البرلمان العراقي يوافق على خمسة وزراء من تشكيلة العبادي الجديدة على وقع تظاهرات
بغداد - أ ف ب
منح مجلس النواب العراقي اليوم الثلثاء (26 أبريل/ نيسان 2016) الثقة لخمسة وزراء من تشكيلة التكنوقراط التي تقدم بها رئيس الوزراء حيدر العبادي لاستبدال الوزراء الحزبيين بعد اجواء من الهرج والمرج واعتراض نواب طعنوا بشرعية الجلسة، وفق مصادر برلمانية ونواب.
والوزارات التي شملها التعديل الوزاري الذي يمثل قلب الاصلاحات التي يريد رئيس الوزراء اجراءها لإنهاء المحاصصة السياسية، هي الصحة والعمل والتعليم العالي والموارد المائية والكهرباء.
وحضر العبادي الى البرلمان مع انعقاد جلسة جديدة دعا اليها رئيس البرلمان سليم الجبوري لإلقاء كلمة وعرض التشكيلة الجديدة ونيل ثقة النواب.
لكن نوابا غاضبين قاموا برشقه بقوارير المياه ومنعوه من عرض تشكيلته وسط اجواء من الهرج والمرج، وفق ما افاد نواب حضروا الجلسة.
واعتبر النواب المعتصمون في المجلس منذ ان قاموا بإقالة هيئة رئاسة البرلمان في جلسة مثيرة للجدل قبل اسبوعين، جلسة الثلاثاء غير قانونية، وهتفوا "باطل" و"لا شرعية" و"سليم برا برا القاعة تبقى حرة".
وقال نواب ان حراس رئيس الوزراء تدخلوا لحمايته، ثم قرر رئيس البرلمان تغيير مكان الجلسة الى القاعة الكبرى حيث عقدت بحضور 181 نائبا من اصل 328 ومنع النواب المعارضون من دخولها.
وتقرر كذلك ابعاد الصحافيين وعقد الجلسة بعيدا عن وسائل الاعلام ومنع حتى الموظفين من الدخول الى القاعة.
وصوت البرلمان بالاجماع على بطلان الاجراءات التي قام بها النواب المعتصمون ومنها اقالة الجبوري.
ولم يمنح البرلمان الثقة لمرشحي وزارة التربية ووزارة العدل، كما رفض دمج وزارتي الثقافة والشباب في وزارة واحدة.
واعترض التحالف الكردستاني على تولي الشريف علي بن الحسين حقيبة وزارة الخارجية بدلا من الوزير الحالي ابراهيم الجعفري.
ووعد رئيس الوزراء بتقديم باقي اسماء المرشحين في جلسة السبت المقبل، فيما تقرر عقد جلسة جديدة للبرلمان الخميس.
من جهتهم اعتبر النواب المعارضون لرئيس مجلس النواب ان ما جرى غير قانوني وقالوا انهم سيطعنون بقانونية الجلسة في المحكمة الاتحادية.
وقال النواب في بيان "اننا نعلن رفضنا لما حدث وما ترتب عليه من اجراءات لا تنسجم مع مطالب العراقيين وما ارشدت اليه المرجعيات الدينية".
واضاف البيان "نؤكد اننا نطعن بشرعية الجلسة لدى المحكمة الاتحادية ونعلن تعليق حضورنا للجلسات القادمة حتى تبت المحكمة الاتحادية بالطعن المقدم لها".
ويسعى العبادي منذ اسابيع الى تشكيل حكومة تكنوقراط تحل محل الوزراء المحسوبين على الكتل السياسية بهدف تطبيق الاصلاحات التي تم تبنيها في 2015 لمكافحة الفساد اثر تظاهرات شعبية ضد المحسوبيات.
وعرض العبادي في 31 اذار/مارس قائمة تضم 13 وزيرا على مجلس النواب لكنها قوبلت برفض الاحزاب التي يقول محللون وسياسيون انها ترفض التنازل عن حصتها في السلطة والمكاسب المادية والسياسية التي تؤمنها لها. ونتيجة الازمات السياسية والفساد والمحسوبيات المستشرية، لم تنجح الحكومات المتتالية في اصلاح البنى التحتية وتأمين الخدمات الاساسية للمواطنين وحل مشاكل البطالة واطلاق عجلة الاقتصاد بعد 13 سنة على سقوط نظام صدام حسين. وكان البرلمان العراقي يعاني من حالة شلل منذ اسابيع بسبب هذه الازمة.
العنف والفقر
وعقدت جلسة الثلاثاء تحت ضغط شعبي كبير حيث تجمع الاف المتظاهرين في محيط المنطقة الخضراء المحصنة حيث مقار الحكومة والبرلمان استجابة لنداء رجل الدين العراقي الشيعي مقتدى الصدر للمطالبة باجراء اصلاحات في بلد يعاني من فساد حكومي واسع ومن تردي الخدمات في ظل ازمة اقتصادية فاقمها تدهور اسعار النفط.
وتوجه المتظاهرون رافعين اعلام العراق من ساحة التحرير سيرا الى بوابة المنطقة الخضراء المحصنة من الجهة التي تقع فيها بوابة البرلمان، وهتفوا موجهين كلامهم الى السياسيين "كلكم حرامية".
وقال أبو علي الزيدي، وهو سائق سيارة اجرة جاء من محافظة ميسان في جنوب البلاد، "نرفض هذه الحكومة كونها تشكلت على اسس طائفية ولم تجلب للبلاد وللعراقيين سوى الفقر والقتل".
واضاف "سنطردهم كلهم ليحل بدلا عنهم آخرون قادرون على خدمة العراق".
وقال ابو محمد السوداني وهو من سكان بغداد ان "كل العراقيين يجب ان يتظاهروا لرفض الحكومة الحالية التي فشلت في كل المجالات. المحاصصة والاحزاب المهيمنة على كل شيء هي سبب فشل الحكومة".
ويحتج المتظاهرون على توزيع الحقائب الوزارية والمناصب العليا على اساس المحاصصة السياسية والطائفية المتبعة منذ سنوات.
تغيير اساسي
وقال علي البهادلي وهو رجل دين ينتمي الى التيار الصدري "نريد وزراء مستقلين خارج سيطرة الاحزاب".
وشاركت اعداد كبيرة من العراقيين في اذار/مارس في اعتصام استمر اسبوعين دعا اليه مقتدى الصدر الذي ينتمي الى عائلة شيعية نافذة ويطالب بحكومة من التكنوقراط كفيلة بشن حرب على الفساد الذي ينخر الطبقة السياسية ومؤسسات الدولة والذي ادى الى تردي الخدمات العامة في ظل ازمة اقتصادية ناجمة عن التدهور الكبير لاسعار النفط في حين يخوض الجيش معارك دامية ضد تنظيم الدولة الاسلامية المتطرف.
واعربت الامم المتحدة وواشنطن عن قلقهما من تعمق الخلافات السياسية في وقت تخوض البلاد حربا ضد التنظيم المتطرف الذي يسيطر على مساحات شاسعة في غربها وشمالها.