارتان تعنيان البحرين بقدر ما تعنيان مصر، وعلاقتنا تاريخية مع الأزهر وهو قلعة اعتدال، وفكر سليم لا تشوبه شائبة، ويجب أن نتمسك بقوة بالأزهر اليوم وندعمه بكل شكل من الأشكال، فهو الحصن الحصين لأمتنا، وأيضا زيارة البابا مهمة بالنسبة لنا لأننا بلد تتعانق فيه المآذن والأجراس، كما هي الحال في مصر، ولدينا عدد كبير من الكنائس، لدينا مختلف الديانات، وهاتان الزيارتان ترسلان رسائل صحيحة هنا وفى البحرين والمنطقة كلها، أننا لا نكفر ولا نبعد ولا نضع أي فروقات بيننا وبين أصحاب الديانات الأخرى، وهذا ما تفعلونه في مصر، وقد جئنا نعبر معا عن موقفنا في هذا الشأن.
وأشار الى أن هناك أيضا اجتماع عسكري، حيث سيزور حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسي ال خليفة وزارة الدفاع المصرية، مؤكدا انه "لا حدود لطموحاتنا بشأن العلاقة مع مصر". وهناك وفد رجال الأعمال البحريني، ووزير الصناعة والتجارة والسياحة موجود.
وردا على سؤال حول اهتمام قادة دول مجلس التعاون بزيارة مصر هذه الأيام، قال وزير الخارجية ان ذلك يرجع الى أهمية مصر لاستقرار المنطقة، وأهمية أن تكون دول مجلس التعاون ومصر على تواصل مستمر.
وقال إن هذا ليس أمراً جديداً أو طارئاً في علاقتهم المشتركة، فالعلاقات عندما تكون قوية سترسل الرسالة الصحيحة للقاصي والداني، لمن يستهدف مصر واستقرارها، ولمن يستهدف دول الخليج واستقرارها، ولمن يظن أنه سيتمكن من الاستفراد بدولة مثل مصر أو بدول الخليج على حدة، وهذه الرسالة من شأنها أن ترسل الرسالة الصحيحة بأن هذا الشيء غير ممكن. وأوضح أن مسألة العلاقة الحالية مع مصر مبنية على طبقات من المراحل التي بُنِيَت وقويت فيها عبر التاريخ، فيربطنا الرابط العربي وأننا كلنا من أمة واحدة، كما يربطنا تاريخنا الحديث بأننا دائما كنا ننظر إلى بعضنا البعض كمجموعة واحدة هنا بقيادة البلد الكبير مصر.
وأضاف قائلاً "في الحقيقة نحن متفائلون جداً، فهذه الزيارات إن دلت على شيء، فإنها تدل على أن القيادات في دول مجلس التعاون متفائلة بمستقبل مصر.. وبالطريقة التي تسير عليها مصر الآن إلى المستقبل، سواء في ناحية التنمية ومعالجة المشكلات والتغلب على الظروف المحيطة، أو التي كانت داخلية، وهذا يدل على أننا لدينا ثقة في الشعب المصري، ونتطلع إلى أن تكون الزيارة الحالية التي يقوم بها العاهل إلى مصر لبنة مهمة في بناء وتقوية العلاقات الثنائية، وأيضاً على أساس العلاقة ما بين دول الخليج وجمهورية مصر العربية.
زيارة القطع البحرية المصرية للبحرين رسالة صحيحة نوجهها عندما يصدر صوت نشاز من إيران
وأضاف الوزير "إننا الآن فخورون جداً أن هناك قطعاً بحرية مصرية زارت البحرين وستزورها مرة أخرى، وهذه هي الرسالة الصحيحة التي نوجهها عندما يصدر صوت ناشز من إيران، بأن يذهب رئيس مصر للبحرين لزيارة تستغرق يوما واحدا فقط، فإن هذه هي الرسالة التي توجهها مصر دائما إلى من ينوى شرا بدول الخليج، ووجود القطع البحرية المصرية عندنا أهم من وجود أي قطع بحرية أخرى. ومن هذا المنطلق الذى نعيشه الآن، يجب أن نعى أن هذا هو مستقبلنا في المنطقة، فأمورنا في يدنا، فنحن جزء فاعل في هذا العالم ولسنا جزءا اتكاليا، فنحن الآن نبذل دماءنا وأبناءنا في الدفاع عن مصالحنا، لسنا كالفترة الماضية، والتي أسميها الأيام التي ذهبت ولا أتوقع أنها ستعود، أن يكون هناك اتكال على الغير للدفاع عن المنطقة، فالآن نقوم بواجبنا بأنفسنا وبتكاتفنا كدول المنطقة".
وردا على سؤال حول مشاعر البحرينيين الجميلة المعهودة تجاه المصريين، قال وزير الخارجية أن الجميع يتحدث الآن عن الوقوف مع مصر وكأن مصر لم تقف معنا في الماضي، مهما عملنا مع مصر اليوم أو قدمنا لها، فلن نستطيع أن نوفيها حقها أو نرد لها جميلها، والامور لا تقاس ماديا، وهذا هو شعور كل مواطن بحريني، وسترون هذه المشاعر الطيبة تجاه مصر موجودة في عيون كل البحرينيين قبل أن تسمعوا كلامهم.
وهنأ وزير الخارجية مصر قيادة وشعبا بالذكرى الرابعة والثلاثين لتحرير سيناء، وقال إنه يتذكر أنه في بداية التحرير في السادس من أكتوبر 1973 أنه كان على سفرة الإفطار؛ طفلا صغيرا، (حيث كان عمرى وقتها 13 عاما)، لكن لا أنسى الفخر والاعتزاز اللذين شعرت بهما حينذاك..
واسترجع الشيخ خالد آل خليفة ذاكرته إلى عام 1967، مؤكدا أن عمره آنذاك كان يبلغ سبع سنوات، ولم يكن يفهم وقتها ما يجري، وكان هناك الكثير من التشكيك في قدرة الانتصار في هذه اللحظة، خصوصا ما بعد عام 1967، لكن الأخبار كانت تتوالي، مضيفاً "رحم الله الرئيس محمد أنور السادات والقادة العسكريين كلهم وعلى رأسهم أحمد إسماعيل على ومحمد عبد الغنى الجمسي، فهم كانوا قادة، وكانوا أيضا أبطالا بالنسبة لنا في وجدان الشعب البحريني.، ومن ثَمَّ بدأت تلك المرحلة واستعادت مصر كل شبر من أراضيها في تلك اللحظة".
كما هنأ وزير الخارجية المسيحيين في مصر بأعيادهم.
أوباما حاول أن يتكلم معنا عما كان يطمح إليه في تعدل العلاقات بين بلاده وإيران
وحول القمة الخليجية الأمريكية الاخيرة، أوضح وزير الخارجية أنها كانت مهمة جدا، وهى ليست أمرا جديدا، فهي بدأت في العام الماضي في كامب ديفيد، وكلنا نعرف بالطبع أن كامب ديفيد كانت في نهاية السبعينيات، لكن الرئيس الأمريكي باراك أوباما حاول أن يتكلم معنا عما كان في خاطره من أمور بالنسبة لما يطمح إليه من تغيير فى السياسات، أو تعديل فى العلاقات بين بلاده وبين دول فى المنطقة، وبالأخص كبلد مثل إيران، ونحن فى دولنا لنا تاريخ من التحالف والعلاقة العميقة وأيضا مصر مع الولايات المتحدة الأمريكية، ولذلك لا نرى هذه القمة أو الظروف التى أدت لها أو حتى بعض التباين فى المواقف- أو إن أردتم أن تسموها أزمة- أنها شيء سيكون محوريا فى تغيير السياسة تجاه أمريكا أو من أمريكا تجاهنا، فأمريكا أكبر من مسألة أن أحدا من رؤسائها يكون عنده نهج أو طرح جديد سياسى فى التعامل مع المنطقة، فالرئيس الأمريكى نيكسون كان لديه نهج فى التعامل مع الصين، والرئيس أوباما لديه نهج فى أنه ينفتح فى التعامل مع إيران.
تخوفنا من سوء فهم الإيرانيين للاتفاق النووي بأن يطلق إيديهم في المنطقة
وقال إننا نحن أيضا لدينا أمورنا وهمومنا ومشكلاتنا مع بلد مثل إيران، فلذلك نحن أيضا رحبنا بالاتفاق النووى الإيرانى (5+1)، لكننا أيضا أبدينا ترحيبا متحفظا.. والسبب ليس عدم ثقة فى توجه (5+1)، بل السبب هو تخوفنا من سوء فهم الجانب الإيرانى لهذا الاتفاق، أو سوء تقديرهم لما يسمح لهم به هذا الاتفاق، فهذا الاتفاق ليس بين رئيس الولايات المتحدة وإيران، بل هو اتفاق بين ست دول، منها روسيا والصين التى هى أقرب فى مواقفها إلى إيران، فإن فهموا أن هذا الاتفاق سيتعلق بالملف النووي، فقط وأنه يجب أن يسهم فى إبعاد شبح الحروب والخلاف فى المنطقة فهذا فهم صحيح، لكن إن فهموا أن هذا سيطلق أيديهم فى المنطقة، أو فهموا أنه استهداف واستبدال حديث بحديث، فإن ذلك سيكون فهما خاطئا لن يُسمَح به، فأمريكا أكبر من سياسة مرحلة من المراحل، فالولايات المتحدة الأمريكية فيها شعب وكونجرس ومؤسسات فكرية ورأى عام كبير وقوي، ولن يتغير كل هذا فى لحظة بناءً على رغبة سياسية آنية فى وقت ما، فلذلك نتطلع إلى أن إيران لا تفكر كثيرا فى إطلاق يدها فى المنطقة أو أن هناك استبدالا.
وفيما يتعلق بتصريحات وآراء الرئيس الأمريكى أوباما لمجلة أتلانتك والتي قال فيها إن الخليج والعالم العربى لم يعد يهمنا كثيرا، وأن مصالحهم كأمريكيين تتعلق الآن بآسيا، وأنه لا يمكن أن يضحى بدماء جندى أمريكى واحد من أجل حرب جديدة فى المنطقة؟، قال وزير الخارجية ان هذه آراؤه الخاصة، ويجب ألا نحصر العلاقة التاريخية مع الولايات المتحدة فى هذه المقابلة الصحفية، فهو قد يعبر عن رأيه الشخصى الذى يعد من حقه كرئيس للولايات المتحدة، وفى الغد القريب سيكون هناك رئيس غيره لأمريكا.
لا نطمح بتغيير سياسي في إيران فهو شأن يخص الإيرانيين وحدهم
وأضاف إننا نتطلع لتقوية هذه الشراكة لمحاربة الإرهاب وتثبيت الأمن والاستقرار فى المنطقة، وهذه الشراكة مفتوحة لجميع دول العالم وليس فقط لدولة واحدة فقط. وإذا تحدثنا عن السلام البارد، فهذه المسألة تخص دول الخليج ومصر ودول المنطقة قبل أن تخص أى دولة أخري، فنحن نعرفهم وهم يعرفوننا فى جيرتنا، ونتطلع إلى أن تنتهج إيران سياسة خارجية جديدة، وأن تبدل سياستها الحالية القائمة على دعم المنظمات الإرهابية وإشاعة عدم الاستقرار، وعلى صرف أموال الشعب الإيرانى على كل هذه المنظمات والتدريب، وممثليهم ومريديهم فى العالم كله، وأن يركزوا على بناء علاقة مع الدول، وأن يمدوا يدهم إلى الدول وليس إلى داخل الدول، وهذا ما نتطلع إليه، ولا نطمح إلى أى تغيير سياسى فى إيران فهو شأن يخص الإيرانييين وحدهم، لكننا نحن نعانى هذه السياسة، ونريد من العالم أن يسمع ويرى الهموم التى لدينا قبل أن نسمع إلى نصائح منهم فيما يتعلق بنظرة جيوبولوتية تخصهم أو تهمهم، فنظرتنا تهمنا فى المنطقة وهمومنا تتعلق بأمننا واستقرارنا.
وحول ما اذا كان قد حدث اتصال بالرئيس أوباما لطلب إيضاح أو تفسير حول إيضاحاته للتعبير عن التحفظ عليها، رد الوزير: هذا الشيء ما بين الولايات المتحدة الأمريكية، والمملكة العربية السعودية على وجه التحديد، لأن التصريح كان يركز على السعودية، وهناك الكثير من التصريحات المشابهة من قبل ركزت على مصر وأساءت إليها وإلى دول كثيرة، فالمسألة قد تكون ثنائية ما بين البلدين.
لن نقبل أن تجعل أميركا إيران شرطياً للخليج مرة ثانية
وردا على سول حول ما اذا كانت أمريكا تريد أن تجعل من إيران شرطى الخليج؟ أجاب الوزير: أن تجعل من إيران شرطيا للخليج مرة ثانية، فإن الأمريكيين لديهم فى حياتهم وتقاليدهم مسألة الشريف - أى رجل الشرطة- على أن يقبله أهل القرية والمدينة بأنه شريف أو شرطي، لكن أن يأتى أحد ويقول إن إيران هى الشرطى فلن نقبل بذلك، فنحن كدول مجلس التعاون ومصر وعدد من الدول العربية الشقيقة أولى بأمورنا فى هذا الشأن، وإن أرادت إيران أن تكون عاملا مسهما فى الاستقرار ودعمه فمرحبا به، وأذكر أننى كنت فى إحدى المرات فى زيارة إيران، واجتمعت خلالها بوزير خارجيتها آنذاك منوشهر متقي سألني: ماذا تفعل هذه الأساطيل الأجنبية فى البحرين وعلى رأسها الأسطول الخامس الأمريكى التى تسهم جميعها فى حنايا هذا الممر الحيوي؟ وقال إن وجودها تهديد مباشر لإيران، فرددت عليه فى الاجتماع بأن هذا ليس تهديدا مباشرا لكم، بل أنت أكبر مستفيد من هذا الوجود، فأنتم تصدرون نفطكم، ولولا هذه القوة التى نتمنى يوما ما أن يكون الأسطول الإيرانى جزءا منها، لما أصبحت تستطيع أن تفرق بين هذا الخليج العربى وخليج عدن المليء بالقراصنة، فسكت الوزير الإيرانى وخرجت للمؤتمر الصحفى ووجهت لى السؤال نفسه صحفية إيرانية كانت تحضره، فأجبتها علنا بالجواب نفسه. فالمسألة كيف يرونها؟ هل هى موجهة ضدهم؟ هذا أمر يرجع لهم وحدهم فقط، فإذا كان هنا شيء لا يتماشى مع سياساتهم وهو أمن المنطقة، فإن المشكلة تكون لديهم وليست لدينا نحن كدول متحالفة.
وأوضح الوزير: إن التحدى الذى تواجهه البحرين اليوم هو أن العالم فيه اتفاقيات وعدد من المعاهدات الدولية التى وقعنا عليها وننتمى لها، وبعضها لنا عليها بعض التحفظات، والتحدى هو كيف نتعامل معها فى ظل وجود منظمات المجتمع المدني، التى وصلت إلى درجة من القوة فى بعض الدول إلى درجة أنها تتكلم كأنها الدولة، ونحن يجب ان يكون لدينا مايمثلنا كمجتمع عربى وفكر تنموى حر يتطلع إلى حماية نفسه من كل هذه المؤثرات، وعلينا ألا نكون سذجا لأن النوايا ليست طيبة من كثير من الأطراف، وعلينا ألا نكون مثاليين ونظن أن الجميع يريد لنا خيرا، فيجب أن نحمى أنفسنا من هذه الأوضاع، وليس معنى ذلك أن نحاربها، بل نتعلم ونوظفها لخدمة مجتمعنا بشكل حقيقى وليس خدمة الحكومات.
تحرك الشعب البحريني قديم للحصول على حقوقه... واختزاله في أحداث 2011 ظلم كبير له
وفيما يتعلق بالقوانين التي تنظم عمل منظمات المجتمع المدنى في مملكة البحرين، قال وزير الخارجية .. نعم لدينا قوانين تنظم عمل المجتمع المدني، ولدينا حركة نقابية قديمة، والبحرين هى إحدى الدول القليلة التى استطاعت إقناع الكونجرس الأمريكى بأن يجيز لها اتفاقية تجارة حرة، بما تتمتع به من حرية تمثيل وحرية مشاركة ووجود نقابات، وهذا كله كان السبب فى وصولنا إلى اتفاقية تجارة حرة مع الولايات المتحدة الأمريكية، وتحرك الشعب البحرينى قديم للحصول على حقوقه وتحقيق تقدمه، بالوصول إلى توافق مع السلطة، البحرين اليوم تختلف عن بحرين الأمس، وبحرين الغد تختلف عن بحرين اليوم لكن حرام أن يتم اختزال كل هذه الحركة العظيمة فى تحركات محدودة، حيث هناك من أراد اختزال كل تاريخ شعب البحرين وتطلعاته فيما حدث فى عام 2011، وهذا ظلم كبير لشعب البحرين.
كما تحدث عن مبادرة القوة العربية المشتركة، وقال انها من أهم الأمور التى نطمح إليها وساندناها عندما طرحتها مصر فى قمة شرم الشيخ، وقد طرحها الرئيس عبد الفتاح السيسي، لكن الآلية التى طرحت وطريقة النقاش وطريقة المعالجة لم تكن ترقى إلى طرح الرئيس السيسي، كنا مازلنا أسرى لآلية لا تحقق هذا الطموح، برغم تأييدنا الكامل ودول الخليج لهذا الطرح، لكن كان يجب أن تكون هناك آلية مختلفة للتعامل مع هذا الطرح الكبير، لما له من أهمية قومية كبرى لمواجهة هذه القوة لمختلف الأخطار، وأنا لست متشائما بشأن قدرتنا على أن نتوصل لتشكيل هذه القوة، وستحظى بتأييد واضح خلال زيارة الملك حمد لمصر ولقائه بالرئيس عبدالفتاح السيسي، وإن شاء الله يتم التعامل مع هذه القضية بطريقة أخرى ذات فائدة أكبر.
وردا على سؤال حول الفرق بين القوة العربية والتحالف الإسلامي، أوضح وزير الخارجية أن القوة العربية المشتركة هى لحماية الدول والدولة الوطنية من مختلف التحديات لتعزيز العمل العربى المشترك، بأسلوب جديد وحقيقي، وليس فقط بما نصدره فى الجامعة العربية من بيانات تعبر عما فى نفوسنا، لكن لا تتعدى فى الواقع قدرتها على التأثير، حدا معينا بسيطا.
واكد أن القوة العربية المشتركة ستكون شيئا ملموسا لحماية الدول العربية وأمنها القومى والسياسات المشتركة، أما التحالف الإسلامى فهو لمواجهة الإرهاب، نعم نحن نعلم أنه لمواجهة الإرهاب، وأن السبب الكبير خلف هذا التجمع هو مكافحة الإرهاب الذى وجد مساحة مفتوحة عندما ضعفت الدولة الوطنية فى سوريا وتمدد فيها خطر "داعش" الذى عبر الحدود ودخل العراق، إضافة إلى تحدى الإرهاب الدولى أو المدعوم من الدول، لكن بالطبع المجال الذى يغطيه التحالف الإسلامى لمواجهة الإرهاب أكبر، حيث ان هناك دولا إسلامية أخرى يجب أن تتحد لترسل الرسالة الصحيحة بأن الإسلام ضد الإرهاب، ولا تعطى الصورة التى هناك من يرغب أن يصورها بان المسلمين هم الإرهابيون ومشكوك فيهم، وان هناك مشروعية للشك فى كل مسلم، أما القوة العربية فهدفها صيانة الأمن القومى المشترك.
وحول جهود التنمية فى مملكة البحرين، قال "نحنفى البحرين كانت لدينا خطة تنموية قبل 7 سنوات بشأن عام 2030، وضعها مجلس التنمية الاقتصادى بقيادة سمو ولى العهد وفيها مخطط هيكلى كامل ونظرة لما بعد النفط ، ونحن فى البحرين فى مرحلة مابعد النفط ، لأن النفط عندنا شيء لا يذكر، ولسنا أعضاء فى أوبك، وهذا الأمر قد أعطانا الفرصة لبذل جهد أكبر، فهناك خطط، ولكننا لم نصل إلى أن تكون هناك خطة موحدة خليجية، ولكننا سنصل إليها، لأنه حسب اتصالاتنا بالإخوة فى المملكة العربية السعودية، نرى أن لديهم نظرة واقعية حقيقية لربط المصالح، بخطة تنموية شاملة تغطى جميع دولنا.
وردا على سؤال بشان التحديات المتعلقة بتراجع أهمية النفط بالنسبة لدول مجلس التعاون الخليجى، أوضح ان هذه التحديات والنظرات لم توجه فقط لدول الخليج العربى ففى السابق وجهت للأمة كلها، وجاء أشخاص وضعوا خطا للصراع بين منطقتنا والعالم الغربي، رغم أننا ننتمى إلى الحضارة الغربية التى نراها اليوم، ألم نسهم بمفكرينا وفكرنا الذى كان نتاج حضارات وفترات سابقة فى تطور هذا الفكر الغربى وما وصل إليه اليوم، فلماذا نعزل أنفسنا عنه؟ إن هناك من جاء وقال إن هناك صراع حضارات بين الشرق والغرب، رغم انها كانت مجالا حضاريا واحدا فى وقت من الأوقات، إلى أن تقدم بعضها بينما تخلف الآخرون، واليوم يوجهون الاتهامات لدول الخليج، رغم كل ما صنعته من اجل حماية التنمية البشرية ، وأرجو ألا يتم ربط ذلك بالثروة النفطية.. والبحرين دائما كانت في المصاف العليا.. وكانت لفترة هي الدولة العربية الأولى في التنمية البشرية.
وردا على سؤال حول الترتيبات الأمنية والعسكرية التى تعتمد عليها مملكة البحرين فى حماية أمنها، أشار وزير الخارجية الى أن الترتيبات الأمنية الموجودة اليوم هى ترتيبات مع دول مجلس التعاون الخليجي، فى حماية بعضها البعض ، وترتيبات أخرى مع دول عربية شقيقة مثل مصر والأردن، ومع دول أخري، وقد تجسد كل ذلك فى اجتماع القاهرة الذى اعطى الشرعية المطلوبة لتحرير الكويت.
وردا على سؤال حول ما اذا كان توقيع اتفاقية تعاون دفاعى بين مصر والبحرين هو توجه جديد له علاقة بالموقف الأمريكى الجديد وتصريحات أوباما الأخيرة؟"، أوضح وزير الخارجية انه ليس لهذا التوجه علاقة بتصريحات الرئيس الامريكى باراك أوباما ، بل هذا الأمر مبنى على مراحل متعددة قديمة مع مصر، تطورت بانتظام، لنصل لمذكرة التفاهم هذه، وهى تتعلق بالعمل المشترك والتدريب المشترك وتبادل الخبرات فى أمور كثيرة وليست رد فعل سياسيا أبدا.
درع الجزيرة لم تتواجه مع شعب البحرين... وتعرضنا لحملات إعلامية ظالمة أشبه بـ "تسونامي"
وردا على سؤال مفاده "ماذا بشان قوات درع الجزيرة بعد أن عانت البحرين من التدخلات والقلاقل التى تثيرها إيران، اوضح انه يجب أن تكون هناك نظرة صحيحة لما قامت به قوات درع الجزيرة فى 2011، فهناك من نشر أكاذيب بأنها جاءت وتواجهت مع شعب البحرين، وهذا لم يحدث.
وحول التعامل مع الجهات الاعلامية التى تروج الأكاذيب، قال وزير الخارجية ان عندنا خبرة كبيرة فى التعامل معها، كان هذا تحديا كبيرا لنا فى البحرين، ما بين تطوير العمل الإعلامى والتهديد الذى يأتيك من هذه الجهات الإعلامية، وقد تعرضنا فى البحرين لحملات إعلامية ظالمة وأكاذيب وقصص وافتراءات، لكن دائما نأمل فى أن يثوب الجميع إلى رشدهم وأن يعرفوا ان مصلحتهم جماعية وليست فردية.
وفيما يتعلق بتصور لمسالة الفيدرالية كفكرة مطروحة فى سوريا وليبيا، قال وزير الخارجية أن هذا شأن يخص هذه الدول، لماذا نخطط لسوريا، وهى بلد متحضر قبل كثير من الدول، هذا شأن سوري، وإذا تمكنت الدولة من السيطرة على أمورها، فالأمور ترجع لهم فى تقرير ما يريدونه، موضحا أن الخطاب البحرينى فى هذه الأمور لا يتدخل فى الشئون الداخلية للدول.
وعن مواجهة البحرين للهجمة الشرسة ضدها من جانب الإعلام الغربى وبعض عناصر المعارضة، قال الوزير .. نحن واجهنا حملة إعلامية اشبه بـ تسونامي لم نواجه ما واجهناه فى عام 2011 فى سابق تاريخنا، ولم تكن لدينا أى قدرة فى التعامل مع ما واجهناه، ولم نكن الدولة الوحيدة التى واجهت هذا الهجوم وهذه الحملات الظالمة، شعرنا أن هناك توجها من منظمات المجتمع المدنى تستهدف البحرين، لكن هدفها لم يكن البحرين فقط بل دول اخرى فى المنطقة، فمصر تعرضت بشكل كبير لحملات ظالمة ، اليوم عرفنا مآربهم وأساليبهم ، واهم شيء اليوم هو حماية الدولة، ووضع آليات حقيقية لعدم تكرار أى خطأ كان.
وردا على سؤال حول مدي وجود فجوة اعلامية مابين الواقع فى البحرين وبين ما يروج فى الاعلام الخارجي، أوضح الوزير.. انه بالنسبة للفجوة الإعلامية، كنا فى مفترق طرق، كيف نتعامل مع الواقع فى البحرين أمام الصورة التى تبرز فى الخارج، وقد زار البحرين أجانب وقالوا لنا بلدكم هادئة وأمان، بالنسبة لتوثيق الأحداث التي جرت فى عام 2011، كان أكبر موثق لها هو تقرير تقصى الحقائق، وهو تقرير رسمى أعدته لجنة دولية ، وهو تقرير دقيق جدا وامين وتم تسليمه إلى جلالة الملك ورد عليه بخطاب سامي.
الإملاءات والشروط من القوى الكبرى في 2011 توقفت ولم يكن لها أي تأثير يذكر
وردا على سؤال .. كيف تتعامل البحرين مع اى إملاءات وشروط من القوى الكبرى فى العالم؟ قال وزير الخارجية .. الحمد لله .. مسألة الإملاءات والشروط مع تعاوننا خصوصا فى 2011 توقفت ولم يكن لها اى تأثير يذكر.
وحول العلاقات الثقافية بين البلدين الشقيقين مصر والبحرين، أشار الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة وزير الخارجية إلى أن البحرين لطالما كنّت لمصر الكثير من التقدير لمكانتها الثقافية والأدبية الرفيعة.
وقال إن البحرين احتفلت بتتويج الشاعر المصرى الكبير أحمد شوقى أميرا للشعراء العرب فى دار الأوبرا المصرية 1927 على طريقتها ، وأهدته نخلة من الذهب مرصعة باللؤلؤ البحرينى المضئ.. وذلك لما يحظى به اللؤلؤ البحرينى من شهرة عالمية فى جودته كواحد من أفخر أنواع المجوهرات.
وعبر وزير الخارجية عن سعادته الغامرة بأن يكون فى القاهرة بين رموز الأهرام من كتاب وصحفيين، وداخل مبنى جريدة الأهرام، قائلا إنه منذ أن وُلِدنا و الأهرام كانت موجودة فى بيوتنا، مؤكدا أن الأهرام هى أم الجرائد العربية، وشرف عظيم أن نكون بينكم هنا على هامش زيارة حضرة صاحب اجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد الى القاهرة.