العدد 4972 بتاريخ 17-04-2016م تسجيل الدخول


الرئيسيةثقافة
شارك:


قصة قصيرة... سريرٌ آخرُ خالٍ في الغرفة

قصة قصيرة - فاطمة محسن شهاب

بالأمسِ فقط جلست أنا على سريريَ هذا الذي يتوسط سريرَيْهِما الفارغين في غرفة البنات. أختي الكبرى تزوجت، وكذلك الصغرى ستتزوج، لم تعد للمنزل بعد؛ لأنها مشغولة بالتجهيز لحفل زفافها.

في الحقيقة لقد اعتدت على النوم قبل عودتها منذ عقدِ قرانها، كما اعتدت منذ زمن بعيد على التوقف عن تخيُّل فارس الأحلام المنتظر، حياتي عندما أتزوج، أو حتى صوت طفلة، أو إحساس أمٍّ. في طفولتنا، كانت لدينا تعابيرنا الخاصة عن هذا الحدث الكبير، عندما تتحدث إحداهما عن الأمر تضحك أمي ويبتسم أبي، ولكن عندما أتحدَّثُ أنا تحزن أمي، يصمتُ أبي، ويقولُ أخي الكبير: من قال إنه يجب على كل النساء أن يتزوَّجْن؟ لذا فقد توقَّفتُ عن الحديث في هذا الأمر.

تعلَّمتُ مع مرور الزمن بأنني -أنا الأكثر ضعفًا بين أُختيَّ- يجب أن أكون الأشدَّ قوة، صنعتُ نفسي بنفسي لأجل نفسي ولم أنتظر يومًا رجلًا، أيَّ رجل. عندما وصلت إلى سن الزواج كنتُ محطَّ أنظارِ النساءِ الباحثاتِ عن زوجاتٍ لأبنائهن،"انظري إليها" "من هي؟" "إنها ابنة فلان" "ونعم النسب"... "فتاة جميلة وجامعية وملتزمة ومؤدبة وخلوقة و...و...و" في النهاية"... "لكنها مصابة بالسكلر" لتشيح المرأة بوجهها... "شافاها الله وعافاها... فالنبحث عن غيرها"،عندها فقط عرفت لماذا تحزن أمي ويصمت أبي ويقول أخي الكبير: ومن قال إنه يجب على كل النساء أن يتزوجن.

أخي الكبير-رحمه الله- كان مصابًا بالسكلر أيضًا؛ لذا فقد كانَ الأقربَ إليَّ، علَّمني أن أكونَ قويةً وراضيةً، علَّمني كيف أحبُّ نفسي وأقدِّرُ ذاتي، علَّمني أننا عندما نقتربُ من الله ونرضى بقدرهِ وقضائِهِ، نعرفُ أنه لا يقدِّر لنا إلا الخير، عندها لن نكترث أبدًا لأحكام البشرِ الجائرة. أخي أيضًا تزوج قبل وفاته، ربما لأنه رجل وربما لأن زوجته لم تكن تخشى أن تُحبَّ رجلاً ثم تَفقِدَهُ وَسَطَ معاركِ الحياة.

ولكن يا ترى هل بإمكاننا نحن البشر أن نعرف ذلك؟ هل بإمكاننا أن نعرف من سنفقِدُه ومن الذي سيواصل معنا مسيرتنا في الحياة؟ نعم، إنه سريرٌ آخرُ خالٍ في الغرفة، ولكنه ليس لعروسٍ زُفَّتْ إلى زوجها، إنها لا تنام الليلة في سرير الزوجية، لقد استبدلت ثوبَ زِفافها بالأكفان، واستحبَّت نوم القبر على سرير الزوجية، من كان يعلم بأننا سنفقِدُها في هذا الوقت المبكر من الحياة؟! ألم يكن من الحريّ بي أن أكون مكانها؟ من كان يتوقع بأنني "أنا" سأجلس في عزائها "هي"؟ أختي الصغرى تلك الشابَّةُ المتفجرَّةُ بالحيويةِ والنشاط، الفتاةُ السليمةُ الوحيدةُ في الأسرة، إنها حتى لا تحمل الجيناتِ الوراثيةِ لهذا المرض المزمن، كنّا جميعًا نتوقَّع لها حياةً مديدةً سعيدةً، زوجًا محبًا وأولادًا بارِّين، ترى لماذا لم يَخشَ خطيبُها أبدًا أن يفقدِها قبل أن تُشاطِرَه سرير الزوجية؟ أتراهُ لو عَلِمَ أنَّه سيفقِدُها اليومَ بحادث سيارة مشؤوم كان أتى وطلبها له زوجة؟؟!

كفكفتُ دموعيَ الجارية وتناولتُ القلم بيديَّ المرتجفتين، فتحتُ دفتر مذكراتي وكتبت... "من نعم الله علينا أن رسائلنا إلى العالم الآخر لا تحتاج إلى واسطة... أختي الحبيبة... شاركتِنِي كلَّ شيء، كلَّ ما كان، وكلَّ مازال، لذلك ستَبقَيْنَ هنا حتى تأخذيني يومًا ما إليك".



أضف تعليق



التعليقات 38
زائر 1 | مؤلمه ورائعه 10:23 م مؤلم هو ذلك الشعور .. شعور الحرمان .. وشعور الفقد ورائع هو صبر الانسان وقدرته على صياغة مشاعره بتناسق وانسيابيه بأبسط الادوات قلم وورقه ولكن مشاعرك اختاه وصلت لانها ببساطه صادقه .. كان الله في عونك وجبر مصابك بالصبر الجميل رد على تعليق
زائر 24 | واقع مؤلم 12:33 م فعلا حال مرضى السكلر جدا مؤلم ولا يقف الإنسان أمام هذه الظاهرة إلا حائرًا، ولكن لابد لنا نحن المصابين أن لا نخلق قصص بؤس اخرى من خلال الزواج من مصابين اخرين بسبب قصص حب ضارة تضر بجيل المستقبل، والله لدي صديق مصاب بالسكلر ولا املك له غير دمعة حقيرة لا تغني ولا تسمن من جوع والله يكون في عونهم
زائر 2 | ما شاء الله 10:37 م قصة رائعة
اللهم من على مرضى المؤمنين و المؤمنات بالشفاء و الصحة رد على تعليق
زائر 3 | 10:59 م اعجبتني رد على تعليق
زائر 11 | اعجبني 3:07 ص من كان يتوقع ان الموت يسبق اختها
واكره هذه المجتمعات التي سلبت حقوق مصابين السكلر
زائر 4 | 11:05 م حكاية كاره للسرير: من الثقافات العامة عند النساء , عندما يأتي فارس الأحلام تنسي الأنثي كل النعم و تقلب حياته نقم و هم وغم. جمالها في الخارج. لبسها للخروج و التظاهر. الرجل يتحمل أقبح مناظرها و أسوأ خلقها. تكره السرير لأن زوجها يريد الإقتراب منها و هي ماسحة كل ما كان يجمل وجهها و بالأضافة الى وضوح حقيقتها فإن تكشيرتها تضيف قبحا علي وجهها. ثقافة عامة أو قل شبه عامة في فتيات اليوم التي همها الشراء و التسوق و التظاهر بالتملك . " عندي زوج مثل ما عندى احذية و شنط و كل شيئ". رد على تعليق
زائر 19 | الحمدلله 6:43 ص ليس لدي هذه الثقافه وراضيه بما قسمه لي ربي والجمال الخلقي هو الذي يجمل الجمال الشكلي وكم من فارهت الجمال واخلاقها دانيه وكم من قبيحه اخلاقها عاليه
زائر 21 | اخي زائر4 7:20 ص عورت قلبي فعلا انت تعاني لكن مو كل النساء مثل ما وصفت .. يمكن اخطأت الاختيار ويمكن تكون انت سبب من الاسباب وإذا كنت في بداية حياتك حاول تصلح ولا تيأس وان كان ولابد تشوف احد من اهلها ينصحها .. اعتذر لتدخلي ولا تظن اتكلم بمثاليه لكن اتكلم عن نفسي متزوجه اكثر من 15 سنه وزوجي مختلف في كلشي عني وطباعه لاتطاق لكن بالصبر والاخلاق قدرت اعدي هالسنوات كلها مو علشانه لاا علشان رضا ربي وسعادة اولادي ..
زائر 22 | الى كاره السرير 7:24 ص الجمال بين الزوجين مو صدقني بالشكل لا تركز وايد في هالنقطه لانها في الاول والاخير هذي اختيارك ولو حاولت تعدل اخلاقها بالطيب والمحبه راح يتغير شكلها .. كثير جميلات ازواجهم يشوفونهم عاديين جدا ونساء بسيطات في الجمال لكن عند الزوج تسوى الدنيا ومافيها .. اتمنى لك حياه سعيده والله يغير حالك لاحسن حال
زائر 5 | رائعة 12:01 ص تروحون و ترجعون بالسلامة رد على تعليق
زائر 6 | حنونه 12:02 ص قصةة رائعةة كلمات ذهبيه .. ربي يوفقج الي الامام بتوافيق رد على تعليق
زائر 7 | ستراوية 1:02 ص مؤلمة جدا رد على تعليق
زائر 8 | 1:07 ص قصه جميله تحكي واقع مؤلم...محد يموت قبل يومه بالفعل وانا مصابه والحمدلله تزوجت واصبحت ام بس.مو كل عايله تتقبل المرض رد على تعليق
زائر 9 | زائر 2:16 ص صراحه قصة أو خاطره مؤثر اعجبتني
زائر 10 | 2:41 ص قصة جميلة ومعبرة تحكي واقع مؤلم لهذا المرض الوراثي والمعانات معه رد على تعليق
زائر 12 | 4:00 ص الله قصه معبره .. الله يرحمها برحمته ويصبركم و الله يعطيج الصحه والعافيه و كل شي نصيب في هالدنيا
مثلا انا مو ناقصني شي والحمدلله ولا فيني اي مرض ولكن النصيب لم يأتي بعد وعمري 30 .. الصبر جميل
والله يوفق الجميع و كلنا راحلون رد على تعليق
زائر 13 | رائعة 4:11 ص مؤثرة جدا ورائعة رد على تعليق
زائر 14 | 4:36 ص مؤلمه !!
وحقاً .. لا أحد يعلم متى يومه !
أحياناً يتوفى شاب قبل والده الهرم .. لأنها ببساطه - أقدار - وأعمارنا بيد الله رد على تعليق
زائر 15 | 5:01 ص الله ارحم الراحمين
قصه مؤثرة ورائعه رد على تعليق
زائر 16 | قصة راقية ورائعة ! 5:23 ص الله يوفقك لكل خير رد على تعليق
زائر 17 | لماذا إبتسمَ الإمام الرضا (ع) بينما كانَ الاخرون يبكون ؟ 6:06 ص يرويها آيه الله الشيخ بهجت قدس سره ...
ذهبَ الإمام الرضا (ع) لعيادةِ مريض، وكانَ عندَ المريضِ جمعٌ يبكون،
كانوا يبكونَ لانهُ شخصٌ عزيزٌ عليهم، ولأنَ مؤمناً سيفارقهم، بينما هم كذلك كان الإمام (ع) يبتسم، ولما خرجوا من عندِ المريض، سألوا الامام (ع): أصدقائهُ يبكونِ وأنتَ تبتسم ؟ معَ العلمِ أنَ المحتضر رجلٌ صالحٌ و مؤمنْ، فقال عليه السلام :تبسمتُ لأنَ هؤلاءِ الحضور سيموتونَ جميعهم قبل هذا المريض، وهذا المريض لن يموتَ في مرضهِ هذا .. رد على تعليق
زائر 18 | 6:40 ص قصة رائعة. اسلوب السرد كان جذابا وممتعا. دمت موفقة رد على تعليق
زائر 20 | الله يرحمها والخير فيما أختاره الله 6:54 ص الله ينعم عليك بالصحة والرضا بقضاء الله رد على تعليق
زائر 23 | يا الله 7:58 ص مسح الله على قلبكِ ورزقك الزوج الصالح الذي يُسعدكِ
واصلي الكتابة فما كتبته جميل رغم كل الألم الذي يختزنه رد على تعليق
زائر 25 | ابدعتي 1:19 م ابدعتي بالكتابة والمتي قلبنا بالكلمات المعبرة رحم الله امواتنا وامواتكم فالفراق صعب ولايشعر به ال الذي مر فيه
زائر 26 | زائرة الوسط 2:42 م آلمتي قلبي كثيرا...كانت ليي صديقة مصابة و كنت اراها تصارع المرض والخطاب يفرون منها بسببه ..تقدم ليي شاب مصاب بالمرض فقبلته حتى يتعلم الناس ان ترضى بطيب الاخلاق والدين ولو كان مريضا سوف احاول اسعاده في بقية سنوات عمره ...فهو يستحق الكثير...والحمد لله صديقتي تزوجت في نفس العام .. رد على تعليق
زائر 27 | 4:57 م ارزاق من رب العالمين ومحد يدري متى يومه ويامه مرضى تزوجو واصحاء ماتزوجو هذا رزق واذا الله كتب شي محد يقدر يمنعه
مع العلم انا مريضه ولكن مو بسكلر ولكن اعاني مثل هلمعانات برفض رد على تعليق
زائر 28 | 4:58 م رأئعة جدا رد على تعليق
زائر 29 | 4:59 م قصه حزينهةولكن الواقع مغاير لو ان الوالدين تفادو هذا المرض لما عشت بهذا الهم والحزن صحيح هو قضاء وقدر ولكن برائي الشخصي يفضل من هومصاب بالمرض ان لا يتزوج بتاتا فنهايته محتومه ... وان يرضى بقضاء الله و بأذن الله سيتعوض بالجنه بافضل من مافي الدنيا رد على تعليق
زائر 35 | 7:59 ص موكل والدين يقدرون يتفادون هالشي
زائر 36 | 8:13 ص موكل والدين يقدرون يتفادون هالامر يعني احنا مانقدر نلوم امهاتنا وابهاتنا لان في زمنهم مافي شي اسمه تحاليل ماقبل الزواج ولايعوفون المرض واسمه اصلا لدرجة انهم مستغربين من المرض وشلون صادنا بس حديثي الزواج لازم مايصيرون انانيين واذا يعرفون انهم اثنينهم حاملين للمرض او حامل ومصاب او مصابين خلاص ماياخذون بعض لان عيالهم من حقهم يلومونهم ويتهمونهم بالحكم عليهم بالاعدام قبل ولادتهم لان يدرون وفيه تحاليل يعني ماعندهم عذر احنا مانقدر نلوم ولانعاتب لكانوا يدرون ماجنوا علينا الحمدالله على كل حال نعمه مرضنا
زائر 30 | 5:16 م ما اجمل رحيق روحكِ التي خطت تلك الكلمات بدمكِ المنجلي الجميل (نقطة) رد على تعليق
زائر 31 | 6:04 م عصرتي قلبي..
من اقوال الإمام علي (ع)
كم من صحيح مات بغير علة..و كم من سقيم عاش حينا من الدهر.
هذا المرض مثل اي مرض ثاني مثل الضغط والسكري بعيد الشر و بعض الناس للاسف متخلفة. رد على تعليق
زائر 32 | 2:15 ص كاتبة مبدعة...
ننتظر اليوم الذي نشتري به روياتكِ لنقدمها غذاءً روحياً لابنائنا.
رغم قصر القصة، ولكنها إزاحة أكنةً عن قلبي لطالما أزاحتها بنت الهدى بكتاباتها الخالدة.
ننتظر ما يخفيه قلمك الجميل بكل شوق
كل التوفيق رد على تعليق
زائر 33 | 2:45 ص ابداع منتهاي
وصلتني عن طريق جمعية السكلر بمقتطفات جميلة
وشوقتني للقراءة على الرغم اني لست محباً لها كثيراً

شكرا لكلامتك المؤلمة والفكرة المتماسكة رد على تعليق
زائر 34 | 7:31 ص سلمت يادكي اختي رد على تعليق
زائر 37 | 8:15 ص كلمات ابداعيه شعرت بها وعشت بين وجعها ربما لانني مصابة بالمرض ذاته واعيش الوضع والظروف ذاتها ابدعتي بحروفك الجميله قصة قصيرة بمعنى كبير وعميق سلمت اناملكِ ونحمد الله ونشكره على ما ابتلانا رد على تعليق
زائر 38 | 4:39 ص تسلم ايدش كتابش جميله ...استمري و الله يوفقش و يرزقش رد على تعليق