"التنمية السياسية": المجالس البلدية تجسيد للمشاركة الشعبية في القرار
ضاحية السيف - معهد البحرين للتنمية المستدامة
أكدت ورشة عمل نظمها معهد البحرين للتنمية السياسية لأعضاء المجالس البلدية، أمس الأول (الخميس) بعنوان "الأدوار الخدمية للمجالس البلدية"، بمشاركة 23 من أعضاء المجالس البلدية وأمانة العاصمة، أن الدور الخدمي للمجالس البلدية بوصفها صورة من صور المشاركة الشعبية، يستهدف إشباع الحاجات العامة للأفراد، تحت رقابة وتوجيه الدولة، في إطار من العمومية والتجريد، وعلى نطاق مكاني محدد، استهدافاً للصالح العام.
وشددت الورشة على مبدأ العمومية في تقديم الخدمات البلدية نظراً لكونها تستهدف إشباع احتياجات عامة، ولذا يجب أن يتم تقديم الخدمة باستهداف عموم الأفراد في الحيّز المكاني لاختصاصات المجالس البلدية، بعيداً عن الانتقائية أو استبعاد أي مستحق مواطناً كان أم أجنبياً، تحقيقاً لمبدأ المساواة بين المنتفعين، بمعنى أن كل شخص توافرت فيه الأوصاف للحصول على الخدمة سواء كانت (ترخيصاً، دفع رسم أو غيرهما) أو كل واقعة (بناء جسر، مسالخ أو غيرهما) توافرت فيها الشروط، تنطبق عليها صفة التعميم وبالتالي لا يجوز استبعادها من تقديم الخدمة.
وبيّنت الورشة التي قدّمها أستاذ القانون بجامعة البحرين عبدالجبّار الطيّب، ضمن برنامج "مهارات بلدية" للمجالس البلدية، الذي ينظّمه معهد البحرين للتنمية السياسية، أن المجالس البلدية كما يقرّها الفقه القانوني هي وحدات تنفيذية منتخبة تستهدف الصالح العام، وأنها لا تختلف عن أجهزة الدولة سوى أنها تأتي بناءً على الرغبة في إشراك الشعوب في اتخاذ القرار العام من خلال الانتخاب.
وأكدت الورشة أن العمومية والتجريد في العمل البلدي تستدعي مراعاة المساواة بين المنتفعين، وضرورة أن تكون الأسس والمعايير لتقديم الخدمة موضوعية وليست شخصية.
كما ركزت الورشة على مفهوم استهداف الصالح العام في العمل البلدي، باعتباره أصلاً ثابتاً في كل أعمال الأجهزة الحكومية، ويشمل جميع أوجه نماء المجتمع وتطوره، وتعني مراعاة مصلحة جميع الأجيال الحالية والمستقبلية، ومصلحة الجميع، سواء من كانوا في النطاق المكاني للمحافظة أم غيرها، لأن الخدمات التي تقدمها المجالس البلدية هي في الأصل مما يمكن أن يستخدمه الجميع، ومدلول الصالح العام لا ينصرف إلى المحافظة التي فيها البلدية فقط.
وتم خلال الورشة أيضاً تعريف أعضاء المجالس البلدية بالنظام الداخلي للمجلس البلدي، والأدوار الخدمية للعضو البلدي، مع التأكيد على ضرورة أن تعمل المجالس البلدية بما لا يتعارض مع السياسة العامة للدولة، انطلاقاً من أن أساس توجيه عمل المجالس البلدية وفق ما نصت عليه المادة (19) من قانون البلديات بأن اختصاصات المجالس البلدية تمارس في (حدود السياسة العامة للدولة وخططها التنموية)، والتي تُعَد الإطار العام لخطط وبرامج عمل السلطة التنفيذية في الدولة باعتبارها المسئولة عن تيسير حياة الناس وإشباع الحاجات العامة.
وأوضحت الورشة أن برنامج عمل الحكومة هو الإطار العام لبرامج وسياسات الحكومة لأربع سنوات قادمة، مما يعني ضرورة أن تلتزم المجالس البلدية وأمانة العاصمة بهذه السياسات بالتنسيق والتعاون مع الوزير المعني بشئون البلديات كونه الوزير المختص بتنفيذ سياسات الحكومة المتعلقة بالشئون البلدية، حيث لا يجوز للمجالس البلدية وفق نص المادة (38) من اللائحة التنفيذية لقانون البلديات الارتباط بأية مشروعات أو أعمال تتعلق بمجالات التنمية المختلفة أو تمويلها أو تنفيذها بما يخالف الخطة المحلية المعتمدة.
وقدمت الورشة شرحاً مفصلاً حول خصائص الحاجات العامة على عمل البلديات، وفق ما قررته المادة (19) من المرسوم بقانون رقم (35) لسنة 2001 بإصدار قانون البلديات، والذي عددّ الحاجات العامة بأنها تتمثل في (اقتراح إنشاء وتحسين الطرق ووضع الأنظمة المتعلقة بإشغالاتها، وتجميل وتنظيف الشوارع والأماكن والشواطئ، اقتراح الأنظمة الخاصة بالصحة العامة، العمل على حماية البيئة، مراقبة تنفيذ الأنظمة المتعلقة بالإنارة والمياه والصرف الصحي، تقرير إنشاء وتطوير الحدائق والمتنزهات العامة وأماكن الترفيه، تقرير إنشاء المسالخ والأسواق ومدافن النفايات).
وتناولت الورشة أدوات تطبيق الأنماط العامة لتقديم الخدمات في التشريع البحريني، والتي يقصد بها ما أتاحه المشرّع البحريني من وسائل قانونية تمكّن المجالس المحلية من أداء أدوارها واختصاصاتها، والمتمثلة في أداة الاقتراح كـ "اقتراح مرافق عامة، اقتراح أنظمة، اقتراح رسوم"، وأداة وضع الأنظمة وتنظيم بعض المسائل مثل "الأنظمة الخاصة بإشغالات الطرق العامة، وأنظمة الإعلانات الدعائية، وأنظمة المحال العامة، وأنظمة النظافة العامة، وتنظيم رخص البناء والهدم والترميم وتعديل الأبنية"، وأخيراً التدابير الخاصة والتي لا تحتاج لموافقة الوزير وتتطلب التعاون في اتخاذها مع جهات أخرى مثل ما نصت عليه الفقرة (ك) من المادة (13) من اللائحة "اتخاذ كل التدابير الخاصة بإيواء وتسكين المواطنين في حالات الكوارث والنكبات العامة وإغاثتهم وصرف المساعدات العاجلة لهم وذلك بالتنسيق والتعاون مع الجهات ذات الشأن".
وشهدت الورشة تفاعلاً من جانب المشاركين من أعضاء المجالس البلدية وأمانة العاصمة، من خلال طرح العديد من الأسئلة والمداخلات حول طبيعة العمل البلدي وما يواجهونه من تحديات، تتعلق بصلاحيات المجالس البلدية ومدى توافر الموارد اللازمة لتنفيذ المشروعات التطويرية وغيرها من الموضوعات التي تهم العمل البلدي وتسهم في تنميته وتطويره.
وعبّر المشاركون في الورشة عن تقديرهم لجهود معهد البحرين للتنمية السياسية في توفير برامج التدريب والدراسات والبحوث التي تدعم عمل المجالس البلدية وتسهم في تطوير أدائها في خدمة الوطن والمواطن، مؤكدين أهمية موضوع الورشة في تمكين العضو البلدي من الاستخدام الصحيح لاختصاصات المجلس، ونجاح المعهد في تحقيق الأهداف التي نظّم الورشة لها.
يذكر أن معهد البحرين للتنمية السياسية معهد وطني يهدف في المقام الأول إلى نشر ثقافة الديمقراطية ودعم وترسيخ مفهوم المبادئ الديمقراطية السليمة، وقد تأسس بموجب المرسوم رقم (39) لسنة 2005 وهو يعمل على رفع مستوى الوعي السياسي والتنموي والنهوض بالمسيرة السياسية في مملكة البحرين، وزيادة المعرفة بين جميع أفراد المجتمع وتوعيتهم بالعمل السياسي وبحقوقهم وواجباتهم التي كفلها الدستور ونظمتها التشريعات ذات العلاقة.