"الصحة" تُطلق فعاليات مختلفة بمناسبة اليوم العالمي للأمراض النادرة
الجفير – وزارة الصحة
قالت استشارية أمراض الأطفال والأمراض الاستقلابية امتثال الجشي إن اليوم العالمي للأمراض النادرة سوف يُعقد في اليوم الأخير من شهر فبراير الجاري، وذلك لرفع مستوى الوعي بالأمراض النادرة وتحسين فرص العلاج لها، مشيرةً إلى أن هذا اليوم تم تأسيسه لأول مرة في عام 2008 عن طريق المنظمة الأوروبية للأمراض النادرة "EURORDID"، وذلك رغبة منها في إيصال العلاج لكل فرد مصاب بهذا النوع من الأمراض ودعم عوائلهم وإشراك الشبكات الاجتماعية في تقديم الدعم لهذه الفئة.
وأشارت الجشي إلى أن الهدف الرئيسي ليوم الأمراض النادرة يتمثل في زيادة الوعي بين عامة الناس وصنّاع القرار حول هذه الأمراض وتأثيرها على حياة المرضى، وتستهدف الحملات التي يتم تنظيمها سنوياً في المقام الأول الجمهور العام، وكذلك تجمع الجمعيات ومرضاها مع صنّاع القرار وصانعي السياسات وممثلي الصناعة والباحثين والعاملين في المجال الصحي والمهتمين بالأمراض النادرة.
وبينت الجشي أن فريق الأمراض الاستقلابية الوراثية في مجمع السلمانية الطبي وبالتعاون مع قسم الأطفال يعتزم الاحتفال باليوم العالمي للأمراض النادرة تحت شعار "نحن نسمع صوتك"، وذلك تحت رعاية وزيرة الصحة فائقة الصالح، حيث يشمل الاحتفال باليوم التعريفي بالأمراض الوراثية الاستقلابية عدداً من الفعاليات تتمثل في حملة إعلامية للتعريف بهذا اليوم ونشر الوعي في المجتمع عن طريق الإذاعة والتلفزيون والصحف، وعقد يوم ترفيهي يجمع المرضى وعوائلهم مع الجهات الطبية المعنية بهم (أطباء اختصاصيين- ممرضات – أخصائي التغذية – أخصائي العلاج الطبيعي) إلى جانب فقرات ترفيهية، وأخيراً يوم علمي للعاملين في المجال الصحي من مختلف التخصصات (أطباء الأطفال – أطباء العائلة – أطباء العظام – أطباء الأمراض الباطنية – أطباء جراحة الأعصاب – ممرضين - أخصائي التغذية – أخصائي العلاج الطبيعي) من أجل التعريف بمجموعة من الأمراض الاستقلابية الوراثية.
وحول أمثلة فئات الأمراض النادرة الوراثية، ذكرت الجشي بأنه يجب تسليط الضوء على ثلاثة أنواع من الأمراض الوراثية النادرة، وذلك نظراً لتزايد عددها في مجتمعنا كمجموعة وليس كمرض مفرد، إضافة إلى كثرة الأبحاث في هذه الأمراض، والتي ساهمت كثيراً في تشخيص وعلاج هذه الأمراض، وتمثل الفئة الأولى التشوهات الخلقية والتي تُعرف بالتخلق غير طبيعي في أحد أعضاء الجسم أو الأنسجة في مرحلة تخلق الجنين وتحدث أكثر هذه العيوب أثناء الشهور الثلاثة الأولى من الحمل، وقد يشمل العيب الخلقي على عيب في شكل جسم الطفل، أو عيب في وظائف الجسم، أو كلاهما. أما الفئة الثانية فتمثل أمراض الوراثة الكيمائية (أمراض الاستقلاب) وهي أمراض التمثيل الغذائي جزء من الأمراض الوراثية التي تنتقل عما يعرف بالجين المتنحي أي أن الأب والأم يحملان الصفات الوراثية للمرض وينقلانه إلى أطفالهما بنسبة 25% في كل حمل (نسبة مولود مصاب مقابل ثلاثة غير مصابين).
وأوضحت الجشي بأن الأمراض الاستقلابية المعروفة تُقدّر بأكثر من 400 مرض استقلابي. وطبيعة الأمراض الاستقلابية هو نقص إنزيمات معينة منذ الولادة، وهذه الإنزيمات مهمة لتحويل مادة إلى مادة أخرى في أجزاء الجسم المختلفة. فمثلاً لو أن المادة (أ) تتحول إلى مادة (ب) بوجود الإنزيم (هـ)، فإن نقص أو قصور الإنزيم (هـ) يؤدي إلى تراكم المادة (أ) في الجسم ونقص في المادة (ب).وبحسب طبيعة المادة (أ) قد تكون سامة أو معقدة مما يؤدي إلى أعراض مختلفة عند الإنسان حسب موقع الإنزيم وأهميته.
والأمراض الاستقلابية قد تصيب أي عضو أو جهاز في الإنسان مما يجعل الأعراض مختلفة مثل التخلف العقلي والنفسي عند الأطفال او تضخم الكبد والطحال أو التأثير على العظام أو القلب، لذلك كان برنامج الكشف عن هذه الأمراض مهم قبل إصابة الطفل وبالتالي صعوبة العلاج المبكر للمواليد من أهم الطرق لمنع الإعاقة الناتجة عن هذه الأمراض. وحول نسبة الإصابة بها، ذكرت الدكتور الجشي بأن هناك دراسة أجريت على عدد المرضى بهذا النوع من الأمراض في مجمع السلمانية الطبي وتبين بأن مجموع أعداد المصابين بالأمراض المختلفة بهذه الفئة 1/3000 مولود والتي تفوق بكثير النسبة الموجودة في الغرب، والتي ربما يرجع أحد أسبابها إلى زيادة نسبة زواج الأقارب في مجتمع البحرين.
وحول الفئة الثالثة للأمراض العصبية الوراثية، أشارت الجشي إلى أنها تصيب الأطفال وتكون متشابهة بحيث أنها تظهر على شكل تأخر في النمو الحركي أو المعرفي أو تظهر بشكل حدوث تشنجات كثيرة، ولكن أسباب هذه الأمراض مختلفة وأمثله على ذلك كثيرة مثل الأمراض الاستقلابية والاستقلابية العصبية التي بعضها يستجيب للعلاج. وأيضا من الأمثلة على الأمراض العصبية النادرة الموجودة في مملكة البحرين تلك التي تصيب الجهاز العصبي المركزي مثل أمراض الدماغ التنكسية، مثل مرض حثل المادة البيضاء التي تظهر على المريض بتراجع في النمو الحركي ويتبعه التأخر الذهني وعادة ما يكون تشخيص هذه الحالات بأشعة الرنين المغناطيسي والفحص المخبري وكلما كان التشخيص مبكراً كان بالإمكان علاج هذه الحالات بزراعة النخاع. وتُقدم في مملكة البحرين خدمات لهذه الفئات من الأمراض النادرة وتُعرف بالمعاينة الإكلينيكية وتضم وزارة الصحة أطباء استشاريين متخصصين في هذه الفئات، وتتم معاينة ومتابعة هؤلاء المرضى عن طريق الاستشاريين في عيادات تخصصية وتقديم العلاج والمشورة أـيضاً للمرضى المنومين كلا في تخصصه.
وأفادت الجشي بأنه في العام 2006 تم استحداث عيادة مشتركة تضم هذه التخصصات الثلاث، حيث ساهمت هذه العيادة في تشخيص بعض الحالات الصعبة، إضافة إلى تقديم المشورة للمرضى بشكل مشترك من قِبل المتخصصين والتي ساهمت في توفير الوقت والجهد وتقديم العناية للمرضى وأهاليهم. أما الفحوصات المخبرية التي توفرها وزارة الصحة لهذه الأمراض، تتمثل بوجود مختبر للأمراض الوراثية في وزارة الصحة يُقدم خدمات للمرضى تتعلق بدراسة الكروموسومات الوراثية الخلوية، ودراسة الصبغيات Study FISH لبعض الكروموسومات، بالإضافة إلى الفحوصات المخبرية الجزيئية لأمراض الدم الوراثية كالثلاسيميا ومرض فقر الدم المنجلي ومرض نقص G6PD وغيرها.
وتابعت: "كما يوفر مجمع السلمانية الطبي بقية الخدمات التشخيصية لهذه الأمراض وذلك بالتعاون والتنسيق مع المختبرات في خارج البحرين كمختبر مستشفى الملك فيصل التخصصي بالرياض وبعض مختبرات ألمانيا وفرنسا إضافة إلى التعاون مع مركز الأميرة الجوهرة للأمراض الوراثية بجامعة الخليج العربي.
كما يتم توفير خدمات الفحص لما قبل الولادة للعائلات التي تُعاني من أمراض وراثية محددة وذلك عن طريق التشخيص بالموجات فوق الصوتية، وأخذ عينات الزغابي المشيمي وعينات السائل الامنيوني واجراء الفحوصات الكيميائية الحيوية والبيولوجيا الجزيئية والكروموسومات بالتعاون مع مختبرات عالمية متخصصة في هذه المجالات".
وأكدت أن الخدمات العلاجية التي تتوفر في وزارة الصحة تشمل جميع الأدوية المتوفرة عالمياُ لعلاج هذه الأمراض مثل علاج الانزيمات لبعض الأمراض الاستقلابية بالرغم من الأسعار الباهظة لهذه الأدوية، إضافة إلى العلاج الغذائي، إضافة إلى الخدمات التأهيلية مثل العلاج الطبيعي والعلاج الوظيفي وعلاج النطق.
الجدير بالذكر أن الأمراض النادرة، ويشار إليها أيضاُ بالمرض اليتيم، هو أي مرض يصيب أقل من 1 لكل 2000 شخص من السكان، ويوجد حالياً نحو 100 مليون شخص في العالم يعانون من الأمراض النادرة. وتُشير التقديرات إلى أن منطقة الشرق الأوسط تضم حوالي 20 مليون مريض يعانون من الأمراض النادرة. وقد تم تسجيل أكثر من 700 مرض وراثي بين السكان العرب حتى الآن. ويُقدر مركز الدراسات الجينية العربية أن الدول العربية تنفق حوالي 30 بليون دولار أمريكي سنوياً على المرضى الذين يعانون من الأمراض الوراثية. كما أن أكثر الأمراض النادرة جينية، وبالتالي فهي تُصاحب الشخص طوال حياته، حتى وأن لم تظهر عليه الأعراض منذ البداية. ويكون في الأطفال ما يقارب من 50% من الناس الذين يعانون من الأمراض النادرة. والأمراض النادرة هي المسؤولة عن 35% من الوفيات في السنة الأولى من العمر. و80٪ من الأمراض النادرة هي وراثية في الأصل، ويمكن أن تظهر أعراضها في أي سن من حياة الانسان بالرغم من كون الخلل الجيني موجود منذ الولادة.
ومما يميز السكان في دول الشرق الأوسط الأسرة الكبيرة وارتفاع سن الوالدين في بعض الحالات نسبياً وارتفاع نسبة الزواج بين الأقارب، وتُسهم هذه العوامل في زيادة نسبة انتشار الأمراض الوراثية، ولذلك فإنه من المهم للغاية تثقيف وزيادة الوعي بين عامة الناس في المجتمع بهذه الأمراض.