"العدل" السعودية عن واقعة "العيينة": لا تفرقة بين الأزواج لعدم تكافؤ النسب
الوسط – المحرر الدولي
قال المستشار والمتحدث الرسمي لوزارة العدل السعودية؛ الشيخ منصور القفاري، إن المبادئ والقرارات القضائية لا تفرق بين الأزواج لعدم تكافؤ النسب، وأن الأصل هو الكفاءة في الدين، كما جاء في كتاب الله وسنة نبيه.
وأضاف تعليقاً على ما تداولته وسائل الإعلام حول قضية منظورة بمحكمة العيينة؛ صدر فيها حكمٌ ابتدائي يقضي بتطليق زوج من زوجته: الحكم ما زال حكماً ابتدائياً ولم يكتسب الصفة النهائية، ويحق لأطراف النزاع الاعتراض عليه أمام المحكمة الأعلى درجة، والمخرجات القضائية تسير وفق عمل مؤسسي واضح، وتدقيق الحكم من قِبل المحاكم الأعلى درجة أحد ضمانات التقاضي التي أوجبتها الأنظمة.
تفصيلاً، أوضح الشيخ منصور القفاري، أن القضاء في المملكة يطبق أحكام الشريعة الإسلامية التي جاءت بأعدل الأحكام وأرقى النظم في حفظ الدين والنفس والعرض والمال والعقل، على نحو يوازن بين مصالح الفرد والمجتمع، ويمنع من الظلم والجور؛ مبيناً أن من أظلم الظلم الذي حرّمته الشريعة عضل الأولياء لمولياتهم بالامتناع من تزويجهن بالأكفاء؛ مضيفاً أن مما استقر عليه قضاء المملكة اعتبار عضل الأولياء سبباً موجباً لفسخ ولاية التزويج من الولي العاضل، كما أن المستقر قضاءً أن المعتبر في الكفاءة بالنكاح كفاءة الدين وليس النسب، أما امتناع بعض الناس ابتداءً عن تزويج من لا يُرضى لنسب ونحوه، فهذا داخل في خيار الناس ورغباتهم، مؤكداً أن هذه المبادئ التي استقر عليها القضاء في المملكة صدرت بها قرارات الهيئة الدائمة في مجلس القضاء الأعلى (السابق)، وقرارات المحكمة العليا.
جاء ذلك تعليقاً على ما تداولته وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي حول قضية منظورة بمحكمة العيينة صدر فيها حكمٌ ابتدائي يقضي بتطليق زوج من زوجته، وما تضمنه المنشور من معلومات مغلوطة استغلها البعض في الإساءة لعدالة المملكة وقضائها الشرعي الذي يستمد قواعده من أحكام الشريعة الإسلامية التي جاءت بالعدل بين الناس والمساواة بينهم في الحقوق والواجبات والتكاليف.
وقال القفاري: إنه سبق أن صدر قرار الهيئة الدائمة بمجلس القضاء الأعلى رقم (1228 / 5 ) وتاريخ 1 / 8 / 1428هـ الذي نصّه: (الأصل إنما هو الكفاءة في الدين، وذلك في الدماء وغيرها، لعموم الأدلة من القرآن والسنة، وحديث "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه.." هو الأصل، ومجرد الخلاف لا تُرد به السنة، أما الامتناع ابتداءً عن تزويج من لا يُرضى لنسب ونحوه، فهذا داخل في خيار الناس، وأما إبطال عقود شرعية صادرة عن رضى المرأة، وولي أمرها، بمثل دعوى أخ ونحوه رغم رضا المرأة وأبيها، فأمر غير صالح).
كما جاء في قرار المحكمة العليا رقم ( 3 / 3 / 8 ) وتاريخ 10 / 2 / 1431هـ، ونصّه: "الأصل في العقود الصحة، إلا إن خالفت نصاً من كتاب الله، أو سنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، ولم يظهر في عقد نكاح المرأة بمن لا يكافئها في النسب أنه مخالف لنص من كتاب الله - سبحانه -، أو سنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، فالأصل سلامته وصحته، ولكل قضية ظروفها وملابساتها".
فيتبين ممّا تقدّم أن المبادئ والقرارات القضائية لا تفرق بين الأزواج لعدم تكافؤ النسب، وأن الأصل هو الكفاءة في الدين، كما جاء في كتاب الله وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم -، غير أن لكل قضية حيثياتها ومُلابساتها التي قد لا يظهرها أحد الأطراف عند إثارة قضيته إعلامياً.
وحول قضية محكمة العيينة التي تمّ تداولها من قِبل البعض، كشف القفاري؛ أن المرأة سبق أن تقدمت للمحكمة بدعوى عضل ضدّ وليها، ونظرت المحكمة في الدعوى واستدعت الولي وتحقّقت من الدعوى، ولما ثبتت لها صحة الدعوى حكمت بثبوت العضل، ونقلت الولاية إلى مَن يليه من الأولياء وفق ما تقضي به القواعد الشرعية، ثم قام هذا الولي بالعقد للمرأة على أحد الخطّاب الذين تقدّموا لخطبتها.
وأردف أنه بعد عقد النكاح تقدّم هذا الولي إلى المحكمة يطلب فسخ العقد الذي أجراه بحجة أن الخاطب مارس الغش والتدليس في المعلومات التي قدّمها عن نفسه وتمّ تزويجه بناءً عليها، لتنظر المحكمة في دعوى الولي بحصول الغش والتدليس المؤثر في ركن الرضا الذي هو أحد أركان العقد، وأجرت المحكمة في هذه الدعوى ما تقتضيه القواعد القضائية.
وبيّن القفاري؛ أن الحكم ما زال حكماً ابتدائياً ولم يكتسب الصفة النهائية ويحق لأطراف النزاع الاعتراض عليه أمام المحكمة الأعلى درجة، التي ستدقّق الحكم من قِبل دائرة مكوّنة من ثلاثة قضاة، تدقّقه من حيث سلامة تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية والمبادئ القضائية المستقرة، وتتحقّق من أن محكمة الدرجة الأولى كيّفت وقائع القضية تكييفاً صحيحاً.
وأكّد القفاري؛ أن المخرجات القضائية تسير وفق عمل مؤسسي واضح، وتدقيق الحكم من قِبل المحاكم الأعلى درجة أحد ضمانات التقاضي التي أوجبتها الأنظمة القضائية في المملكة، دعماً لتحقيق العدالة المنشودة، بإذن الله تعالى.
ودعا القفاري؛ في ختام حديثه، إلى عدم تداول معلومات غير صحيحة ذات صلة بالقضاء وبناء النتائج عليها، وإعطاء الفرصة للمتربصين من أعداء هذه البلاد للإساءة لعدالتها أو التشكيك في نزاهة قضائها وسلامة استمداده ومرجعيته.