في اليوم العالمي للمسرح
مسرحيون يحكون معاناتهم... ويتساءلون: ماذا وراء قلة النشاط المسرحي في البحرين؟
المنامة - ولاء هاني
يحتفل العالم باليوم العالمي للمسرح العالمي والذي يصادف (27 مارس/ آذار) من كل عام. وكانت بداية فكرة الاحتفال باليوم العالمي للمسرح العام 1961 أثناء المؤتمر العالمي التاسع للمعهد الدولي للمسرح بمدينة "فيينا". وقد كلف "المركز الفنلندي" التابع للمعهد في العام 1962 بتحديد يوم عالمي للمسرح هو 27 مارس من كل عام.
وفي البحرين، بدأ النشاط المسرحي في العام 1919، وكان بدايته في مدارس البحرين، إذ تعتبر مدرسة الهداية الخليفية أول مدرسة أقيم فيها المسرح، من خلال المدرسين العرب الذين ساهموا في الانفتاح الثقافي، ما أثرى الثقافة في البحرين. وتعتبر البحرين أول دولة خليجية قدمت عرضاً مسرحيّاً حينذاك تحت عنوان: "الناصر صلاح الدين". ومن ثم بدأت الأندية الرياضية بالاهتمام بالنشاط المسرحي في البحرين، حيث اهتمت بتقديم العروض المسرحية على مسارحها الصغيرة كنادي المحرق والقادسية والتضامن. كما أن الجهات الرسمية أشهرت فرقاً مسرحية تابعة لها. وهناك خمسة مسارح تتبع هيئة الثقافة الآن، وهي: أوال، الجزيرة، الصواري، البيادر والريف.
تاريخ المسرح
وعن تاريخ المسرح البحريني، قال أخصائي نادي المسرح بجامعة البحرين وعضو مؤسس في مسرح الصواري إبراهيم خلفان: "في الحقبات الزمنية الثلاث (السبيعنيات والثمانينيات والتسعينيات) كان نشاط المسرح البحريني أقوى من الآن، ففي كل مهرجان مسرحي كان يحقق جوائز، وينافس دول الخليج بقوة". وأضاف "في 1995 حصدت البحرين أفضل إخراج في العالم على مستوى دولي للمخرج عبدالله سعداوي، في مهرجان القاهرة التجريبي على رغم وجود فرق منافسة قوية كأميركا ودول غربية وعربية قوية".
وتابع خلفان "في بداية الألفين بدأ يقل نشاط المسرح البحريني مع غياب اهتمام الدولة بالنشاط المسرحي على خلاف الدول الأخرى التي تم الاهتمام بها فتطور نشاطها". مستطرداً "على رغم هذا التراجع كان النشاط الفني موجوداً بمبادرات ذاتية من ممثلين مسرحيين عشقوا المسرح وتمسكوا به لكي لا يموت".
قلة المسارح
أما عن معاناة الممثلين المسرحيين من عدم وجود مسارح لعرض مسرحياتهم وعدم تهيئة مسارح ليتدربوا فيها، قال الممثل المسرحي وعضو في مسرح نادي الصواري حسين عبدعلي: "مقرّنا عبارة عن شقة صغيرة غير مجهزة ليست لنا صالة ولا مسرح نقدم فيه". وعن استخدام الصالة الثقافية قال: "الصالة الثقافية إجراءاتها معقدة، فالمسئولون على الصالة الثقافية رفضوا عرض مسرحيتي فخلقت أجوائي الخاصة، لأنني لا أستطيع انتظارها أكثر من اللازم".
أما الممثل المسرحي في مسرح شباب الشاخورة عضو مجلس إدارة ولجنة المسرح، عقيل الماجد فيعلق في هذا الصدد قائلاً: "إن عدم وجود خشبة المسرح هي المشكلة ذاتها في كل المسارح في البحرين".
الممثل المسرحي والعضو المؤسس لنادي المسرح مهدي سلمان قال: "لا يمكن الحصول على الصالة الثقافية بسهولة، كما أن إجراءت الحصول عليها صعبة ولا نستطيع الانتظار". وتابع "إن خلق البديل يكلفنا كثيراً في التكاليف، فتجهيز المسرح من إضاءة وغيرها، يجعلنا لا نستطيع تقديم إلا عمل واحد في يومين فقط. فالوضع غير منطقي أن تشتغل في المسرح مع غياب البيئة الحقيقية القادرة على احتضان وتهيئة الأعمال المسرحية الذي تسبّب في خلل بالبنية التحتية للمسارح". وأضاف: "من الملاحظ أن المسارح الأهلية ومسرح الأندية الذي اختفى هي أغلبها تواجه المعاناة نفسها".
12 ألف دينار لا تكفينا!
أما عن الدعم المادي، فيقول عضو في مسرح نادي الصواري حسين عبدعلي "أصبح الدعم عائقاً أمام عمل أية مسرحية، فمبلغ 12 ألف دينار سنويّاً غير كافٍ لتقديم عروض مسرحية". ويضيف "إن صيانة المقر والاتصالات، ورواتب العمال بالمسرح المرتفعة لا يكفيها المبلغ المخصص لنا".
العضو المؤسس لنادي المسرح مهدي سلمان يقول عن الدعم: "البحرين لا تهتم بالمسرح، وأعتقد بالمستقبل القريب سيتقلص الدعم السنوي للمسرح وسيصبح كل مسرح يعتمد على نفسه". وأضاف "الجانب المؤلم في المسرح، عندما نطلب موازنة لتمثيل البحرين بالخارج يتم رفض طلبنا، فنجبر على وضع الموازنة من مصروفنا الخاص، وهذا مكلفٌ لعمل واحد، وهيئة الثقافة لم تهتم بدعمنا، علماً بأن العمل الذي سنشارك به سيمثل البحرين في الخارج، ففي مشاركتنا الأخيرة في السودان تكفل مسرح السودان بالسكن ونحن بالتذاكر".
ويشير حسين عبدعلي إلى جانب آخر: "إن غياب الدعم النفسي والثقة بقدرات الممثلين المسرحيين البحرينيين أصبح عائقاً نفسيّاً، فجهودنا التي حققنا بها جوائز لا نحصل عليها حتى كلمة شكراً". وعن سبب عدم منح ثقة للممثلين المسرحيين يجيب أخصائي نادي المسرح إبراهيم خلفان: "عدم الثقة بسبب عدم وجود علاقات جيدة بين المممثلين المسرحيين ومشاكل بين المسارح في المهرجانات وخصوصاً أنه بسبب خلافات البعض ألغي اتحاد المسرحيين".
إجراءات معقدة
ويبرر إبراهيم خلفان الإجراءات المعقدة، فيقول: "قلة المشاركة في المهرجانات سببها أن المهرجانات لم تعد كما كانت من قبل، فمهرجان القاهرة، سورية وتونس توقفت بعد 2011، كما أن مهرجان المغرب أقل مستوى من المهرجانات السابقة، فالممثلون لا يستطيعون العمل كالسابق". ويضيف "الأمور تعقدت من عدة نواح، الاقتصادية، والاجتماعية والمادية، الأمور كانت سهلة في السابق أما الآن فأصبح كل شيء صعباً".
إلى من يهمه أمرنا!
ختاماً يتوجه الممثلون المسرحيون بتوصياتهم إلى هيئة الثقافة والجهات المعنية بأمرهم. ولقلة الروافد يوجد حل لدى مهدي سلمان، فيقول: "تفعيل النشاط المسرحي في المدارس بشكل جيد، ويكون المسرح مادةً من المناهج الدراسية ليتربى الطفل على المسرح، ويُكون الأطفال روافد للمسرح. إذا كان الطفل لم يكتشف المسرح في المدرسة وفي القرية فسيقل اتجاههم إلى المسرح ولن نحل مشكلة قلة الروافد الفنية التي قلت مؤخرا".
ويقترح سلمان، أن يتم "إنشاء مشروع متكامل لجعله حالة مستمرة في كل مناطق البحرين، وعودة المهرجان الذي تتنافس فيه الأندية وخلق صالات ثقافية للعرض وللفعاليات المسرحية، وإعداد البنية التحتية للمسارح البحرينية والدعم المادي وإدماج مسرحيات بحرينية في مهرجان ربيع الثقافة". ويضيف "عدم وجود مسرح من ابن بيئته يناقش قضاياه وحياته اليومية وهواجسه ويؤثر فيه والفائدة الكبرى ترقي المجتمع من ابن بيئته، فلا يمكن أن تكون هذه القضايا موجودة في المسرحيات الأجنبية الراقصة والحركية، فهي لا تخدم ابن بيئتها وبالتالي تلقى عملية رفض حقيقي، والمسرح يجب أن يكون قيمة لا ترفاً، ويفترض أن يخدم كل المجتمع ويكون له هدف".
أما حسين عبدعلي فقترح أن "تعطي العمادة بالجامعة فرصاً لأعضاء نادي المسرح أكثر لنشارك في الخارج؛ لكي لا ننسى موهبتنا بعد خروجنا من الجامعة. ونحتاج خبرةً لنحتك بممثلين من خارج الجامعة، فيجب أن توفر لنا زيارات خارجية وورش لنكتسب مهارات جديدة ولنحتك بهم. إنني أريد أن أمثل وأن أحصل فرصة".
وتحدث الممثل المسرحي بمسرح شباب الشاخورة عقيل الماجد عن حل المعوقات قائلاً: "حل المعوّقات الموجودة والتي هي مشكلة المسرح نفسه، وذلك بتوفير الصالات والدعم المادي الذي سيحل الكثير، وإدماجنا في مهرجان ربيع الثقافية ودعم المسارح الأهلية، مما سيبرز ويطوّر المواهب البحرينية".