أندريا مودا الأسوأ في تاريخ هذه الرياضة...
الفورمولا 1 أكثر الرياضات كلفة... ومغادرة جاغوار ولامبورغيني
الصخير - محمد عباس
سباقات الفورمولا 1 تعتبر من بين الرياضات الأكثر كلفة قياساً للمصروفات الكبيرة على التجهيزات والحلبات والسيارات والسائقين وعملية التنقل المستمرة بكل هذه الآلات والمعدات حول العالم.
ويبدو أن إنشاء فريق لسباقات الفورمولا 1 طريقة مضمونة لإنفاق أموال طائلة، ومع ذلك تنظم الكثير من الفرق سنوياً إلى عالم الفورمولا 1 كما تنسحب فرق أخرى لا تستطيع الاستمرار في صرف هذه الأموال.
في عالم الرياضة، لا يوجد ما هو أكثر بريقاً من الفورمولا 1، إنه عالم السيارات السريعة والكثير من المال.
فالفورمولا 1 والمال شريكان بطبيعتهما، فالبريق يجتذب المال، والمال يشتري المزيد من التألق، لكن كم يستلزم الأمر في الحقيقة للتنعم قليلاً يقطف ثمار ذلك المجد، من الصعب التيقن من ذلك لأن نفقات فرق الفورمولا 1 محاطة بقدر هائل من الكتمان والسرية تكاد تتجاوز أسرار الصناعات النووية العسكرية والحصول على معلومات دقيقة فيما يتعلق بنفقات هذه الرياضة هو ضرب من المستحيل.
الأرقام الوحيدة المنشورة يمكن الحصول عليها بفضل مجلة "إف 1 ريسنغ"، التي لاحقت وداهنت شخصية بارزة في فريق فيراري لتحصل منه على بعض المعلومات، ومن ثم قارنت هذه المعلومات مع غيرها من هنا وهناك ثم قامت بتحليلها لتكتشف أن فيراري أنفقت 443.8 مليون دولار أميركي في العام 2003 كي تتمكن من أن تضع سيارتيها في ميادين سباق الجائزة الكبرى الدولية المختلفة، وتتضمن تفاصيل النفقات ما يلي:
نفقات البحث والتطوير 20 مليون دولار، تشغيل النفق الهوائي 15.1 مليون دولار، تكاليف تصنيع السيارات 4.1 ملايين دولار، تشغيل السيارات في الاختبارات 88 مليون دولار، تشغيل السيارات في السباقات 28.5 مليون دولار، رواتب السائقين 44 مليون دولار، رواتب باقي عناصر الفريق 41.4 مليون دولار، نفقات السفر والإقامة 18 مليون دولار، نفقات الضيافة 9.7 ملايين دولار.
الأرقام فلكية بالتأكيد، وقد بذل الاتحاد الدولي للسيارات في السنوات الأخيرة عدة محاولات لكبح جماح الإنفاق، ففرض قيوداً على التجارب، كما حاول فرض حد أقصى للإنفاق الإجمالي لكل فريق يبلغ 45 مليون يورو (65 مليون دولار) لكن بعد اعتراض بعض الفرق بما فيها فيراري الكثيرة الإسراف تم الاتفاق على تأجيل تطبيق الحد الأقصى للإنفاق.
وعلى رغم كل هذه النفقات أعلنت بعض الفرق الجديدة أنها ستلتزم بالحد الأقصى للميزانية بصرف النظر عن عدم تطبيقه.
وبهدف الحد من الإنفاق سيعتمد الفريق في تصميم سياراته على أشياء مثل ديناميكية السوائل الحاسوبية، والاستغناء عن اختبارات النفق الهوائي وهي اختبارات مكلفة للغاية، وتستنزف الأموال الطائلة من بعض الفرق الأكثر إنفاقاً.
وحتى لو تم اعتماد سقف للإنفاق فإن 45 مليون يورو هو مبلغ لا يستهان به، لكن الشركات المعنية لن تلتزم به إن لم تجد الأمر مجدياً.
فسباقات الفورمولا 1 تحقق عوائد بالكاد تغطي نفقاتها، إلا أن الدعاية الهائلة التي تحصل عليها تسهم في تعزيز الجوانب الأساسية الأخرى التي تحقق الشركات من خلالها الأرباح، مثل مبيعات السيارات العادية، إذ إن الفوز في سباقات السيارات هو أفضل وسيلة ممكنة للتسويق.
وتوفر صفقات الرعاية جزءاً كبيراً من تلك التكاليف التشغيلية الباهظة لكن يتعين على الفرق المبتدئة أن تخوض صراعاً شاقاً لتتمكن من تغطية نفقاتها وإثبات وجودها في البداية.
فإذا وجدت لدى رعاتك المحتملين بعض التردد في القبول فما عليك إلا أن تحيلهم إلى الملياردير المغامر البريطاني الشهير السير ريتشارد برانسون، صاحب مؤسسة "فرجن" التي كانت راعية فريق براون مقابل مبلغ 2.4 مليون جنيه إسترليني، لكن الشركة حصلت بنتيجة السباق على عوائد تقدر بـ 61 مليون جنيه من التغطية التلفزيونية.
ولكن حالما تحصل على جهة راعية تؤمن لك التمويل، يتوجب عليك البحث عن أفضل الكوادر لإدارة وتشغيل الفريق.
الفورمولا 1 عالم صغير وسيسهل عليك تمييز الخدمات الجيدة من الرديئة، وإذا حدث وتوقف أحد الفرق عن العمل بسبب قرار اتخذه الممولون بالإمكان على الأرجح العثور على مؤسسة كاملة على أهبة الاستعداد لمنح نفسها.
وهناك دائماً ما يكفي من السائقين الباحثين عن عمل، سواء أولئك الذين تركوا فرقهم أو الوجوه الجديدة الصاعدة من بين الصفوف.
بطل العالم للعام 2008 مثلاً البريطاني لويس هاميلتون بدأ مسيرته في سباقات سيارات الكارت وصنع لنفسه اسماً لامعاً وكان في وقت ليس ببعيد يقود السيارات لشركة رينو في اختبارات الفورمولا 1، لكن شركة مكلارن ومن ثم مرسيدس توسمت فيه نجماً قادماً وما حدث بعدها معروف للجميع.
إما إدي جوردان وهو من الشخصيات المثيرة في عالم السيارات، فقد بدأ كسائق لكنه في النهاية وبحسب قوله شق طريقه بشتى الوسائل حتى استطاع أن يمتلك فريقه الخاص.
لقد استمتع إدي لمدة 14 عاماً بكونه مالكاً للفريق، لكنه وبحسب قوله خرج العام 2005 في الوقت المناسب له وللفريق الذي يعمل الآن تحت راية فريق إنديا فورس.
لقد مر بالكثير من الظروف السيئة أثناء إدارة فريق جوردان مثل خسارته سائقه النجم إدي إرفاين الذي التحق بفريق فيراري العام 1995، كما قامت العديد من الشجارات بينه وبين رئيس الشركة المنظمة لسباقات الفورمولا 1 بيرني ايكلستون.
إذاً ما هو سيناريو أسوأ الاحتمالات، أن تفلس وتغادر هذه الرياضة مكسور الخاطر، فقد جرب فريق لامبورغيني ذلك العام 1991 ولموسم واحد، وكان أقصى ما تمكن تحقيقه هو المركز السابع قبل أن يغيب في مجاهل النسيان.
فريق جاغوار كانت له أيضاً تجربة فاشلة مع عالم السباقات المخملية للفورمولا 1، لكن الفريق الإيطالي أندريا مودا كان عاثر الحظ لدرجة أنه صنف الأسوأ في تاريخ هذه الرياضة، فمن أصل 16 سباقاً تم تنظيمه العام 1992، فشل هذا الفريق في التأهل إلى 15 منها، أما السباق الوحيد الذي تأهل إليه فقد خرج منه بعد المنعطف رقم 11.
وبعدها فرض حظر على الفريق بسبب السمعة السيئة التي تسبب بها لهذه الرياضة، إذ ألقي القبض على راعيه قطب صناعة الأحذية الإيطالي أندريا ساسيتي بتهمة الاحتيال.
وفي الحقيقة فإن تلك القصة كانت أشد القصص غرابة في عالم رياضات السيارات.