قصة قصيرة... أختي
لطيفة راشد الميل
عندما جاءت إلى هذا العالم... كنت أقسو عليها... أعنفها... أضربها .. كنتُ صغيرةً جداً وكان شعور الغيرة يتملكني تجاهها بشدة لأنها أصغر مني وتنال تغنيجاً أكثر مني... و لا أستطيع كبت شعور الغيرة هذا أبداً، بعد أعوامٍ كثيرة كبرتُ وتعرفت على أختي أكثر فأكثر... أدركت أنها كانت تستحق كل ذلك التدليل والاهتمام، فلقد أدركتُ أنها معاقة عقلياً! كنت طفلة صغيرة آنذاك ولا يُعتب علي لتصرفاتي القاسية معها.. أنا الآن أشفق على أختي كثيراً .. فهناك صنف سافلٌ من الناس يعاملها بجفاء.. ينبذها .. يسخر منها.. يهزأ بقدراتها.. كان بيتنا قبل مجيئها لهذه الدنيا يعج بالناس، لكن.. بعد أن جاءت وكبرت وظهرت إعاقتها.. أصبح بيتنا خالٍ من الناس تماماً .. فقط لأنها موجودة فيه! أذكر مرة من المرات كنا جالسين مع الأهل فخاطب أحد المعارف أمي قائلاً : كيف سيتقدم الشباب لخطبة ابنتكِ الكبيرة وأختها معاقة! نعم قالها بشحمة لسانه!... بلا أدنى إحساس لأمي التي انهارت من الداخل، وأختي معاقة... هل هذا عيب؟ وأذكر موقفاً آخر قبل أربع سنوات... كانت أختي تبلغ الثامنة، قال أحد معارفنا لأمي : لا تحضري ابنتكِ في يوم خطبتي كي لا تحرجنا! يا لهذه الوقاحة! وهناك مواقف كثيرة أخرى لهكذا أشخص، وعربداتهم الحقيرة لا تنتهي وأظل أتألم لرؤيتها حتى اليوم... نعم حتى اليوم! لكن من بعد هذا اليوم... لن أدع هذا التعدي السافر على أختي يمر مرور الكرام... سأدافع عنها... لن أرحم أي معتدٍ حقير يطلق عنان عربداته على أختي، إن الإعاقة ليست عيباً، ولن أدع أي شخص دنيء يتعدى على هذه الوردة الي باتت تذبل من أفعال البعض السافلة... صحيح أنها معاقة لكنها تملك الكثير من الأحاسيس... ليست خالية من المشاعر، هناك فارقٌ صغير بين عمري وعمرها وهو أربع سنين، لذلك أراها تتبعني أينما ذهبت، تكثر من تقبيلي على رأسي... وحتى على قدمي.. أشعر بالندم عندما أعنفها في بعض المرات فهي تحبني حباً جياشاً لدرجة أنني سمعتها مرة من المرات تلفظ اسمي وهي نائمة.. كدت أن أبكي... هي حبي وحياتي ولن أسمح بإيذائها حتى مماتي.