العدد 4925 بتاريخ 01-03-2016م تسجيل الدخول


الرئيسيةثقافة
شارك:


قصة قصيرة... حديث ساعة

قصة قصيرة - زينب عبد الجليل ثامر

يظن العالم أن الساعة اثنتا عشرة صباحاً هي أكثر الأوقات ظلماً وهدوءاً، هم فقط لم يعلموا أنها أكثر الأوقات ضجيجاً. تدق الساعة كل ليلة من برج مشيّد بعيد وتصل أنغام دقاته إلى أنفاس النائمين. كل ليلة أعدّ معها: واحد... اثنان... ثلاثة...

ثم تلتهي أفكاري قليلاً وعقلي يظن أنه يعد الدقات تسلسلياً. أقول اثنتي عشرة ثم أتفاجأ بثلاث دقات أخريات. غالباً لا أستغرب ذلك كثيراً، لأنه يحصل كل ليلة.

أبرر ذلك بأن صوتي البائح قد يكون السبب، فأنا لا أسمع صوتي جيداً. لا أعلم حقاً إن كنت مازلت أمتلك القدرة على الحديث، لم أتحدث منذ فترة طويلة. كم أشتاق لصوتي!

تبدأ تلك اللحظات عندما أتيقن أن ابناي قد غطّا في سبات عميق لا يمكن كسره. من هنا ابتدأ صراعي. يجب أن أغسل ثوبي اليوم، لأنني غداً بعد عودتي من معترك الحياة لن أجد ما ألبسه. يجب أن أغسل قدماي المتورمتان حتى تعود الحياة لهما، لكن صقيع الماء يزيد من ألمي ألما. لو كان لي جوربان، جوربان فقط، لما أدميت قدمي ولا وضعتها تحت هذا العذاب.

رغيف الخبز لا يكفيني كل يوم، أخبر أطفالي بأنني أكلت حصتي أو أنني أتبع حمية صارمة. لا يهم ما أقول، كل ما يهم أنني مازلت على قيد الحياة، وأطفالي كذلك. ماذا أقول لهم أيضاً؟ أقول لهم أن الرغيف يجب أن يؤكل قاسياً حتى تصبح أسنانهم أقوى. الخبز الطري للضعفاء فقط الذين لا يتحمّلون قسوة الخبز. يفرحون كثيراً عندما ينهون رغيفهم، يظنون أنهم أبطالاً. ربما هم كذلك.

آخر طقوسي هي علبة حمراء صغيرة تسمى طلاء الأظافر. كلا، لا تعتقد أنني بذرت نقودي و اشتريتها. كل ما في الأمر أنني وجدتها في درج قديم عندما أتينا لهذا الصندوق الصغير. لا أريدك أن تظن بأنني أريد أن أرسم البهجة على يديّ. أنا فقط أحاول أن أخفي ما يرسمه الزمن على أبداننا. ربما تعلم أن أظافرنا ترتسم بلون السماء عندما نتجمد من البرد، و لإنني لا أرجو الشفقة، أخفي كل آلامي تحت مراسم البهجة.

هذه الحياة صعبة جداً يا صديقي. و لم يعد أحد يستمع... يصدق... أو يعي ما يحدث حوله. لهذا سنقدم لهذا العالم ما يريد، وسنخفي كل جروحنا وآلامنا. هذا العالم غريب يا صديق!

أعلم أنك ستعلن الآن عن قدوم الساعة الواحدة، واعذرني سأغلق نافذة الحديث، لأن هذه الدقة الواحدة تشعرني بحتمية الفناء، وأنا يا صديقي ... أنا مازلت على قيد الحياة.



أضف تعليق



التعليقات 30
زائر 1 | زائر 11:20 م كلمات جميلة سلمت اناملك رد على تعليق
زائر 14 | 3:27 ص قصة أكثر من رائعة
بالتوفيق ????
زائر 2 | 11:27 م كتابات الزمن الجميل
معاني عميقة اهنيك رد على تعليق
زائر 3 | كلمات 12:19 ص تعبير جداً جداً جميل ووصف أجمل كأني أقرأ قصة أو رواية رد على تعليق
زائر 4 | بالتوفيق عزيزتي 12:41 ص كلمات جميلة من فتاه جميلة ورقيقة ومفعمه بالاحاسيس.. موفقة عزيزتي زينب والى الامام دوما♡
معلمتك
ح.س رد على تعليق
زائر 8 | شكرا 1:15 ص رحم الله والدك كان اخ وزميل لي انت ثمرة كفاح والدك تمنياتي لك بالرقي والنجاح
زائر 5 | تلميذتي زينب 12:42 ص لفت نظري وجهك الباسم حتى أسرعت إلى قراءة الاسم فأحسست بغبطة تغمرني وسعادة أثلجت قلبي أسلوبك رائع يا عزيزتي وكلماتك لها دلالات عميقة تمنياتي لك بالتوفيق وننتظر المزيد معلمتك في الحلقة الأولى فاطمة رد على تعليق
زائر 17 | مافهمت شي 4:48 ص مافهمت شي
زائر 25 | زائر رقم ٤ 2:27 م كم هو جميل بان استاذتك الغاليه تعرفت عليك من لمحة واحده. تحيه من قلبي لك ولمعلمتك وادعو الله بان يوفقكم ويرعاكم. د. علي
زائر 6 | 12:46 ص أقوى قصة لحد الأن رد على تعليق
زائر 7 | .. 1:01 ص رائعة.. تحية لأبناء الوطن من بلاد المغترب رد على تعليق
زائر 9 | 1:21 ص السرد راااااائع والعبارات عميقة رد على تعليق
زائر 10 | انا 2:05 ص أقول لهم أن الرغيف يجب أن يؤكل قاسياً حتى تصبح أسنانهم أقوى. الخبز الطري للضعفاء فقط الذين لا يتحمّلون قسوة الخبز.
على الجرح.. عورني قلبي و انا اقراها
تسلم يد الكاتبة رد على تعليق
زائر 11 | قارئة 2:50 ص جميلة جميلة جداً .. أحسنتِ رد على تعليق
زائر 12 | موفقه يا زينب 3:12 ص فعلا كلمات مؤثره وهادفه بصراحه.اتمنى لك التوفيق عزيزتي زينب.
زائر 13 | 3:18 ص قصه وعبره ... جميله جدا وتعم الفائده ....كم يالمتي قلبي واتا اقرا هذه الكلمات الخارجه من اعماق القلب....وفقكي الله دنيا وٱخر يا ابنة عمي الغاليه والى الامام دائما... رد على تعليق
زائر 15 | 3:42 ص روووووعة تلك الانامل وسبق وان قرأنا لك باللغة الانجليزيه ولك مقاطع يوتيوب ... نعم تفخر البحرين بابناء وبنات مثلك
كل التوفيق يا رب والى الامام رد على تعليق
زائر 16 | 3:44 ص تفخر البحرين بمثلك
كل التوفيق والى الامام ورحم الله والدك وبالطبع الان هو فخور بك
وترجعين بالسلامة مكلله بشهادة نجاحك وتفوقك رد على تعليق
زائر 19 | كاتبة متألقة 5:29 ص كاتبة متألقة بالتوفيق
زائر 18 | 5:14 ص كل التوفيق لك ابنة عمي الغاليه رد على تعليق
زائر 20 | 7:20 ص لي الفخر كل الفخر بأني شهدتك تنطلقين يومًا .. كم أنت رائعة!! معلمتكِ حنان رد على تعليق
زائر 21 | ... 7:29 ص رائع رد على تعليق
زائر 22 | 7:47 ص ما شاء الله، ممتازة رد على تعليق
زائر 23 | عزيزتي 11:13 ص قرأت ماكتبت عزيزتي لاجد نفسي تعود لثلاثين سنة ماضية اعيشها من جديد مع كلماتك كنا ايتام صغار جدا استيقطنا فجأة فجر احد الايام على اليتم والحياة القاسية والجوع نعم عشت مع اخوتي وامي تلك الايام وعايشت ماكتبتي رجاءي الحار لا تنسوا الايتام اغدقوا عليهم الحنان قبل المال لا تتركوهم للمجتمع ينهش فيهم شكرا لك رد على تعليق
زائر 24 | 2:08 م بالتوفيق زينب قصصة جمييلة رد على تعليق
زائر 26 | 4:17 م كلمات رائعة .. ااااه كم راقت لي كلماتك عزيزتي أتمنى لك التوفيق. أتمنى للحديث تتمة رد على تعليق
زائر 27 | 4:31 ص مبدعة مبدعة مبدعة .. قصة رائعة وسرد متقن وأسلوب سلس ومفردات موفقة وعنصر التشويق جيد.. مستقبل واعد .. موفقة رد على تعليق
زائر 28 | 11:33 م رائعة جداً ... بالتوفيق ... رد على تعليق
زائر 30 | 8:09 ص بالتوفيق زينب وننتظر المزيد من الإبداع رد على تعليق
زائر 31 | 11:38 ص ???? رائعة ~ رد على تعليق