اقترحت بتشديد العقوبات على من يعاود ارتكاب الجرائم الماسة بالأطفال
أطروحة ماجستير بجامعة البحرين تدعو لتوفير حماية جنائية للأطفال
الصخير - جامعة البحرين
دعت أطروحة علمية قانونية في جامعة البحرين المشرع البحريني إلى أهمية أخذ الطفل صفة المجني عليه، التي تجعله ظرفاً مشدداً للعقاب في جميع الجرائم الجنائية، وذلك لتحقيق الردع لكل من تسوِّل له نفسه الاعتداء على الطفل، مؤكدة أهمية زيادة العقاب كلما صَغـُر سن الطفل حيث يكون أضعف وأقل قدرة على الدفاع عن نفسه.
واقترحت الأطروحة - في توصياتها - إعادة النظر في بعض العقوبات حتى تتناسب ومدى فظاعة الجرم الذي يقع على الطفل المجني عليه، ووضع نصوص تتعلق بتشديد العقاب في حال العود إلى ارتكاب الجرائم الماسة بالطفل.
وقدمت الأطروحة الطالبة في برنامج ماجستير القانون العام بكلية الحقوق في الجامعة جهينة عبدالعزيز، استكمالاً لمتطلبات نيل درجة الماجستير. ووسمت عبدالعزيز أطروحتها بعنوان: الحماية الجنائية الموضوعية للطفل المجني عليه في ظل التشريع البحريني.
ووجدت الدراسة، التي نوقشت حديثاً في كلية الحقوق، أن المشرِّع البحريني أولى اهتماماً بالطفل لحماية حقوقه، وذلك عندما أقر قانون الطفل رقم (37) لسنة 2012 باعتبار أن ذلك يعد مقياساً لتقدم الأمم وحضارتها، كما أنه شدد العقاب على كل من يستغل الطفل جنسياً سواء أكان هذا الاستغلال عن طريق إغواء الطفل من أجل اغتصابه وهتك عرضه، أم من أجل استغلاله في جرائم البغاء، أم من أجل استغلاله في الجرائم الجنسية عبر شبكة الإنترنت.
وعلى الرغم من عناية المشرع البحريني بالطفل وحقوقه - بحسب الباحثة جهينة عبدالعزيز - إلا أنه لم يقرر نصوصاً خاصة بالطفل لحمايته من الاعتداءات الواقعة على سلامة جسده بل أخضعها للقواعد العامة التي تنظم هذه الجريمة على عكس بعض التشريعات المقارنة التي جعلت من صفة الطفل المجني عليه ظرفاً مشدداً للعقاب.
وأكدت أن حق تأديب الطفل من قبل والديه أو متولي تربيته حقٌ مباح لتهذيبه، وتعليمه محاسن الأخلاق بشرط عدم التجاوز في استخدام هذا الحق وإلا فإنهم ينبغي أن يُساءلوا جنائياً.
وعن أهمية موضوع دراسة الحماية الجنائية للطفل قالت الطالبة جهينة عبدالعزيز: "تمثل الطفولة أهمية كبرى في مستقبل الأمم، فالأطفال هم ثروة الأمة ومستقبلها والأمل المنشود في تحقيق ماتصبو إليه من أهداف وأمال".
وأضافت "الطفولة قديماً كانت ضمن الفئات المهملة والمحرومة من جميع الحقوق التي يتمتع بها البالغون، إلا أنَّ وضع هذه الفئة تغير اليوم إذ أصبحت حقوق الأطفال مقننة، ومحمية في القانون مثلهم مثل أي شخص بالغ".
وأكدت الباحثة عبدالعزيز أن "حماية الأطفال ليست مجرد التزام قانوني فحسب، وإنما هو واجب أخلاقي يستلزم توفير البيئة الآمنة لتنشئة الأطفال، وذلك عن طريق بذل المشرع المزيد من الجهد في سن التشريعات الجنائية اللازمة لحمايته"، مشيرة إلى "ضعف الطفل بدنياً ونفسياً بصورة لا تمكنه من الدفاع والحفاظ على حقوقه، وهو الأمر الذي يجعله أكثر عرضة من غيره ليكون ضحية للعديد من الجرائم". وشددت على أهمية أن "تلتزم الدولة بتوفير حماية جنائية خاصة لهذا الإنسان الضعيف".
وكانت لجنة امتحان ناقشت الباحثة في أطروحتها حديثاً، وتكونت اللجنة من: أستاذ القانون الجنائي في كلية الحقوق بجامعة البحرين الدكتور محمد حماد مشرفاً، وعضو هيئة التدريس في قسم القانون العام في الكلية نفسها عبدالإله النوايسة ممتحناً داخلياً، وأستاذ القانون الجنائي المساعد في أكاديمية الشرطة الملكية في البحرين الدكتور محمد علي قطب ممتحناً خارجياً.
وتناولت عبدالعزيز في أطروحتها مظاهر الحماية الجنائية الموضوعية المقررة لحماية الطفل في التشريع البحريني بشكل عام، وقامت بمقارنتها بتشريعات أخرى.
واعتمدت الدراسة على عدة مناهج علمية، منها: المنهج الوصفي لبيان أنواع الحماية الجنائية الموضوعية للطفل في التشريع البحريني، ابتداء بحماية حق الطفل في الحياة مروراً بحقه في سلامته البدنية والنفسية والصحية، وصولاً إلى حماية عرضه من الاستغلال الجنسي وما إلى ذلك.
واستخدمت الباحثة أيضاً المنهج المقارن من خلال استعراض عدة نظم تشريعية عالجت الموضوع نفسه، والمنهج التحليلي المعتمد على تطبيق المقارنات والنتائج على القواعد العامة، والنظر في معالجة المشرع لها.
ورأت الباحثة ضرورة توحيد سن الطفولة بسن ثماني عشرة سنة في جميع القوانين الوطنية ليكون مرجعاً في جميع الجرائم حتى يستفيد كل من لم يبلغ هذا السن من الحماية الجنائية.
واقترحت الباحثة جهينة عبدالعزيز النص على التبليغ الإلزامي لجهات الاختصاص القانونية عن أي جريمة تمس الطفل المجني عليه مع تشديد العقاب على من يتستر على هذه الجرائم ومرتكبيها.
وذهبت إلى أهمية تفعيل دور وسائل الإعلام المرئية والصوتية في تسليط الضوء على أهمية حماية الطفل جنائياً، والتعريف بالجرائم التي قد ترتكب بحقه وماهية العقوبات التي تترتب على ارتكابها، وذلك بالتنسيق مع السلطات الثلاث في الدولة، مؤكدة في الوقت نفسه أهمية نشر الوعي والثقافة المطلوبة لدى الأطفال حتى لا يكونوا صيداً للجرائم التي قد ترتكب بحقهم سواء أكانت استغلالاً أم إساءة في المعاملة.