إدمان الكحول وتاثيره على الأداء الجنسي وطرق العلاج
الوسط - محرر منوعات
ذكر موقع كل يوم معلومة طبية أن الكحوليات تعتبر هي السبب الثالث وراء حالات الوفيات التي يمكن تفاديها بإجراءات وقائية وفقًا لدراسات إحصائية أجريت مؤخرًا في الولايات المتحدة، وتأتي في هذه المرتبة بعد كل من التدخين والسمنة، ورغم وجود نطاق من الاختلاف الإحصائي بين هذه الأرقام وبين مجتمعاتنا العربية إلا أن هذا لا ينفي أن المشكلة موجودة لدينا أيضًا بدرجة ما. عندما تكتب مقالاً عن إدمان الخمور، فإنك تشعر بأن الموضوع واسع للغاية حيث إن كلاً من الكلمتين بمفرده كفيل بملء مجلدات حيث يعتبر الإدمان مشكلة مجتمعية خطيرة وكذلك الخمور وما تمثله من انعكاسات صحية سلبية؛ لذا سنحاول في هذا المقال التركيز على مسألة إدمان الخمور كمرحلة متقدمة تحدث لدى بعض شاربي الخمور، وفي طريقنا لإلقاء الضوء عليها سنمر بنظرة عامة على أهم النقاط المرتبطة بها.
إدمان الخمور والكحوليات: المقصود بإدمان الخمور والكحوليات ليس مجرد تناولها، ولكن عندما يكون تناول الخمور مسألة منتظمة لدى الشخص على مدى طويل مما يسبب له نوعًا من الاعتماد النفسي على الكحول، بالإضافة إلى ظهور أعراض نفسية أو جسمانية عند الانقطاع عن الكحول بما يحاكي أعراض الانسحاب في مدمني المخدرات.
ويتسم مدمن الكحوليات بأنه مع الوقت يبدأ في زيادة جرعات الكحول مرة وراء مرة من أجل الحصول على نفس التأثير، وفي زيادته للجرعة هذه لا يبالي بأي انعكاسات صحية أو اجتماعية للجرعات العالية من الكحول التي يتناولها. وإدمان الكحول يختلف عن إساءة استخدام الكحول في أن الثاني يقصد به أن يقوم الشخص بتناول كميات كبيرة من الكحول في وقت واحد بما يسبب له أضرار صحية، ولكنه لا يرتبط بتعلق نفسي أو إدمان على المشروب.
عوامل خطورة إدمان الخمور والكحوليات: هناك بعض الأشخاص أكثر عرضة من غيرهم للوقوع في فخ إدمان الخمور مثل؛ * البالغين في مقتبل العمر خاصة مع تزايد ضغوط الحياة. * سهولة الحصول على الخمور. * المرور بفترة من الاكتئاب. * انخفاض تقدير الذات. * وجود مشكلات في علاقات الشخص الإنسانية. توصيف حالات إدمان الخمور: هم الأشخاص الذين تنطبق عليهم أي من الشروط التالية؛ * رجل يتناول الخمور أكثر من 15 مرة في الأسبوع. * سيدة تتناول الخمور أكثر من 12 مرة في الأسبوع. * أي شخص يتناول في المناسبة الواحدة أكثر من 5 كئوس من الكحوليات مرة واحدة أسبوعيا على الأقل. مخاطر شرب الكحول والإدمان عليه: من الناحية النظرية فإن الكحول يقوم بالتأثير على كافة أعضاء الجسم بشكل سلبي. أولاً: الجهاز العصبي: من أهم الأعضاء التي تتأثر الجهاز العصبي المركزي؛ حيث يسبب الكحول اختلالاً في آليات عمل المستقبلات العصبية المختلفة مثل؛ * مستقبلات المورفين: يقوم بزيادة نشاطها مما يؤدي للشعور بتحسن الحالة المزاجية والانتشاء. * مستقبلات جابا: يؤدي تأثير الكحول عليها للشعور بالاسترخاء وانخفاض التوتر. * مستقبلات الجلوتامين: هي مستقبلات تحفز المخ للعمل بشكل أنشط، والكحول يثبطها؛ مما يؤدي كآلية طبيعية للتعويض لزيادة عدد المستقبلات، ويظهر تأثير هذا عند التوقف عن الكحول حيث يصب عدد المستقبلات مرتفع مما يؤدي للتحفيز الزائد للجهاز العصبي الذي ينعكس على المريض في صورة عصبية زائدة وتوتر. ثانيًا: الكبد: إدمان الخمور يؤدي لحدوث التهابات شديدة في الكبد تسمى التهاب الكبد الكحولي، و مع مرور السنين و الاستمرار في تناول الكحول يتقدم هذا الالتهاب ليدمر المزيد و المزيد من الخلايا الكبدية مؤديًا في النهاية إلى فشل كامل في الوظائف الكبدية. ثالثًا: الجهاز الهضمي: يؤدي إدمان الخمور للعديد من الانعكاسات الصحية السلبية على الجهاز الهضمي مثل؛ * التهاب جدار الأمعاء. * انخفاض قدرة الجهاز الهضمي على امتصاص بعض الفيتامينات. * التهاب البنكرياس. رابعًا: القلب: إدمان الكحول قد يؤدي لارتفاع شديد في ضغط الدم، مع زيادة مخاطر الإصابة بأزمة قلبية. خامسًا: أضرار عضوية أخرى: * مرضى السكري: الكحول قد يمنع خروج الجلوكوز المخزن في الكبد؛ مما يؤدي إلى انخفاض مستويات السكر في الدم، وهي حالة خطرة لا سيما في مرضى السكر الذين يتناولون إنسولين بالفعل لخفض السكر في الدم. * العيون: يؤدي إدمان الكحول إلى زيادة الحركات اللا إرادية التي تقوم بها عضلات العين، كما يسبب ضعف لعضلات العين بسبب نقص فيتامين ب12. * العظام: يتعارض الكحول مع عملية بناء العظام مما يؤدي للإصابة بهشاشة العظام. * المناعة: يؤدي الكحول لإضعاف المناعة. الجنس وإدمان الخمور والكحول: بالنسبة للرجال؛ يؤدي إدمان الخمور إلى انخفاض القدرة الجنسية للمدمن مع زيادة مشاكل ضعف الانتصاب، بالنسبة للسيدات؛ يؤدي إدمان الكحوليات إلى اضطرابات في الدورة الشهرية وعدم انتظامها. ترتيبات ما قبل بدء علاج إدمان الخمور: وصول شخص مدمن إلى مرحلة الرغبة في الحصول على مساعدة والقرار الجدي بالتخلص من إدمان الخمور و الكحول يعتبر مرحلة متقدمة وإيجابية للغاية، ولا نبالغ إذا ذكرنا أنها من أهم مراحل العلاج. عند التفكير في علاج إدمان الخمور والكحول ينبغي وضع العوامل التالية في الاعتبار:
1 – مراحل العلاج تتطلب إصرار وعزيمة لا تلين.
2 – علاج إدمان الخمور والكحول يجب أن يكون تحت إشراف طبي مباشر.
3 – الحصول على دعم عاطفي من الأسرة أو الأصدقاء أو شريك الحياة يمثل نقطة قوة.
4 – ينبغي أن يتم عمل بعض الترتيبات الاجتماعية السابقة لبدء العلاج مثل:
* الابتعاد عن الصحبة السيئة التي ترتبط بتناول الخمور. * ترتيب المسائل الخاصة بإجازات العمل خلال فترة العلاج. * ترتيب الجوانب المادية الخاصة بمرحلة العلاج. * عدم التردد في الحصول على مساعدة المراكز التطوعية المتخصصة في دعمك. 5 – ينبغي أن يتم عمل بعض الترتيبات الخاصة بالمصحة العلاجية، وتشمل: * تحديد المصحة ومكانها. * معرفة التفاصيل المادية للعلاج. * مقابلة الطبيب المعالج لفهم خطة العلاج ومراحله. * معرفة الفترة التي سوف يتطلبها العلاج. علاج إدمان الكحول والخمور: هناك عدة مراحل في علاج مدمني الخمور والكحوليات؛ أولاً: المراحل التمهيدية:
1 – مرحلة التحذير والنصيحة: تشير دراسات حديثة إلى أن تحذير الأطباء لمرضاهم من مدمني الكحوليات يساعد في تحسين الناتج النهائي لحالتهم الصحية ويحفز اتخاذهم لقرار التوقف عن تناول الكحول، ويأتي ذلك من خلال توعية المريض بالمخاطر الصحية الجدية التي يسببها إدمان الخمور والكحوليات.
2 – مرحلة ما قبل القرار: في هذه المرحلة يكون لدى المريض نوع من المعرفة بمخاطر إدمانه على الكحوليات، ولكنه في نفس الوقت يكون بلا رؤية أو خطة في المدى المنظور تساعده على الإقلاع عن الكحوليات.
3 – مرحلة القرار الفعلي: في هذه المرحلة يكون المريض قد قرر بالفعل أن يبدأ في برنامج علاج إدمان الكحول في نطاق زمني مرئي، و غالبًا ما يذهب لطلب مساعدة طبيبه في هذه المرحلة. ثانيًا: مراحل العلاج الفعلية:
1 – مرحلة الانسحاب: هي المرحلة الأولى من العلاج وكما يبدو من اسمها، فإنها تتضمن سحب الكحوليات من الجسم، والتعامل مع أعراض الانسحاب من خلال أدوية تساعد على تخفيفها، وتحتاج هذه المرحلة في المتوسط مدة تتراوح بين يومين إلى عشرة أيام، و غالبًا ما تتم داخل مصحة يتم حجز المريض بها.
2 – مرحلة العلاج السلوكي: هي المرحلة التي يبدأ المريض فيها بتعلم تقنيات ومهارات تساعده في عدم العودة لإدمان الخمور مرة أخرى، وذلك من خلال جلسات العلاج النفسي والسلوكي.
3 – الاستشارات النفسية: تساعد جلسات العلاج النفسي الجماعية أو الفردية على إعطاء المريض فرصة للتعبير عن معاناته في مراحل الإقلاع عن الكحوليات، وكذلك تساعد في اكتشاف أي خلفيات نفسية محتملة وراء إدمانه للخمور في البداية وبالتالي يمكن العمل عليها بشكل جذري.
4 – الدعم الدوائي: هناك العديد من الأدوية التي تدعم عملية الإقلاع عن الكحوليات، ويتم استخدامها تحت إشراف الطبيب، ورغم أن هذه الأدوية ليس لها مفعول سحري يجعل المدمن يتوقف عن الرغبة في الكحول، ولكنها تساعد في برنامج العلاج بشكل جزئي. ثالثًا: مراحل ما بعد الإقلاع:
1 – الدعم النفسي المستمر: يمثل الدعم النفسي المستمر للمريض بعد توقفه عن تناول الكحوليات عمود أساسي في منع الانتكاسات، وهذا الدعم ينقسم لدعم أسري وعائلي من خلال الأشخاص المقربين للمريض، بالإضافة إلى الدعم النفسي المتخصص من قبل الطبيب المتابع للحالة.
2 – العلاج النفسي: بعض مدمني الخمور تكون لديهم أمراض نفسية أخرى مثل الاكتئاب وغيره، وفي هذه الحالة يكون من الضروري وضع خطة منفصلة لعلاج هذه الأمراض بعد استقرار وضع المريض وتخطيه المراحل الأولى في علاج إدمان الخمور.
3 – علاج الأمراض العضوية: قد يعاني مدمن الخمور من مشكلات في الكبد أو غيره من أعضاء الجسم بسبب الكحوليات، وهذا يتطلب الحصول على استشارة متخصصة من طبيب وفقًا للمشكلة العضوية الموجودة، وبناء على التشخيص النهائي يتم وضع خطة علاجية.
4 – الدعم الروحاني: يعتبر اندماج المريض في أنشطة روحانية مثل الانتظام في الصلاة وقراءة القرآن من عوامل تحسين المخرج النهائي للحالة.
معالجة إدمان الكحول في المنزل: أغلب حالات إدمان الخمور تصل إلى قرار العلاج في مرحلة متأخرة بعد حدوث درجة قوية من اعتمادية المريض على الكحول مما يجعل من الضروري أن يكون برنامج علاج الإدمان تحت إشراف طبي مباشر، وكذلك بعض المراحل الأولى في هذه الحالات يكون ضروري فيها الدخول لمصحة نفسية. لكن رغم كل ذلك، فإنه لا ينفي أن هناك بعض الإرشادات المنزلية المهمة التي ينبغي على مدمن الكحوليات مراعاتها وتشمل؛ * التخلص من الخمور الموجودة في المنزل. * إعلام جميع الأصدقاء والأسرة بقرار التوقف عن تناول الكحوليات. * السعي لتنبي نمط حياة أكثر صحية يشمل (النوم لفترات كافية – تغذية صحية – ممارسة الرياضة). * إعادة ترتيب الأنشطة الاجتماعية لاستبعاد تلك المرتبطة بتناول الكحوليات واستبدالها بأنشطة أخرى. عقاقير موجهة لعلاج إدمان الكحول:
أولاً: المهدئات: العديد من برامج علاج إدمان الكحوليات تستخدم المهدئات من أجل دعم الحالة العامة للمريض، لكن الشائع هو عدم استخدام جرعة ثابتة منها على المدى الطويل، بل يتم استخدام جرعات قصيرة المدى وفقًا للوضع المباشر للحالة، وميزة هذه السياسة العلاجية أنها تقلل الآثار الجانبية للمهدئات وتساعد في تعافي المريض بشكل أسرع.
ثانياً: دواء الدايسلفيرام Disulfiram: يستخدم هذا الدواء لزيادة نفور المدمن تجاه الخمور؛ حيث إن تناول الكحوليات بالتوازي مع هذا الدواء يؤدي إلى ظهور أعراض جسمانية مزعجة تشمل الغثيان و القيء و تدهور الحالة المزاجية العامة، لكن مشكلة هذا الدواء أن دوره على المدى الطويل في تحسين المخرج النهائي ليست قوية من الناحية الإحصائية.
ثالثًا: دواء النالتريكسون Naltrexone: هذا الدواء يعمل على غلق مستقبلات المورفين في الجهاز العصبي، مما يمنع تأثير الانتشاء المصاحب لتناول الكحوليات؛ مما يقلل تدريجيًا ثقة المريض في أن تناول الخمور سوف يساعده على الشعور بالسعادة، وبالتالي يقلل اندفاعه نحو تناول الخمور.
رابعًا: دواء اكمبروسات Acamprosate: هذا الدواء يساعد على تقليل رغبة المريض في تناول الكحوليات. أطعمة تساعد على معالجة إدمان الكحول والخمور:
رغم أنه ليس هناك أطعمة معينة ثبت من الناحية البحثية أن لها دور مباشر في علاج إدمان الخمور والكحوليات، إلا أن هناك عاملين يرتبطان بالتغذية يجب مراعاتهما في مدمني الخمور والكحوليات؛
1 – نقص الفيتامينات: ينتج عن التأثير السلبية للكحول على بطانة الجهاز الهضمي وانخفاض القدرة على امتصاص الفيتامينات، ويتم التعامل مع هذا في برنامج العلاج من خلال التأكيد على زيادة محتوى الخضروات و الفواكه الطازجة في الغذاء اليومي للمريض.
2 – مشكلات الكبد: بعض مدمني الكحوليات في المراحل المتقدمة يكون لديهم مشكلات صحية جدية في الكبد مما يستدعي وضع برنامج غذائي خاص من قبل الطبيب المتابع وفقًا لكل حالة على حدة. إعادة التأهيل من إدمان الكحول والخمور: أولاً: الحصول على الدعم النفسي: يمثل الدعم النفسي المتمثل في الأسرة أو الصحبة الصالحة أو شريك الحياة عامل حاسم قوي في مساعدة المدمن على تخطي مرحلة العلاج بقوة وعزيمة. ثانيًا: الفرار من الانتكاسات كالفرار من الأسد: تمثل الانتكاسات بعد انتهاء مرحلة العلاج أقوى المخاطر على المدمن لتأثيرها السلبي على صحته وعلى عزيمته أيضًا حيث إن المدمن في حال حدوث انتكاسة قد يعود للمخدر بشكل أشرس من السابق، كما أن رغبته في العلاج تقل نتيجة فقدانه ثقته في نفسه واعتقاده أنه سوف يضعف مرارًا وتكرارًا. هل علاج إدمان الخمور والكحول يتطلب مصحات متخصصة؟ برامج علاج الإدمان بشكل عام هي برامج مخصصة للتعامل مع الإنسان بكافة تعقيداته النفسية والسلوكية، بجانب الاختلافات في الحالة الصحية والتقدم في درجات الإدمان؛ لذا فإنه من الصعب أو المستحيل تطبيق برنامج واحد لعلاج الإدمان بحذافيره على كافة المدمنين. من هنا تأتي أهمية حصول مدمن الكحول والخمور على علاج في مصحة نفسية متخصصة حيث يخضع لإشراف طبيب نفسي معالج يقوم بوضع خطة فردية له تساعد على الحصول على أفضل نتيجة في أسرع وقت ولأطول مدة. وأهمية الحصول على علاج في مصحة متخصصة في المراحل الأولى لا ينفي الدور المحوري بعد تخطي مراحل الإقلاع عن الإدمان والذي تلعبه مجموعات الدعم من المدمنين السابقين الذي نجحوا في العلاج بشكل تام، وكذلك الدعم النفسي والتشجيع من المقربين من المريض، بالإضافة إلى تحفيز المريض لنفسه بشكل دائم. أين أجد مراكز علاج إدمان الكحول والخمور؟ هناك عدة طرق للحصول على معلومات عن مراكز علاج إدمان الكحول والخمور في بلدتك من خلال: * السؤال في دائرة المعارف. * سؤال شخص آخر نجح في الإقلاع عن الإدمان. * مراجعة طبيب نفسي بشكل عام وهو يمكنه توجيهك لمركز مناسب. * البحث على الإنترنت عن المراكز الموجودة بمدينتك. و من أجل اختيار أفضل مركز لعلاجك يمكن أن تركز على العوامل التالية: * مقابلة الطبيب المعالج بشكل مبدأي. * فهم خطة العلاج العامة. * السؤال عن النطاق الزمني للعلاج. * السؤال عن تكاليف العلاج. * الحرص على اختيار مركز ذو سمعة طيبة. * مقابلة بعض الأشخاص الذين تم علاجهم في نفس المركز من قبل إذا أمكن. هكذا نكون قد أنهينا جولتنا مع إدمان الخمور والكحوليات داعين الله أن يحمينا ويحمي مجتمعاتنا من شرورها إن شاء الله.