"رسالة مواطن"... هل تسجيل الطفل بمدرسة خاصة للتفاخر أم بيئة مثلى عن المدرسة الحكومية؟
استعبدنا الله سبحانه وتعالى بالعقل وميزنا عن جميع المخلوقات به، وفي الكثير من الآيات الشريفة يدعونا القرآن الكريم إلى التفكر والتدبر في جميع أمور حياتنا لنصل إلى الحقيقة ونبتعد أو نكون بمنأى عن الجهل والضلال. لكن للأسف الشديد مازال مجتمعنا العربي بصورة عامة والبحريني بصورة خاصة يعاني من الجهل والتخلف في بعض الأمور "هذا ما وجدنا عليه آباءنا" أو بسبب أن الكثير من الناس يقومون بفعل معين، فتكون هذه الكثرة دليل على صحة هذا الفعل أو ذاك المفهوم؛ ولو سلطنا الضوء على تدريس الأولاد بالمدارس الخاصة من ناحية اجتماعية فقط (وليس من ناحية علمية أو أكاديمية) لتوصلنا إلى مفهوم سائد أو منتشر في أوساطنا بأن المدارس الخاصة هي الأفضل على الإطلاق من المدارس الحكومية.
فأصبح البعض يأخذون أولادهم للمدارس الخاصة لمجرد أن يتفاخروا بأن أولادهم في مدارس خاصة، وهناك من اعتبر كلام الطفل باللغة الإنجليزية مفخرة لا تعلوها مفخرة، وإنجازاً لا يعلوه إنجاز، وهو معيار النجاح والتقدم والذكاء، فهدف تلك الأسرة أن يتكلم طفلها بالإنجليزية بصورة جيدة وحتى إن لم يميز بين (ض وظ)، وآخرون يعتقدون أن المدارس الخاصة المعجزة التي ستخرج النابغة، وكأن جميع الخريجين من المدارس الخاصة ينافسون ابن سيناء وأفضل من فيثاغورث.
أما بعض العوائل التي غلب عليها التفكير السطحي فتضغط على نفسها وتحمل نفسها مصاريف وتكاليف أكبر من طاقتها لمجرد أن أولاد الأقارب أو أولاد الصديق ذاك أو الصديقة تلك في مدارس خاصة فيجب علينا أن نزج بأولادنا معهم.
لا أذم المدارس الخاصة هنا؛ بل بالعكس لها الكثير من الإيجابيات ولا أمدح المدارس الحكومية فلها الكثير من السلبيات، لكن وجهت أصبع الانتقاد على سطحية وركاكة بعض العقول التي تنظر إلى طالب المدرسة الخاصة على أنه من النبلاء، وأن المستقبل المشرق في انتظاره، وعلى أن طالب المدارس الحكومية من الطبقة الكادحة العاملة وعليه أن يطأطئ رأسه؛ لأنه يستقي علمه من المدارس الحكومية.
إذا أرادت الأسرة أن تدفع أولادها لتحصيل العلم من المدارس الخاصة فعليها أن تقوم بدراسة شاملة، وأن تنظر إلى الموضوع من جميع الزوايا وأن تقرأ المستقبل، وتحلل الأمور بدقة وتأنٍ وتبحث في المادة العلمية والكفاءة البشرية، وأن تضع نصب عينيها كلَّ العوامل الأخرى من دين وقيم وعادات وتقاليد وثقافة فإن وجدت البيئة السليمة والصحية والمناسبة لأبنائها في المدارس الخاصة، فإن ذلك نعم الاختيار ولا يكون الدافع مجرد إرضاء للنفس أو تقليداً أعمى وغير مدروس فتكون نتائجه وخيمة.
منير الشهابي