«داعش» يرفع أسعار السجائر في غزة
الوسط – المحرر الدولي
أوقف السائق سيارته الأجرة، ونادى شاباً يقف إلى جانب مفترق طرق في غزة يحمل صندوقاً صغيراً من الكرتون، وطلب منه سجائر بعشرة شواقل، وذلك وفق ما نقلت صحيفة "الحياة" اليوم الأحد (20 مارس / آذار 2016).
سأل أحد الركاب السائق، بينما كان يعد سجائره، عن سعر العلبة اليوم، فأجابه بأنه 24 شيقلاً، أي نحو سبعة دولارات ونصف الدولار. نفخ الراكب زفيراً قوياً بصوت مرتفع، وسأل مجدداً: كم كان سعرها قبلاً؟. فأجابه السائق: «أربعة إلى خمسة شواقل».
الحديث عن ارتفاع أسعار السجائر الجنوني في الأشهر الأخيرة أصبح على كل لسان، وعلى شبكات التواصل الاجتماعي. وعلى رغم ارتفاع معدلات البطالة والفقر إلى نحو 70 في المئة، بحسب بعض الإحصاءات، فإن أعداد المدخنين عموماً، وفي صفوف الشباب والأطفال بين 15 و18 عاماً، في ارتفاع مستمر.
ولا توجد إحصاءات دقيقة عن أعداد المدخنين في قطاع غزة الذي تفرض عليه إسرائيل حصاراً منذ سنوات طويلة، لكن بعض التقديرات يشير إلى أن واحداً من بين كل أربعة فلسطينيين يدخن السجائر أو النرجيلة، وطبعاً وراء ذلك أسباب كثيرة، على رأسها البطالة وسوء الأوضاع المعيشية واليأس وسوداوية المستقبل، والهروب من الواقع المرير. ويقول كثيرون لتبرير عدم رغبتهم في الإقلاع عن التدخين، على رغم مضاره الصحية: «رأس بلا كيف حلالٌ قطعها»، ويضيف آخرون باستنكار: «فقر وقلة كيف!». ويقول آخرون رداً على تحريم تدخين السجائر: «إن كانت حراماً حرقناها، وإن كانت حلالاً شربناها».
وللعلم، فإن سعر علبة من نوع «روايال» ارتفع من أربعة شواقل عام 2012 إلى 28 شيقلاً قبل أسبوع، فيما ارتفع سعر علبة من نوع «مانشستر» من ثلاثة شواقل عام 2012 إلى نحو 25 شيقلاً، ومن نوع «أل أم» من سبعة شواقل إلى 30 شيقلاً، فيما يبلغ متوسط سعر نظيرها في الضفة 21 شيقلاً. وتفرض حكومة «حماس» ضريبة بقيمة خمسة شواقل على كل علبة بدلاً من ثلاثة خلال السنوات الماضية التي تلت الاقتتال الفلسطيني عام 2007.
ويقول الوكيل المساعد لوزارة الاقتصاد التي تديرها «حماس» عماد الباز إن المدخنين يستهلكون نحو تسعة ملايين علبة سجائر شهرياً، تحوي الواحدة منها 20 سيجارة. وعزا ارتفاع أسعار السجائر ومعسل النرجيلة إلى حرقه من «بعض» الجهات في سيناء أثناء نقله لتهريبه إلى القطاع. وتعهد أن تضع الحكومة حداً لهذا الارتفاع الجنوني، لكن ذلك لم يحدث حتى الآن، وإن انخفض سعر العلبة نحو شاقليْن خلال اليومين الماضييْن. وقدّر تاجر تبغ، فضل عدم نشر اسمه، في حديث إلى «الحياة» استهلاك السجائر بنحو 15 مليون علبة شهرياً يتم تهريب معظمها عبر أنفاق من مصر.
ويقول مهربون إن عناصر تنظيم «داعش» يحرقون السجائر بدعوى أن التدخين «حرام شرعاً»، وذلك قبل دخولها من مدينة رفح المصرية التي تُعتبر البوابة الرئيسة لتهريب السجائر والمعسل وبقية السلع إلى القطاع.
وعزا مهربون وتجار ارتفاع الأسعار إلى حرقه من جانب «داعش»، فضلاً عن ارتفاع كلفة تهريبه عبر الأنفاق في شكل خيالي، وتلاعب بعض التجار في الأسعار، وكذلك ضريبة «حماس» التي تعتبر أيضاً أن التدخين «حرام شرعاً»، لكنها تقول إنها تستخدم أموال الضرائب المفروضة على الدخان في تأهيل البنى التحية التي تشهد مزيداً من التدمير والتدهور يومياً.
في الوقت نفسه، ارتفعت أسعار «الدخان النفل» غير المعلب أيضاً، علماً أن كثيراً من المدخنين بات يدخن هذا النوع الذي يتم «لفه» بأدوات خاصة. وقال التاجر الذي يستورد «الدخان الشامي» غير المعلب المصنع في بلدة يعبد قضاء جنين شمال الضفة الغربية، إن سعر الكيلوغرام الواحد من «الشامي» يراوح بين 40 و70 شيقلاً للمستهلك في الضفة، بينما سعره في غزة نحو 340 شيقلاً بعدما فرضت «حماس» ضريبة بقيمة 230 شيقلاً على الكيلوغرام الواحد منه، إضافة إلى تكاليف الشحن.