العدد 4933 بتاريخ 09-03-2016م تسجيل الدخول


الرئيسيةالوسط أونلاين
شارك:


في كلمته أثناء رئاسة مجلس جامعة الدول العربية

وزير الخارجية: إيران لا تكترث بحسن الجوار والروابط الجغرافية والدينية التي تجمعنا بهم

تسلم وزير الخارجية الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة، رئاسة مجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري في دورته العادية 145، وذلك في الجلسة الافتتاحية للدورة التي عقدت اليوم الخميس (10 مارس/ آذار 2016) بالقاهرة بجمهورية مصر العربية الشقيقة.

 وقد ألقى وزير الخارجية كلمة أعرب فيها عن خالص تقديره للجهد الكبير الذي بذلته الامارات العربية المتحدة الشقيقة خلال ترؤسها للدورة السابقة لمجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري، ودورها المتميز في الوصول إلى آليات جديدة وقرارات ومواقف هامة كان لها الدور الكبير والإيجابي في العمل العربي المشترك، مشيدًا معاليه بجهود معالي الدكتور نبيل العربي أمين عام جامعة الدول العربية وجميع منتسبي الأمانة العامة في التنظيم والمتابعة والإعداد الجيد لأعمال الدورة.

 وأكد الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة أن ظاهرة الإرهاب وانتشار الجماعات الإرهابية من أخطر التحديات التي تواجه الدول العربية، حيث تتخذ هذه الجماعات من الأراضي العربية مقرات لها لنشر فسادها وخطرها وإجرامها في ظل دعم من دول تقوم بإيواء المجرمين الهاربين من العدالة وفتح المعسكرات لتدريب المجموعات الإرهابية وتهريب الأسلحة والمتفجرات، بالإضافة إلى الدعم المادي والإعلامي وغيرها من الممارسات التي تتعارض مع مبادئ حسن الجوار والقوانين والأعراف الدولية.

 واستعرض الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة في كلمته أهم التطورات والموضوعات على الساحة العربية، مشيرًا معاليه إلى أن القضية الفلسطينية أصبحت أكثر تعقيداً مما كانت عليه بسبب زيادة وتيرة الاحتلال والاستيطان والحصار، والاعتداءات المتكررة على أبناء الشعب الفلسطيني الأبي والمقدسات الدينية، داعيًا المجتمع الدولي وخاصة مجلس الأمن إلى الاضطلاع بمسؤولياته القانونية والأخلاقية لتحقيق السلام الشامل والعادل وفقاً لمبادرة السلام العربية وقرارات الشرعية الدولية.

 وجدد وزير الخارجية موقف مملكة البحرين الثابت الرافض لاستمرار احتلال إيران للجزر الإماراتية الثلاث طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى، مشددًا على حق سيادة الإمارات العربية المتحدة على جزرها الثلاث.

وفيما يلي نص كلمة وزير الخارجية الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة:

أصحاب السمو والمعالي والسعادة الإخوة الوزراء ورؤساء الوفود،

معالي الأخ الدكتور نبيل العربي الأمين العام لجامعة الدول العربية،

السيدات والسادة الحضور الكرام،

 اسمحوا لي في البداية أن أعرب باسمكم جميعاً عن خالص الشكر والتقدير لأخي سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي بالإمارات العربية المتحدة الشقيقة، ومعالي الدكتور أنور محمد قرقاش وزير الدولة للشؤون الخارجية على ما قاما به من جهود عظيمة خلال ترؤس الإمارات للدورة السابقة لمجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري، وللدور المتميز في الوصول إلى آليات جديدة وقرارات ومواقف هامة كان لها الدور الكبير والإيجابي في عملنا العربي المشترك. والشكر موصول لمعالي الأخ الدكتور نبيل العربي أمين عام جامعة الدول العربية وجميع منتسبي الأمانة العامة على جهودهم المقدرة في التنظيم والمتابعة والإعداد الجيد لأعمال هذه الدورة. معرباً باسمكم جميعا عن عميق التقدير والامتنان للدكتور نبيل العربي بمناسبة قرب انتهاء مهمته كأمين عام للجامعة، ولما قدمه من عمل مخلص ودؤوب خلال السنوات الخمس الماضية في خدمة عملنا العربي المشترك، وما حققه من إنجازات في مرحلة من أصعب  وأدق المراحل من تاريخ أمتنا، متمنياً له كل التوفيق والنجاح.

 كما أغتنم هذه المناسبة للترحيب بكل من معالي الأخ الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني وزير خارجية دولة قطر الشقيقة، ومعالي الأخ خميّس الجهيناوي وزير الشؤون الخارجية بالجمهورية التونسية الشقيقة، ومعالي الأخ أسلكو ولد أحمد أزيد بيه وزير الشؤون الخارجية والتعاون بالجمهورية الإسلامية الموريتانية الشقيقة، الذين يشاركون في اجتماعات المجلس لأول مرة منذ توليهم لمناصبهم، وإنني على ثقة في أنّ وجودهم بيننا ومساهماتهم ستثري المناقشات في مجلسنا الموقر.

ويشرفني ترؤس أعمال المجلس في دورته 145، والتي يحفل جدول أعمالها بالعديد من المواضيع الهامة التي تمس مصالحنا ومصيرنا، وترمي إلى تعزيز عملنا المشترك ودعمه لما فيه صالح دولنا وشعوبنا،  آملاً أن تتكلل أعمالها بالسداد بعون الله تعالى، وبفضل تعاونكم جميعاً، وتحقيق ما نصبو إليه من أهداف و نتائج، في خضم صراعات وتناقضات ومصالح إقليمية ودولية متشابكة، توجب دعم كل الجهود المبذولة حالياً لإصلاح جامعة الدول العربية وتطوير آليات العمل فيها، حتى تصبح منظمتنا أكثر فاعلية، وأقدر على مواجهة ما يعترض سبيلنا من تهديدات وصعاب.

أصحاب السمو والمعالي والسعادة،

إن من أخطر التحديات التي تواجهنا هي ظاهرة الإرهاب وانتشار الجماعات الإرهابية، واتخاذ أراضي دولنا العربية مقرات لها لنشر فسادها وخطرها وإجرامها، والعمل على زعزعة أمننا واستقرارنا وتهدف إلى المساس بوحدتنا وتفريق شعوب أمتنا، وتسعى إلى عزل شعوبنا عن المجتمع الدولي، عن طريق بث الفتنة الطائفية وتشويه قيم ديننا الإسلامي الحنيف، وللأسف يأتي ذلك بدعم من دول اعتبرناها دولا صديقة وجارة، ولكنها سعت بكل جهد ممكن إلى دعم تلك الجماعات، من خلال إيواء المجرمين الهاربين من العدالة وفتح المعسكرات لتدريب المجموعات الإرهابية وتهريب الأسلحة والمتفجرات، بالإضافة إلى الدعم المادي والإعلامي وغيرها من الممارسات التي تتعارض مع مبادئ حسن الجوار والقوانين والأعراف الدولية وميثاق الأمم المتحدة ومنظمة التعاون الإسلامي، وباتت تؤثر حتى على اجماعنا العربي في مواجهتها وردها، بما يتطلب منا جميعا العمل بحرص وحزم للمحافظة على وحدة أمتنا وما يربطنا من أهداف ومصير مشترك.

الإخوة الأعزاء،

تأتي هذه الدورة ومازالت هناك أراض عربية محتلة دون أي اعتبار للقرارات والقوانين الدولية، التي أضحت وللأسف تطبق بمعايير متغيرة وبصرامة متفاوتة بالتوازي مع مبادئ الحفاظ على السيطرة والقوة والمصالح الخاصة وبسط النفوذ، دون الاكتراث بمستقبل الدول المدمرة والشعوب المشتتة والتي لا تقوى على العيش في بيوتها ومدنها ولا حتى داخل دولها، فالقضية الفلسطينية أصبحت أكثر تعقيداً مما كانت عليه بسبب زيادة وتيرة الاحتلال والاستيطان والحصار، والاعتداءات المتكررة على أبناء الشعب الفلسطيني الأبي ومقدساتنا الدينية، وندعو المجتمع الدولي وخاصة مجلس الأمن إلى الاضطلاع بمسؤولياته القانونية والأخلاقية، واتخاذ التدابير اللازمة لتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني، وإجبار إسرائيل على إنهاء احتلالها لجميع الأراضي العربية، لتحقيق السلام الشامل والعادل وفقاً لمبادرة السلام العربية وقرارات الشرعية الدولية.

ولا تزال إيران تواصل احتلالها للجزر الإماراتية الثلاث طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبوموسى، ولهذا نجدد التأكيد على موقفنا الثابت الرافض لاستمرار هذا الاحتلال، وندعم حق سيادة الإمارات العربية المتحدة على جزرها الثلاث، وندعو إيران للاستجابة لمساعي الإمارات العربية المتحدة لحل هذه القضية عن طريق المفاوضات المباشرة أو اللجوء إلى محكمة العدل الدولية.

وفي سياق الجوار الإقليمي، فإننا نرفض استمرار التدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية لدولنا، ومساندة الإرهابيين وتدريبهم وتهريب الأسلحة والمتفجرات ومواصلة التصريحات العدائية على كافة المستويات، التي تثير الفتنة الطائفية في مجتمعاتنا، فهناك جماعات إرهابية في بلادي ممولة ومدربة من الحرس الثوري الإيراني وحزب الله الإرهابي، وكذلك العدوان الذي تعرضت له سفارة المملكة العربية السعودية في طهران وقنصليتها في مشهد، كلها أمثلة تدل على أن إيران لا تكترث بحسن الجوار والروابط الجغرافية والدينية التي تجمعنا بهم، ولا حتى بمبادئ الأمم المتحدة ولا القوانين والمواثيق والأعراف الدولية، ولذا فإننا نطالب إيران بضرورة الكف فوراً عن هذه الممارسات التي تمس سيادتنا واستقلالنا، وأن تغير سياستها مع دولنا بما يكفل الحفاظ على أمن واستقرار المنطقة.

أما الشعب السوري الشقيق فيعيش في مرحلة من الدمار والشتات لم يسبق لها مثيل في تاريخنا العربي المعاصر، فالقتلى في ازدياد ومآسي اللاجئين أيضاً في إزدياد،  في ظل الأزمة السورية المتفاقمة والتي دخلت عامها الخامس دون ظهور أي بوادر حل في الأفق القريب، ولا زلنا نؤكد على موقفنا في ضرورة الحفاظ على وحدة سوريا واستقرارها وسلامة أراضيها، والقضاء على الجماعات الإرهابية المتواجدة هناك كداعش والنصرة وحزب الله وغيرها، كما نؤكد على أنّ الحل الأفضل والأسمى يتمثل في عملية سياسية شاملة وفقاً لما جاء في بيان مؤتمر جنيف الأول الذي صدر في 2012، و تأمين دخول المساعدات الإنسانية إلى الشعب السوري الشقيق في الداخل وفي الدول المجاورة المستضيفة للاجئين السوريين، والتي أصبح بعضها يعاني الكثير من جراء استمرار الأزمة في سوريا، وتفعيل قرار مجلس الأمن رقم 2165 والقرار رقم 2254 ، داعين الدول الكبرى للتفاهم والتعاون في حل الأزمة السورية، وتحمل مسؤولياتها على الأرض وفي المحافل الدولية، آملين أن يكون إعلان وقف الأعمال العدائية في سوريا خطوة للحل السياسي الشامل، القائم على ما يحدده أبناء الشعب السوري من نظام سياسي يضمن لهم عودة السلام والاستقرار إلى بلدهم والعيش الكريم في مدنهم وقراهم.

أصحاب السمو و المعالي والسعادة،

يمر اليمن الشقيق بظروف إنسانية عصيبة نتيجة للانقلاب على الشرعية المتمثلة في حكومة فخامة الرئيس عبد ربه منصور هادي رئيس الجمهورية اليمنية، من قبل الجماعات الإرهابية المدعومة من إيران، ونؤكد عزمنا على مواصلة الجهود مع التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية الشقيقة، حتى تتمكن الحكومة الشرعية من بسط نفوذ الدولة على كافة ربوع اليمن. مشددين في الوقت ذاته على التزامنا الكامل بالقيام بواجبنا في تقديم مختلف أنواع المساعدات الإنسانية وندعو المجتمع الدولي لتكثيف جهوده المبذولة والمقدرة في هذا المجال. كما نود التعبير عن دعمنا للجهود الدبلوماسية التي تبذلها الأمم المتحدة عن طريق مبعوث الأمين العام إلى اليمن سعادة السيد إسماعيل ولد الشيخ أحمد، مؤكدين أن الحل السياسي ينبغي أن يقوم على أساس المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية، ومخرجات الحوار الوطني الشامل ومؤتمر الرياض، بالإضافة إلى التنفيذ غير المشروط لقرار مجلس الأمن رقم 2216 (2015).

 وفيما يتعلق بالوضع في العراق الشقيق، فإننا نرحب بالجهود المبذولة لتعزيز الشراكة الوطنية، بما يساند العراق في التغلب على كافة التحديات وخاصة في حربه على الإرهاب، والتخلص من تواجد الجماعات الإرهابية على أراضيه كداعش وحزب الله وغيرها من الميلشيات المسلحة، وإنهاء التدخلات الخارجية، لاستعادة أمنه واستقراره والحفاظ على سلامته الإقليمية ووحدة أراضيه.

أما بشأن الوضع في ليبيا الشقيقة، فإنني أود الإعراب عن الأمل في أن تتوصل الأطراف الليبية إلى اتفاق بشأن تشكيل حكومة الوفاق الوطني المصغرة و اعتمادها، لتكون خطوة متقدمة داعمة لإنهاء الأزمة الليبية، وتحقيق ما يصبو إليه الشعب الليبي الشقيق من أمن وأمان واستقرار وتنمية ورفاه.

الأخوة الأعزاء،

لا تقتصر التحديات التي تواجهها أمتنا العربية على المخاطر السياسية والأمنية فحسب، بل هناك الكثير من التحديات الاقتصادية أيضاً والتي يجب أن نوليها اهتماماً شديداً، خاصة عن طريق تطوير آلية القمة الاقتصادية وغيرها من الآليات المتعلقة بهذا الشأن، في ظل الوضع العربي الذي أصبح أكثر صعوبة وتعقيداً نتيجة للأزمة المالية التي تواجهها كثير من الدول العربية، وخاصة بعد تهاوي أسعار النفط وهبوطها إلى مستويات متدنية، الأمر الذي من شأنه أن ينعكس سلباً على استدامة التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي نسعى إليها جميعاً.

وختاماً، فإن ما تواجهه دولنا من صعوبات ومشكلات وما تمر به من محن وأزمات لا يجب أبدًا أن يصيبنا باليأس أو الإحباط ويجرنا إلى الفرقة والفشل، بل يجب أن يدفعنا لبذل المزيد من الجهود الجادة للحفاظ على الوحدة بين دولنا وشعوبنا، مؤمنين بقدراتنا وموقنين بأننا وبما نمتلكه من مقومات كبيرة وإمكانيات هائلة قادرون على ردع كل محاولات إضعاف موقفنا وجهودنا نحو الاستقرار والتنمية، والانتقال معاً إلى مرحلة مشرقة بالسلام والازدهار و الرخاء.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.




أضف تعليق