ورشة ترميم واسعة بانتظار بازار اسطنبول الكبير
اسطنبول- أ ف ب
يؤكد المهندسون المعماريون أن البازار الكبير في اسطنبول يعاني من انخساف وانزلاق خطيرين، لذا ستخضع هذه السوق المسقوفة المبنية قبل أكثر من 550 سنة والتي تتلقى اكبر عدد من الزوار في العالم، لأشغال تحديث وترميم تثير قلق البعض الذين يخشون أن تفقد شيئا من سحرها.
ويشكل التنزه في "البازار المسقوف" بحثا عن حلي أو سلع جلدية أو بدافع من الفضول فقط ، محطة الزامية لملايين السياح الأجانب الذين يزورون اكبر مدينة في تركيا، شأنهم في ذلك شأن الكثير من سكانها.
وقد زاد عدد زوار البازار عن تسعين مليونا في العام 2014 لذا يعتبر من أكثر المواقع جذبا للزوار في العالم. وفي مؤشر إلى شهرته العالمية، أعار البازار الممتد على مساحة 40 ألف متر مربع أسطحه لمغامرات جيمس بوند مع مشاهد بهلوانية على دراجة نارية في فيلم "سكايفال".
إلا ان البازار الذي بني في العام 1450 في عهد السلطان محمد الثاني، بات يعاني اليوم. وقد سبق له أن خضع لعمليات توسيع وهدم، وبني مجددا وحدث على مر القرون بشكل عشوائي لم يحترم كل المعايير التاريخية إلا انه ساهم في تبرير اسمه.
لم يفقد البازار آيا من حيويته القديمة، إلا انه بات يعاني من مشاكل في أرضية أرصفته فيما قبابه تميل وأسطحه كذلك.
فقررت بلدية اسطنبول ان تخضع هذه السوق لعملية ترميم غير مسبوقة. ويؤكد رئيس بلدية منطقة الفاتح المقرب من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، مصطفى دمير "انه المكان الذي يتلقى أكبر عدد من الزوار في العالم وهو تاليا مهم جدا بالنسبة لنا".
أشغال طويلة الأمد
ويضيف "انه مشروع طويل جدا سيستمر عشر سنوات". وكلفة المشروع على مستوى طموحاته فهي لا تقل عن 30 مليون يورو تمولها بشكل أساسي السلطات.
وتعطى الأولوية المطلقة في هذه الأشغال لتعزيز بنية السوق. ويوضح المسئول الفني عن الأشغال في البلدية اوكان ارهان الفاز "بني البازار الكبير على تلة تروي المياه أرضيتها. ولم تعد الأرض قادرة على تحمل الموقع الذي بات ينخسف وينزلق على المنحدر باتجاه القرن الذهبي".
وستحفر خنادق في كل من أزقة البازار وستوضع في قعرها أنفاق من الاسمنت تمر عبرها المياه والمجارير والأمطار فضلا عن الكابلات الكهربائية المتدلية الآن على امتداد الجدران في هذه السوق.
ويوضح كبير المهندسين في المشروع "هذه الممرات ستؤدي إلى تعزيز بنية المكان من تحت الأرض وتمتين الأعمدة".
وقد وافق مالكو أكثر من ثلاثة آلاف متجر في البازار الذين شكلوا جمعية، على المشاركة في المشروع مدركين ضرورة القيام بهذه الأشغال.
ويقول البائع كينان الذي يبيع المنتجات الجلدية "في الشتاء نعاني من البرد وفي الصيف من الحر وما أن تمطر نعاني من تسرب المياه. آمل أن يتغير كل ذلك قريبا".
ويجمع الكل على ضرورة القيام بأعمال الترميم هذه إلا أن المشروع يثير بعض القلق ولا سيما من قبل مستخدمي المتاجر المتواضعة الذين يخشون ارتفاعا كبيرا في الإيجارات.
ويقول محمود أمام كدسة من القمصان القطنية "كل شيء رهن بإرادة مالك المتجر إلا أننا لا نتوقع نبأ سارا. وإذا حصل ذلك سنضطر إلى الرحيل إذا لا يمكننا تحمل الكلفة".
طابع البازار مهدد
ويبدو أن ثمة أساسا لهذه المخاوف. فقبل اقل من عام أمرت البلدية 80 من أصحاب المتاجر إخلاء المكان رسميا بحجة الترميم. وقد استاء هؤلاء كثيرا عندما علموا أن الجهة التي تؤجرهم المتاجر وهي هيئة رسمية قامت باستدراج عروض لمنح أماكنهم بإيجارات أعلى بكثير.
وقد احتج التجار كثيرا، إلا أن السلطات المحلية أسكتت هذا الاحتجاج باستعانتها بالشرطة لطردهم.
وترى بعض مؤسسات المجتمع المدني المعتادة على أشغال الترميم الصارمة التي تطلقها بلدية اسطنبول، أن وراء ترميم البازار صفقة عقارية مربحة. وهي تشير خصوصا إلى بناء فندقين في خانين محاذيين للسوق المسقوفة يهددان بحسب هذه الجمعيات الطابع التاريخي للبازار.
ويقول رئيس غرفة المهندسين المدنيين في اسطنبول كمال غوكجيه "تتم عمليات إعادة التأهيل عندنا بمعزل عن السكان ما يؤدي إلى شروخات اجتماعية".
ويضيف "لا أظن أن المشروع ركز كثيرا على تعزيز الهوية الثقافية والتاريخية للموقع" محذرا من مغبة "تحويل البازار الكبير إلى مجرد مركز تجاري".
إلا أن رئيس بلدية المنطقة يدحض هذه الانتقادات قائلا "نحن في القرن الحادي والعشرين وينبغي ألا يبقى البازار الكبير غائرا في الماضي. يجب مواصلة التقليد مع تلبية حاجات الناس اليوم". ومن المقرر بدء أعمال الترميم في الربيع.