إسرائيل تسجن طالبة جامعية فلسطينية ... والتهمة كتابة تعليقات على «فايسبوك»
الوسط – المحرر الدولي
كانت ليلة الخامس عشر من تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، ليلة حالكة في حياة الطالبة الجامعية دنيا مصلح (19 سنة) من مخيم الدهيشة قرب بيت لحم، ليلة لا يمكن لها ولا لعائلتها نسيانها... ففي تلك الليلة دهمت المخيم قوات كبيرة من الجيش الإسرائيلي، وتوجّهت إلى بيت لم يتوقع أحد أن تتوجه إليه، وهو بيت دنيا ، وذلك وفق ما نقلت صحيفة "الحياة" اليوم السبت (2 أبريل / نيسان 2016).
قام الجنود بتفتيش المنزل لأكثر من ساعة، وبعد أن فرغوا من التفتيش أبلغوا العائلة أن دنيا موقوفة. قيّدوا يديها واقتادوها معهم، ومضوا...
وبعد أسابيع من التحقيق عرفت العائلة سبب الاعتقال وهو: تعليقات كتبتها الطالبة في الجامعة الأهلية في بيت لحم على صفحتها على «فايسبوك» وليس شيئاً آخر.
وقالت عائلة دنيا إن السلطات وجّهت لابنتهم لائحة اتهام تتألف من ثلاثة بنود، كلها تتعلق بمنشوراتها على «فايسبوك». وتضمنت اللائحة وصفاً لصور جرحى وشهداء وتعليقات كتبتها على تلك الصور واعتبرتها السلطات تحريضية. وجاء في البند الثاني من اللائحة: «أن دنيا قامت بنشر صورة لأحد المتظاهرين وهو يضرب حجارة وكتبت عليها عبارة: أضرب، من كف يدك يسقط المطر». وجاء في اللائحة أيضاً: «قامت دنيا بنشر صورة لمعتز زواهرة (شهيد سقط في مواجهات في المخيم) وكتبت عليها عبارة: فتنت روحي يا شهيد».
ورأت المحكمة أن دنيا تشجع الفلسطينيين على القيام بعمليات ضد الأمن من خلال صفحتها، وأنها تحرّض على العنف وتخلّ بالنظام العام وتضرّ بسلامة الجمهور، وتبجّل الذين قاموا بعمليات ضد الإسرائيليين.
وهذه ليست المرة الأولى التي تعتقل السلطات الإسرائيلية أحداً على خلفية منشوراته على «فايسبوك». وقال قدورة فارس رئيس نادي الأسير إن السلطات بدأت باعتقال فلسطينيين على خلفية منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي، خصوصاً «فايسبوك»، منذ اندلاع الهبّة الشعبية الفلسطينية. وقال إن عدد المعتقلين منذ بدء الهبّة حتى اليوم على هذه الخلفية وصل إلى حوالى 150 مواطناً. وأشار إلى أن السلطات أصدرت لوائح اتهام بحق بعض هؤلاء المعتقلين، وقدّمتهم إلى المحكمة، ومنهم دنيا، وقامت بتحويل الباقين إلى الاعتقال الإداري. وزاد أن الاعتقالات تركّزت في القدس، وأن أحد المعتقلين حُكم عليه بالسجن تسعة شهور.
وتوضح لوائح الاتهام المقدّمة بحق هؤلاء المعتقلين أن مجرّد إبراز التعاطف أو التضامن مع الشهداء والأسرى أو نشر صورهم يمكن أن يُعتبر تهمة تؤدي إلى الاعتقال أحياناً.
وقال فارس إن عقوبة ممارسة حرّية الرأي والتعبير على مواقع التواصل الاجتماعي لم تقتصر على الاعتقال فقط، بل وصلت إلى حد فصل المعتقل من أي مؤسسة يعمل فيها داخل دولة الاحتلال أو إبعاده خارج منطقة سكنه.
وأعلنت أربع مؤسسات فلسطينية تعنى بشؤون الأسرى، أمس، أن سلطات الاحتلال اعتقلت خلال آذار (مارس) الماضي 647 فلسطينياً من الضفة وقطاع غزة، بينهم 128 طفلاً و16 فتاة. وقالت المؤسسات الأربع وهي نادي الأسير، مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان، هيئة شؤون الأسرى والمحررين ومركز الميزان لحقوق الإنسان (قطاع غزة)، في تقرير مشترك، إن عدد حالات الاعتقال منذ بداية الهبّة الشعبية في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي وصل إلى حوالى 4800 حالة. وجاء في التقرير أن سلطات الاحتلال أصدرت 192 أمر اعتقال إداري، بينها 95 أمراً جديداً، ما يرفع عدد المعتقلين الإداريين في سجون الاحتلال إلى أكثر من 750 أسيراً. وقال التقرير إن عدد الأسيرات ارتفع إلى 68 أسيرة، بينهن 18 طفلة وقاصر، وأصغرهنّ الأسيرة ديما الواوي (12 سنة). وبلغ عدد القاصرين والأطفال في السجون أكثر من 400، وعدد المرضى 700 أسير.
وقال تقرير المؤسسات الأربع إن قوات الاحتلال اعتقلت منذ بداية العام أكثر من 7 صحافيين فلسطينيين، واقتحمت وأغلقت مكتب فضائية «فلسطين اليوم» وشركة «ترانس ميديا» في رام الله، وصادرت معداتها وعبثت بمحتوياتها. وأضاف: «كما وتلقّت مجموعة من الصحافيين تهديدات من جهات ادّعت أنها الأمن الإسرائيلي، تتمحور حول عملهم كصحافيين وأنهم تحت المراقبة». وأغلقت السلطات في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي راديو الخليل وراديو دريم في الخليل بعد اقتحامهما ومصادرة معداتهما.
وقالت المؤسسات الأربع إن إغلاق المؤسسات الإعلامية والتضييق على الصحافيين الفلسطينيين يرميان إلى «طمس جرائم الحرب». وأضافت «أن الإجراءات العقابية الإدارية والعسكرية التي تتخذها قوات الاحتلال بحق الصحافيين الفلسطينيين المدافعين عن حقوق الإنسان، تخالف مقتضيات القانون الدولي الإنساني وتهدف إلى ردع المجتمع الفلسطيني، وترهيبه ودفعه للتخلي عن حقوقه غير القابلة للتصرّف». ومضت تقول: «اعتقال الصحافيين يُعدّ جريمة فاضحة للإعلان العالمي لحقوق الإنسان والإعلان العالمي لحماية المدافعين عن حقوق الإنسان». وتعتقل السلطات الإسرائيلية في سجونها 16 صحافياً فلسطينياً، أقدمهم الصحافي المحكوم مدى الحياة محمود عيسى الذي اعتقل في العام 1993.