«آسيا كابيتال»: إصلاحات دول الخليج.. ضئيلة تجميلية
الوسط - المحرر الاقتصادي
تناول التحليل الأسبوعي الصادر عن شركة آسيا كابيتال الاستثمارية إعلان وكالات التصنيف العالمية عن تخفيض بعض التصنيفات الائتمانية السيادية لدول مجلس التعاون الخليجي، ومراجعة غيرها تمهيداً لتخفيضها ، وذلك وفق ما نقلت صحيفة "القبس" الكويتية اليوم الإثنين (4 أبريل / نيسان 2016).
في هذا السياق، قال التحليل إن معظم وكالات التصنيف عبَّرت عن مخاوفها من تأثير انخفاض أسعار النفط على دول التعاون.
وأضافت أن معظم هذه المخاوف تمت ترجمتها إلى الإعلان عن تخفيض تصنيفات أو وضعها قيد المراجعة تمهيداً لتخفيضها، الأمر الذي يؤثر على مصدري السندات، سواء من الحكومات أو الشركات. فعلى سبيل المثال، خفضّت وكالة ستاندرد آند بورز في شهر فبراير الماضي تصنيفات منتجي نفط عدة منها: السعودية، عُمان، والبحرين. كما وضعت وكالة موديز السندات الحكومية لدولة قطر والسعودية والإمارات قيد المراجعة مع إمكانية تخفيضها، إلى جانب عدة مصدرين آخرين مثل شركات حكومية وبنوك.
ولفت التحليل إلى أن تراجع أسعار النفط لعب دوره كسبب رئيس وراء هذه المراجعات، لكن تعد الشكوك المتعلقة بقدرة دول الخليج على تنفيذ الإصلاحات الملحة لموازنة ميزانياتها، جوهر التطورات الأخيرة.
في غضون ذلك، تشير درجات التصنيف الائتمانية لكل من البحرين وعُمان إلى أنهما في وضع أسوأ من بقية دول الخليج. ويعود سبب هذا التباين بشكل رئيسي إلى مستويات الاحتياطيات وتأثير أسعار النفط على الماليات العامة لهذه البلدان. على سبيل المثال، تملك الكويت احتياطيات، وأصولا سيادية كافية لتمويل الواردات لمدة 13.4 سنة، بينما لا تغطي احتياطيات البحرين أكثر من سنة.
ويرى التحليل أن التطورات التي ستطرأ على أسعار النفط، وقدرة المؤسسات الخليجية على تنويع مصادر دخلها ستكون من العوامل الرئيسية التي ستأخذها وكالات التصنيف بعين الاعتبار عند اتخاذها قرارات بخصوص رفع أو تخفيض التصنيفات.
في هذا الصدد، يتوقع التحليل أن يلعب هذان العاملان دورهما في الضغط على تخفيض التصنيفات. إذ تتوقع إدارة معلومات الطاقة الأميركية أن تظل أسعار النفط عند قرابة 40 دولارا للبرميل الواحد في 2017. في الوقت ذاته، يبدو زخم الإصلاحات ضئيلاً، وعليه يتوقع التقرير أن يتم تطبيق إجراءات تجميلية مثل الخفض التدريجي لدعم الوقود. أما الإصلاحات الرئيسية المتعلقة بتطبيق ضريبة القيمة المضافة أو ضريبة الدخل، وإجراء عملية إعادة هيكلة على نطاق كبير في القطاع الحكومي، فمن المستبعد أن تتجسد على أرض الواقع في المدى المتوسط.
لكن السؤال المطروح ما مدى أهمية التصنيفات الائتمانية السيادية لدول التعاون، وهل ينبغي أن تثير قلقها؟ يجيب التحليل قائلاً إن درجات التصنيف الائتماني تؤثر بقوة على الفوائد التي تضطر البلدان دفعها عندما تريد الاقتراض.
في مقارنة تضمنت 37 دولة، تشير إلى أن التصنيف الائتماني شكل حوالي %37.5 من عائدات السندات السيادية لعشر سنوات. كمعدل وسطي، يكون عائد السندات السيادية في أي بلد أعلى بنسبة 0.4 نقاط مئوية مقارنة بالبلدان ذات التصنيفات الائتمانية الأعلى. بمعنى أن تخفيض التصنيف سيزيد عائد السند. وقد ثبتت صحة هذا الأمر في عدد من الدراسات الأكاديمية التي أظهرت أنه مع مرور الوقت، تستجيب السندات بقوة إلى تخفيض التصنيف أو رفعه. وتعتبر ردة الفعل هذه على وجه الخصوص قوية ويمكن التنبؤ بها عندما تنخفض درجة التصنيف إلى مضاربية (المعروفة أيضاً باسم درجة التصنيف الرديئة). بالإضافة إلى أن هناك دليلا على أن التصنيفات السيادية لديها تأثير كبير على عائدات سندات الشركات، مما يشير إلى قناة إضافية للتأثير على الاقتصاد الحقيقي.
إلى هذا، قال التحليل إنه إذا ارتفع مستوى الإنفاق، سيصبح العجز المالي هو المعيار السائد في دول التعاون. بناء عليه، سيتعين على هذه البلدان أن تعتمد بشكل أكبر في تمويل احتياجياتها على إصدار الديون، ومن شأن انخفاض التصنيف الائتماني أن يزيد تدهور الماليات العامة، وكان صندوق النقد الدولي توقع أن يتضاعف معدل الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي بنهاية 2016 إذا لم تعدل الدول مصروفاتها، بحيث قد تصل الديون إلى %30 من الناتج المحلي الإجمالي، وقد يزيد مستواها إلى أكثر من %70 في نهاية 2020.
لهذا لا بديل أمام دول الخليج عن الإصلاحات، فهي السبيل الوحيد لتخطي أزمة العجز. ومن شأن تنويع الإيرادات الحكومية واحتواء المصروفات أن يحفظا مستوى العجز والدين منخفضين، ويساهما في رفع التصنيفات الائتمانية وتخفيض تكلفة التمويل. على العكس من ذلك، في حال لم تنفذ هذه البلدان الإصلاحات، ستواجه ارتفاع المديونية أو تسييل أصولها الحكومية بسرعة، وتخفيض ملاءتها. في الوقت ذاته، لا تملك دول التعاون سيطرة كافية على أسعار النفط، لكن لديها نوعا ما قدرة على تطبيق الإصلاحات الضرورية، وضمان استدامة مصروفاتها الحكومية في السنوات القادمة.