بالصور.. الشابة فاطمة عباس تنافس الرجال بتربية الطيور ويتابعها بالانستجرام أكثر من 30 ألف متابع
المقشع - محمد الجدحفصي
تحاول الشابة فاطمة عباس (24 عاماً) تجاوز الصورة النمطية السائدة محلياً والمقتصرة على الذكور في تربية الطيور، عبر تربيتها الطيور "الكوكتيل"، وتسعى جاهدةً لإثبات نفسها في هذا المجال، على الرغم من وجود بعض الصعوبات من جهةٍ، ونظرات مربّي الطيور الرجال من جهةٍ أخرى.
وارتبطت الشابة فاطمة منذ طفولتها بالطيور، وتوضح ذلك بالقول: "أعشق الحيوانات ككل، وعلى مدى فترات حياتي اقتنيت بعضاً منها وبدأت بتربيتها. وكنت أعشق الطيور إلا أنني وجدت الكثير من المعارضة في المنزل، وكنت أكتفي بشراء الكتاكيت إلا أنها لا تصمد وتموت. واستمر عشقي للحيوانات حتى كبرت وانطلقت لشراء أول كوكتيل في عام 2012 بنية وجود طير أليف في المنزل، إلا أنني وجدته مستوحشاً فجلبت له آخر، وواصلت على هذا المنوال في شراء الطيور حتى أصبحت أنتج الطيور بنفسي".
وتؤكد الشابة فاطمة أنها واجهت صعوبات نظير اختيارها هذه الهواية: "نعم، فاختياري هذه الهواية يعني أن جميع معاملاتي ستكون مع الجنس الآخر، حيث يسيطر الشباب على هذه الهواية، وهذا ما لا يتقبله مجتمع محافظ، على الرغم أني لا أرى في ذلك عيباً. ففي مجتمعنا اليوم تعمل الفتاة إلى جانب الرجل، إلا أن نظرات المجتمع دائماً تسهل للرجل طريقه وتصعّبه على الفتاة. وعلى الرغم من ذلك إلا أنني لم أكترث ما دمت ألقى التشجيع من أهلي وأصدقائي، وقد تغلبت على هذه الصعوبات بمساعدتهم. كما أجدني دافع تشجيع لكثيرٍ من الفتيات اللاتي يعشقن الطيور، وبدأن بالظهور بشكل كبير في الآونة الأخيرة، ليس في البحرين فقط بل حتى في الدول الشقيقة".
ولا تقتصر الصعوبات على الشابة فاطمة لتربيتها هذا العدد من الطيور، بل تشمل أيضاً جانب الدراسة، كونها في آخر عتبة دراسية، وهذا يتطلب منها جهداً كبيراً للموازنة بين الجامعة وهوايتها.
وعما إذا كانت لا تزال تواجه انتقادات، تقول فاطمة: "نعم حتى اليوم، ولكن من أغرب التعليقات التي وصلتني هو تعليق "بنات آخر زمن"! وأعتقد أنه من التخلف أن ينظر إلى موضوع تربية الطيور على أنه خاص بالرجال، على العكس من خلال تربيتي اكتشفت أن العديد من الفتيات يربين الطيور في منازلهن. ليس فقط في البحرين حتى في دول الخليج مثل الإمارات والسعودية، وأعتقد أن الفتيات دخلن هذا المجال بجدارة، وذلك لوجود الفتاة في المنزل أغلب الأوقات، وذلك يعني مزيداً من الاهتمام، كما تتميز الفتيات بطول البال والمزاج، وكذلك الرقة وطيبة القلب، وذلك يجعلهن قادرات على العطاء أكثر وتحمل أعباء التربية".
ودائماً ما تلاقي الشابة فاطمة نظرة الدهشة والاستغراب من الآخرين: "في هذه المرحلة أيقن المربون أن الفتيات اليوم أصبحن في وضع منافس لهم، فما كان منهم إلا الإعجاب والفخر لما وصلن له، ولكن ذلك لا يعني أنه ليس هناك فئةٌ لا زالت تنظر إليها كهواية لا تناسب الفتيات".
وتقضي فاطمة أوقاتاً كثيرة في إطعام الطيور: "يكفي الطير أن أقوم بوضع الأكل مرةً واحدةً في الصباح، إلا أن الأمر يختلف في حال وجود الفراغ، فيجب أن أراعي أن الطير يحتاج الطعام لفراخه ولنفسه، وكلما زاد عدد الفراخ توجّب أن أزودهم بالطعام مرتين أو ثلاث مرات، وأحياناً أضطر لمساعدة الطيور وإطعام صغارها بنفسي، وذلك لتقليل التعب والعناء عليها. أما صغار الطيور التي أعزلها عن أمها وأبيها بنية التربية فأطعمها أربع مرات في البداية، وأقلل عدد المرات حتى الفطام".
وتقوم فاطمة أحياناً ببيع بعض الطيور نظراً لحاجتها المادية، لأنها ما زالت طالبة لكنها لا تفضل البيع على حد قولها لأن التعامل مع الزبائن أمر يحتاج إلى طول البال كما أنها تفضل البيع جملة لسهولة المعاملة. وتؤكد فاطمة أن بإمكان البنات منافسة الشباب في هذا المجال: "فالفتيات في حالة تفرغ للطيور أكثر من الشباب، وفي طيور الكوكتيل تحديداً، فكثيرٌ من الفتيات اليوم تنتجن هذه الطيور بشكل كبير بل وتنتج المستويات والنوادر منها".
وتعشر فاطمة أن هوايتها وصلت إلى مفترق طريقين... "إما التوسع بشكل كبير وإما إنهاء هذه الهواية تماماً والاعتزال، فالمستقبل هو من يحكم مصيري، ففي النهاية أنا أقوم بتربية الطيور في غرفة صغيرة بمنزلنا، وزيادة أعدادها يعني مزيداًً من الوقت والتفرغ، وإتمام دراستي الجامعية وبدء مشوار جديد في العمل أو غيره قد يغيّر حياتي ويصبح من الصعب التفرغ للطيور، ومخاوفي هي ما مصير تلك الطيور؟".
وفي نهاية حديثها تبدي الشابة فاطمة استنكارها لما يبديه أغلب الناس من استغراب عند معرفة أن مربّي الطيور خلف شاشة الهاتف هو فتاة، وترى أن الموضوع في غاية البساطة ولا يستدعي الدهشة. وتختم قائلةً: "أطمح أن نرى مستقبلاً مزيداً من الفتيات في هذا المجال، متأملة دعم المجتمع لهن وقبل كل ذلك عائلاتهن، وأشكر بذلك عائلتي التي لم يشكل خوفها عليّ وعلى مستقبلي أي عائق يمنعني من المضي في هذا المشوار وأكون بذلك فخورة بهم وبنفسي".