نقص التشريع يبرئ مغرّداً من الإساءة إلى السعودية
الوسط - المحرر الدولي
في حكم ذي دلالة كبيرة على وجود نقص مهم في التشريع «يستدعي الحاجة إلى وجود تشريعات جديدة ملائمة من حيث الوصف القانوني السليم لنص التجريم ببيان الوقائع المحظورة ووضع العقوبة الملائمة لها»، اعتبرت محكمة الجنايات ان التغريدات التي تنشر على موقع «تويتر» «لا ترقى أن تكون أعمالاً عدائية حقيقية من شأنها تعريض دولة الكويت لخطر الحرب أو قطع العلاقات السياسية» مع دول أخرى ، وفق ما نقلت صحيفة "الراي" الكويتية اليوم الإثنين (25 أبريل/ نيسان 2016).
وقضت محكمة الجنايات برئاسة المستشار متعب العارضي وعضوية القاضيين حسام مصطفى ومحمد العتيبي ببراءة المغرد فيصل بادي في قضية أمن دولة بتهمة الإساءة للسعودية، مبينة ان «الأفعال المنسوبة للمتهم تتمثل بكتابات منشورة في حسابه الشخصي على موقع التواصل الاجتماعي (تويتر) تنطوي على عبارات مسيئة من شخص من أحاد الناس لا صفة رسمية له ولا يمثل جماعة معتبرة داخل البلاد بل انه لا يحمل حتى الجنسية الكويتية، كما أنها مجرد تغريدات مبتذلة لا ترقى بالتأكيد أن تكون أعمالاً عدائية حقيقية من شأنها تعريض دولة الكويت لخطر الحرب أو قطع العلاقات السياسية مع المملكة العربية السعودية أو حتى أن تنتقص من العلاقة بين الدولتين».
واشارت المحكمة في حيثيات حكمها إلى ان «تلك التغريدات وان تضمنت عبارات مسيئة تنم عن ما يكنه المتهم من ضغون وكره للمملكة العربية السعودية ورموزها إلا أنه لا يمكن للمحكمة أن تُحمل مادة الاتهام - نص التجريم - أكثر مما يحتمل وتتوسع فيه بلا سند».
وفي ما يلي نص الحكم:
أسندت النيابة العامة للمتهم أنه خلال الفترة من 8 /8 /2014 إلى 13 /4 /2015 بدائرة جهاز أمن الدولة بدولة الكويت: قام بغير إذن من الحكومة الكويتية بعمل عدائي ضد دولة أجنبية (المملكة العربية السعودية) في مكان عام (موقع التواصل الاجتماعي - تويتر) عبر حسابه الشخصي بأن سطر العبارات المبينة بالأوراق والتي من شأنها تعريض دولة الكويت لخطر قطع العلاقات السياسية معها، أساء عمداً استعمال وسيلة الاتصالات الهاتفية بأن استخدم الهاتف النقال في ارتكاب الجريمة محل التهمة الأولى.
وطالبت النيابة بعقابه وفق نصوص المواد 4/1 من القانون رقم 31 لسنة 1970 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 16 لسنة 1960 بإصدار قانون الجزاء والمادتين 1/15، 70 البند أ والفقرة الأخيرة من القانون رقم 37 لسنة 2014 بإنشاء هيئة تنظيم الاتصالات وتنقية المعلومات والمادتين 74، 79/2 من قانون الجزاء.
وحيث ان وقائع الدعوى تتحصل وفق ما استبان من الأوراق وما تم فيها من تحقيقات أنه وبناء على التحريات السرية التي قام بها ضابط أمن الدولة، وأسفرت له بأن المتهم فيصل بادي زايد فاضل لديه حساب في موقع التواصل الاجتماعي (تويتر)، ونشر تغريدات مسيئة للمملكة العربية السعودية ورموزها والتي تشكل عملاً عدائياً ضدها وتدخلا في الشؤون الداخلية بها، وهي من شأنها تعريض دولة الكويت لخطر قطع العلاقات السياسية مع المملكة العربية السعودية، وكان ذلك بغير اذن من الحكومة الكويتية، وأن حسابه عام ويمكن لأي شخص رؤيته والاطلاع على ما ينشر به سواء خارج دولة الكويت أو داخلها.
وحيث انه بسؤال ضابط الواقعة بالتحقيقات ردد مضمون ما استخلصته المحكمة عاليه، والذي تحيل إليه المحكمة منعاً من التكرار بلا مقتضى، وأضاف انه بناء على ما سطره بتحرياته استصدر إذنا من النيابة العامة لضبط المتهم وأن الأخير أقر له بكتابة التغريدات.
وشهد الممثل القانوني لوزارة الخارجية بالتحقيقات انه تلقى بصفته الوظيفية كتابا ومذكرة من سفارة المملكة العربية السعودية يفيد بأن المتهم قد نشر تغريدات تضمنت الاساءة إلى المملكة العربية السعودية ورموزها والتحريض ضدها، وتعد أعمالاً عدائية وتدخلاً في الشؤون الداخلية وتؤثر على العلاقات بين الدولتين وقد تؤدي إلى قطعها وقد صدرت هذه التغريدات بغير اذن من الحكومة الكويتية.
وبسؤال المتهم بالتحقيقات أنكر ما نسب إليه، وأضاف بأن الحساب المشار إليه يعود إليه وأنه لم يكتب التغريدات موضوع الاتهام.
وحيث أحيلت الأوراق إلى هذه المحكمة ونظرت الدعوى على النحو الثابت بمحاضرها.
وبجلسة المحاكمة حضر المتهم وأنكر ما نسب إليه وحضر برفقته محام شارحاً أسانيد دفاعه وقدم مذكرة شارحه لدفاعه وطلباته.
وحيث انه عن موضوع الدعوى ولما كان من المقرر قانوناً وفق نص المادة 4/1 من القانون رقم 31 لسنة 1970 بتعديل بعض أحكام قانون الجزاء رقم 16 لسنة 1960 أنه «يعاقب بالحبس الموقت الذي لا تقل مدته عن ثلاث سنوات كل من قام بغير إذن من الحكومة بجمع الجند أو قام بعمل عدائي آخر ضد دولة أجنبية من شأنه تعريض الكويت لخطر الحرب أو قطع العلاقات السياسية، فإذا ترتب على الفعل وقوع الحرب أو قطع العلاقات السياسية تكون العقوبة الحبس المؤبد».
وحيث انه عن التهمة الأولى المنسوبة للمتهم، ولما كان البين من نص المادة المشار إليها انها استلزمت لتطبيقها قيام الفاعل بغير إذن من الحكومة بنشاط مادي بإحدى الصورتين المبينة سلفاً، وهي جمع الجند أو أي عمل عدائي حقيقي وجدي ضد دولة أجنبية من شأنه تعريض الكويت لخطر الحرب أو قطع العلاقات السياسية.
ولما كان ذلك وكانت الأفعال المنسوبة للمتهم تتمثل بكتابات منشورة في حسابه الشخصي على موقع التواصل الاجتماعي (تويتر) تنطوي على عبارات مسيئة من شخص من أحاد الناس لا صفة رسمية له ولا يمثل جماعة معتبرة داخل البلاد بل انه لا يحمل حتى الجنسية الكويتية، كما أنها مجرد تغريدات مبتذلة لا ترقى بالتأكيد أن تكون أعمالاً عدائية حقيقية من شأنها تعريض دولة الكويت لخطر الحرب أو قطع العلاقات السياسية مع المملكة العربية السعودية أو حتى أن تنتقص من العلاقة بين الدولتين، وان تضمنت تلك التغريدات عبارات مسيئة تنم عن ما يكنه المتهم من ضغون وكره للمملكة العربية السعودية ورموزها إلا أنه لا يمكن للمحكمة أن تُحمل مادة الاتهام - نص التجريم - أكثر مما يحتمل وتتوسع فيه بلا سند، وهو ما يستدعي الحاجة إلى وجود تشريعات جديدة ملائمة من حيث الوصف القانوني السليم لنص التجريم ببيان الوقائع المحظورة ووضع العقوبة الملائمة لها بحيث تتناسب مع حجم وحقيقة الأفعال المماثلة لفعل المتهم، الأمر الذي لا يسع معه الحال سوى القضاء ببراءة المتهم من تلك التهمة الأولى المنسوبة إليه.
أما عن التهمة الثانية المنسوبة للمتهم، ولما كانت تلك التهمة تدور وجوداً وعدما مع ثبوت التهمة الأولى بحيث إذا ثبت إدانة المتهم عن التهمة الأولى وارتكابه الجرم المنسوب إليه ثبت معها قيام المتهم بإساءة استخدام وسائل الاتصالات الهاتفية باعتبارها الوسيلة التي مكنته من اظهار فعله للعلن، ولما كانت المحكمة قد انتهت إلى عدم ثبوت التهمة الأولى بحق المتهم ومن ثم ينعدم معه الأساس القانوني لثبوت التهمة الثانية وتقضي معه المحكمة ببراءته منه.
ولما كان ذلك فإن المحكمة، وبعد أن تيقنت من عدم كفاية أدلة الثبوت المشار إليها للقضاء بالإدانة، فإنها لا تساير سلطة الاتهام فيما ذهبت إليه، وترى بعد تبصرها عدم صحة التهم المنسوبة للمتهم، مما يتعين معه القضاء ببراءته عملاً بنص المادة 172 /1 من قانون الإجراءات والمحاكمة الجزائية وذلك على النحو المبين بالمنطوق.
فلهذه الأسباب حكمت المحكمة حضورياً: ببراءة المتهم مما نسب إليه.