في تقرير صدر عن معهد الدراسات الدولية والاستراتيجية IISS
سياسة الصين الجديدة: التكنولوجية الجديدة والتوسع في استخدام الطاقة النووية
الوسط – قاسم حسين
في أحدث تقرير صدر عن معهد الدراسات الدولية والاستراتيجية، صدر بعنوان "سياسة الصين الجديدة: التكنولوجية الجديدة والتوسع في استخدام الطاقة النووية"، تناول اتجاه السياسة الصينية واستثمارها الاستراتيجي في مجال الطاقة النووية، ما سيحولها إلى دولة مصدرة لهذا النوع من الطاقة في المستقبل.
يقول التقرير أن عقوداً من النمو الاقتصادي السريع في الصين تسبب في زيادة الطلب على الطاقة، التي تأتي أغلبها من مصادر الطاقة الأحفورية، حيث يوفر الفحم ثلثي الطاقة في الصين. وقد تسبّب الاعتماد على الفحم في تلوث الهواء في العديد من المدن الصينية خصوصاً العاصمة بكين، حيث بلغ مستوى التلوث (في ديسمبر 2015) 17 ضعفاً على أعلى معدل آمن، حسب تعريف منظمة الصحة العالمية.
في فبراير 2016، كشف المكتب الوطني للاحصاءات في الصين، معلومات جديدة عن انخفاض استهلاك الفحم بنسبة 3.7% خلال العام 2015، ورغم أن الأرقام الصينية قد لا تكون موثوقة تماماً، فإن بكين أظهرت صراحة وشفافية حول استهلاك الفحم خصوصاً منذ العام 2000. فالحكومة الصينية ترغب فعلاً في التقليل من مستوى تلوث الهواء، وكنتيجة أيضاً للضغوط الدولية للتقليل من ظاهرة غازات الدفيئة التي ترتبط باستهلاك الفحم، وفي هذا الشهر أعلنت الصين رغبتها في زيادة استخدام مصادر الطاقة غير الأحفورية، وخفض انبعاث الغازات من الشركات بنسبة 60 % بحلول 2060. وفي خطٍ موازٍ، تستمر الحكومة الصينية في زيادة الاستثمار في التكنولوجيات الجديدة، التي تحد من انبعاث ثاني أكسيد الكربون.
عصر النهضة النووية
تبعاً لتوقعات أبحاث "بلومبرغ"، فإن إنتاج الطاقة النووية عالمياً سيرتفع إلى 583 جيجاوات بحلول 2030، بزيادة الضعف عمّا هو عليه الآن. وجزء كبير من هذه الزيادة ستكون من نصيب الصين، حيث يحظى إنتاج الطاقة النووية بدعم الحكومة. ورغم أنها تعدّ ممن دخلوا هذا المجال في وقت متأخر، حيث يعود المفاعل النووي الأول الذي صنعته للعام 1991، إلا أن لديها الآن 54 مفاعلاً، سواءً تحت الخدمة أو قيد الإنشاء، تم اعتمادها وفق سلسلة من الخطط الخمسية، حيث لديها هدف طموح لإكمال ما بين 5 – 6 مفاعلات سنوياً. وتشمل الخطة الخمسية الـ13، (ما بين 2016- 2020)، رفع ما تنتجه من الطاقة النووية إلى 150 جيجاوات بحلول 2030، بما يعادل 10 % من إنتاج الطاقة المنزلية.
ورغم أن مشاريع الطاقة النووية تقلّصت لدواعي الأمن والسلامة، بعد حادثة مفاعل فوكوشيما باليابان، إلا أن الصين استأنفت مشروعها الطموح. وقد وقّعت اتفاقات بمليارات الدولارات، للحصول على 4 مفاعلات عام 2006، من شركة أميركية، مع حرصها على نقل التكنولوجيا، ما يعكس استراتيجيتها بعيدة المدى. وبينما كانت الدول الأوروبية تفكّك مفاعلاتها لتنتقل إلى مصادر أخرى للطاقة، أخذت الصين تستقطب الشركات العاملة في هذا المجال التي كانت تخضع لضغوطٍ كبيرةٍ منذ حادثة فوكوشيما.
دورة إنتاج الوقود النووي
إلى جانب الاستحواذ على التكنولوجيا النووية، توسّعت الصين في أنشطتها الخاصة بدورة إنتاج الوقود النووي، وقد خصصت استثمارات استراتيجية في اليورانيوم، الذي يعتبر أساسياً في هذه العملية كونه مصدراً للوقود النووي ويوجد بكميات محدودة. وتشير التقديرات إلى أن حصول الصين عليه سواءً من داخل أراضيها أو من الخارج، سمح لها بمضاعفة كمياته ثلاث مرات خلال العقد الأخير. وقد تم الاستحواذ عليه من خلال تسهيلات في النيجر وناميبيا ومنغوليا وكازاخستان.
وبما أن غالبية المفاعلات الحديثة تتطلب يورانيوم مخصباً كوقود، فإن الصين أخذت تستثمر في عملية التخصيب. وقد أظهرت تحليلات الأقمار الصناعية توسع بعض المواقع النووية في عدد من المدن الصينية.
في الجانب الآخر من دورة الإنتاج، تسعى الصين إلى تقوية قدرتها على استغلال الوقود المستنفد، بما فيه البلوتونيوم، الذي يمكن عزله عن مخلفات الوقود النووي، وهو ما يخلق دائرة مكتملة لإنتاج مزيدٍ من الوقود والطاقة. ونتيجة لزيادة إنتاج اليورانيوم، وزيادة تخصيبه، ستصبح الصين في موقعٍ يمكّنها من تقديم الخدمات النووية للدول الأخرى.