الكويت: قاسم حداد.. يستحضر «ابن الوردة» في أمسية بجمعية الخريجين
الوسط – المحرر الثقافي
بالتعاون بين جمعية الخريجين والمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب في الكويت، أقيمت بمقر الجمعية أمسية شعرية للشاعر البحريني قاسم حداد، الذي القى مختارات شعرية من كتابه «طرفة بن الوردة» الذي أعاد فيه قراءة ورواية سيرة الشاعر الجاهلي طرفة بن العبد، وقدم الأمسية الناقد فهد الهندال ، وذلك وفق ما نقلت صحيفة "القبس" الكويتية اليوم السبت (23 أبريل/ نيسان 2016).
في بداية الأمسية، استعان الهندال بكتاب «صنعة الشعر» لبورخيس ليشير إلى أن «الشعر الذي تخبئه الكلمات كما لو كان ابتعاثا مفاجئا للعالم»، وقال الهندال وفقا لبورخيس ان «الشعر في كل مرة تجربة جديدة، وكل مرة نقرأ فيها قصيدة ما تحدث التجربة، كذلك التجربة التي يحييها وحي الشعر».
بياض يخون بياضه
وعلى لسان قاسم حداد قال الهندال «إن الشعر يصقل أرواح الذين يحبونه فقط ولا يغير شيئا خارج الكتابة»، ويستعين الهندال هذه المرة بمقدمة أمين صالح لكتاب «طرفة بن الوردة» ليقول على لسانه «بدأب نقاش، بصبر ناسك، ببصيرة راء يمسك القلم، وفي حنو يخط على ورق حنون لا يشاكس ولا يتأفف، ناثراً الحبر، في تناسق، على بياض يخون بياضه أحياناً، كأنه يمزج الليل والنهار في أفقٍ يتدلى كالثوب، أفق لا يحكمه غير شاعر يعرف خبايا الكلمات لكن يجهل سرائر الكائنات، ولا يحتكم إليه -إلى هذا الأفق الذي يربك نفسه بتحولاته الدائمة- غير حالم يبعثر صوره لتكون علامات غامضة يستدل بها حالمون غامضون يأتون بعده».
البحر الطويل
وجاء الدور على قاسم حداد الذي القى عددا كبيرا من القصائد من مشروعه المهم «طرفة بن الوردة»، المشروع الذي حلم به أربعين عاما وأنجزه في أربعة أعوام، قراءة شعرية جديدة للشاعر المتمرد والقتيل طرفة بن العبد الذي الحقه باسم امه «وردة بنت عبدالمسيح»، وكانت البداية مع سيرة طرفة بن الوردة من خلال نص البحر الطويل:
قلبي على البحر الطويل
شموخه في هودجٍ،
ويموجُ أكثر خفةً من ريشة التذهيب
يسري كالنبيذ ويصقل البلور
وشمٌ في يدٍ،
ورشاقةٌ لغةٌ
كأن الله صاغَ لشاعرٍ ماءً على البحر الطويل
ماذا تريدون مني؟
ويقلب حداد صفحات ديوانه ليختار نصا أخر من سيرة الشاعر المتمرد فيصرخ على لسانه أمام القبيلة «ماذا تريدون مني؟»:
ماذا تريدون منّي؟
كيف تريدونني أن أراه،
وهو مستوحشٌ في تجاعيده
كيف لي أن أميز إيقاعه
وهو يخرجُ في كل يوم على الوزن
ميزانه أنه واحدٌ والملوكُ كثيرون
أن القبيلة تقتله والقضاة يرون.
كان يعرف
حداد قرأ العديد من النصوص التي تراوحت بين الطويلة والموجزة: لازورد القميص، درس الكحول، رسالة، الحيرة، على وطن يخشى هذا الفتى، معنى الموت، مديح النعش، مكاشفة، حجاز، وكان يعرف التي يقول فيها:
كان يعرفُ،
قادة، يستنوقون جِمالَهم ويَشونَ بالمعنى لكي ينهار بالتأويل
ماءٌ زئبقٌ شبقٌ ويعرفُ
كلما خاضوا بماء كتابه، وبنوا قصوراً فوق طينةِ شِعره خانوهُ
خلُّوا نجمةً سوداء تبكي في يديه.
رقصة الغجر
وأنهى قاسم استعادته لسيرة طرفة بن الوردة المفعمة بالتمرد، والتي يرويها كما لم ترو من قبل بنص «رقصة الغجر» مزركش بالتفاصيل الصغيرة وحيث اختزال التفاصيل لا يجوز مع الغجر:
شعبٌ سينسى أنني أجَّلتُ موتي تسعَ مراتٍ لكي أحظى بيقظته
نصبتُ له الخدائعَ وانتحلتُ النصَ والأنخابَ والغجر السكارى بالجمال ورِقة التهذيب بالخمر الغريب
وتسعَ مراتٍ نجوتُ بزهرة الميزان
كنتُ إذا مشوا في الرمل أسمعُ خوفَهم في ملتقى الأنهار
أخشى أنني لن أعرف المعنى
وإن أجلتُ تسعاً عشرَ مراتٍ
ففي بعض التفاصيل اختزالٌ لا يجوز مع الغجرْ
إلى غجرٍ تعود قصيدتي لتنال معناها
لتفسيرٍ مزاجيٍّ لشعبٍ يفقد الإيقاع
أسلمَ واستراحَ وغادر القاموس
لا غجرٌ له
شعبٌ أضاعَ كمانَه
نسيَ الأغاني واستقر بلا سفر.