العدد 4912 بتاريخ 17-02-2016م تسجيل الدخول


الرئيسيةالوسط أونلاين
شارك:


هيومن رايتس ووتش تطالب سورية وروسيا بوقف الهجمات على المدارس والمستشفيات

بيروت – هيومن رايتس ووتش

قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم الخميس (18 فبراير/ شباط 2016) إن الهجمات على عزاز وبلدة مجاورة في شمال محافظة حلب في سوريا، أصابت مشفيين ومدرسة تأوي النازحين السوريين، وقتلت 20 مدنيا على الأقل. تشير إفادات الشهود والأدلة عقب الضربات إلى أن هجمات 15 فبراير/شباط، التي أصيب فيها أيضا 38 شخص، كانت جزءا من هجوم مشترك روسي-سوري في المنطقة.

فرّ 70 ألف مدني على الأقل بين 1 و16 فبراير/شباط وفقا للأمم المتحدة، إثر هجوم لقطع الطريق بين مدينة حلب والحدود التركية. أصبحت المنطقة المحيطة بمدينة عزاز مركز معركة بين مختلف الجهات المحلية والإقليمية والدولية.

قال نائب مدير قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش نديم حوري: "بهذه الوتيرة، لن يتبقّى الكثير، مع التدمير الكامل للمدارس والمستشفيات وغيرها من المرافق. يتحرك آلاف الفارين من النزاع من مكان إلى آخر. لكن مع إغلاق الحدود التركية، لا يوجد مكان يلجؤون إليه. على تركيا فتح حدودها لجميع المحتاجين إلى الحماية".

قالت هيومن رايتس ووتش إن على سوريا وروسيا وقف الهجمات على المدارس والمستشفيات وأي هجمات عشوائية، بما يشمل استخدام الذخائر العنقودية. ينبغي أيضا أن تتوقفا عن استخدام الأسلحة المتفجرة ذات التأثير الواسع مثل الصواريخ البالستية، في المناطق المأهولة.

أظهرت صور الأقمار الصناعية التي حصلت عليها هيومن رايتس ووتش تدفّق أعداد كبيرة من النازحين إلى مخيم على الجانب السوري من معبر باب السلامة مع تركيا، من 9 ديسمبر/كانون الأول إلى 16 فبراير/شباط. تحدثت هيومن رايتس ووتش مع أحد مديري المخيم، الذي قال إن هذا المخيم الذي يقع على الحدود، واستقبل أكثر من 2400 عائلة جديدة منذ 1 فبراير/شباط، لم يعد يتسع لوافدين جدد. على تركيا السماح للمدنيين الذين يحاولون الفرار من المنطقة والعالقين حاليا على حدودها بالدخول وطلب الحماية.

في 12 فبراير/شباط، استولت قوات "وحدات حماية الشعب" الكردية السورية، بدعم من الضربات الجوية الروسية، على قاعدة منغ الجوية جنوب عزاز التي كانت تحت سيطرة المعارضين للحكومة. ثم واصلت تقدمها إلى مشارف عزاز بالاشتراك مع  "قوات سوريا الديمقراطية" المتحالفة معها. تواصلت هجمات روسيا والحكومة الروسية في المنطقة. بدأت تركيا بقصف مواقع "قوات حماية الشعب" حول عزاز انطلاقا من حدودها في 13 فبراير/شباط.

تعرّض مدخل مستشفى النساء والأطفال في مدينة عزاز إلى قصف بما وصفه ناشطون محليين بأنه صاروخ بالستي في 15 فبراير/شباط، بين الساعة 8:15 و 8:30 صباحا. كان المستشفى يُستخدم حينها كمنشأة طبية. قال ناشطَان في عزاز لـ هيومن رايتس ووتش إن المستشفى كان على الجهة المقابلة من مركز للنقل البري، وإن الطريق كان يشهد حركة مرور كثيفة. قالت منظمة "سيريا تشاريتي" التي تدير المستشفى لـ هيومن رايتس ووتش إن 15 موظفا أصيب في الهجوم، جروح 4 منهم خطيرة.

راجع خبير الأسلحة في هيومن رايتس ووتش صورا للصاروخ الذي أصاب حقلا مجاورا ولم ينفجر، وحدد نوعه على أنه صاروخ بالستي يُطلق من الأرض من نوع "توشكا 9إم 79". تتسق الحفرة بقطرها الذي يقارب 7 أمتار بمحاذاة المستشفى، مع تأثير الصواريخ البالستية.

قوات الحكومة السورية هي الوحيدة التي استخدمت الصواريخ الباليستية في الصراع المسلح في سوريا إلى الآن. تخزن سوريا عدة أنواع من الصواريخ البالستية، وفقا لمنشور "التوازن العسكري"، للمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية. يشمل المخزون عدة أنواع من صواريخ "سكود"؛ صواريخ توشكا "إس إس 21" وصواريخ "لونا-إم".

قال 3 نشطاء محليين لـ هيومن رايتس ووتش إنه بعد قصف المستشفى، وقعت أيضا ضربات جوية على المدينة. بينما كانت قوات حماية الشعب الكردية والجماعات المسلحة المتحالفة معها تتقدم إلى مشارف عزاز، كان المستشفى في المدينة ذاتها يبعد 4 إلى 5 كيلومترات عن خط الجبهة. قال 4 من السكان المحليين لـ هيومن رايتس ووتش إنه لم يكن هناك هدف عسكري قريب.

قال ناشط وطبيب في عزاز لـ هيومن رايتس ووتش، إن مستشفى عزاز الوطني تعرض للقصف أيضا خلال الفترة ذاتها. قال الناشط إن المستشفى الوطني يقع بالقرب من الخطوط الأمامية وأُخلِي قبل 10 أيام. قال الطبيب إن "مستشفى عزاز الأهلي" حيث يعمل، هو الوحيد الذي ظلت أبوابه مفتوحة بعد هجمات 15 فبراير/شباط، من أصل 3 مستشفيات في المدينة.

بالإضافة إلى السكان المحليين، تستضيف عزاز قرابة 12 ألف نازح جديد من جميع أنحاء محافظة حلب. ازداد عدد النازحين الذين يعيشون في عزاز بشكل كبير في الأسبوعين الماضيين. يفرّ الناس من القصف الجوي والمعارك البرية في مناطق أخرى من محافظة حلب ليلجؤوا هناك، مع غياب القدرة على عبور الحدود إلى تركيا.

الهجمات المتعمدة أو العشوائية ضد المدنيين والمنشآت المدنية، المرتكبة بقصد جنائي، هي جرائم حرب. تتطلب قوانين الحرب من أطراف النزاع الحذر الدائم أثناء العمليات العسكرية لتجنيب السكان المدنيين و"اتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة" لتجنب أو تقليل الخسائر في أرواح المدنيين والإضرار بالأعيان المدنية. الصواريخ الباليستية ذات الحمولات الكبيرة الشديدة الانفجار، لها تأثير مدمر وواسع على المناطق المأهولة. عند استخدامها، لا يمكن التمييز بشكل كافٍ بين المدنيين والمقاتلين، ما يؤدي حتما إلى سقوط ضحايا من المدنيين. استخدام هذه الأسلحة ضد عزاز، وهي منطقة مأهولة بالسكان المدنيين، قد يشكل جريمة حرب. المستشفيات والمرافق الطبية الأخرى هي أعيان مدنية لها حماية خاصة بموجب قوانين الحرب.

تعرّضت مدرسة يقيم فيها نازحون للهجوم في قرية كلجبرين، التي تبعد حوالي 8 كيلومترات جنوب شرق عزاز، أيضا عند 8:30 صباح 15 فبراير/شباط، ومن المحتمل أيضا أن قوات الحكومة السورية هي التي نفذت هذا الهجوم. مازن إبراهيم، مدير في "مؤسسة الرسالة" ونازح كان يقيم في المدرسة، قال لـ هيومن رايتس ووتش إنه وأقاربه سمعوا في اليوم السابق أن كلجبرين ستتعرض للهجوم قريبا. غادر معظم النازحين الليلة السابقة، ولكن خوفا من القصف على الطريق، قررت مجموعة من الناس، منها أسرة إبراهيم، المغادرة في الصباح. بينما كان يقف في الشارع في انتظار سيارة لنقلهم، قُصفت المدرسة. وقال إن 15 من أقاربه قتلوا أو جرحوا في ذلك الهجوم، تتراوح أعمارهم بين شهر واحد و60 سنة.

استعرضت هيومن رايتس ووتش مقاطع فيديو عن الضحايا بعد الهجوم، فضلا عن صور تُظهر بقايا صاروخ بالستي في الحقول القريبة من كلجبرين ذلك اليوم. حدد خبير الأسلحة في هيومن رايتس ووتش الصاروخ على أنه من نوع "توشكا 9إم79 إم" يصل مداه إلى 180 كيلومتر.

لا تستطيع هيومن رايتس ووتش تحديد نوع الرأس الحربي الذي حمله الصاروخ، أو إذا كان أصاب المدرسة. الهجوم، بحسب وصف السكان، يتفق مع كونه قصفا بالذخائر العنقودية. يمكن لصواريخ توشكا أن تحمل رأس حربي من نوع "9 إن 24" يحتوي على 50 قنبلة صغيرة متفجرة.

قال 2 من الذين تواجدوا أثناء الهجوم إنهما سمعا عدة انفجارات، وأشارا إلى أن الصاروخ ربما كان يحمل رأسا حربيا يحوي ذخائر عنقودية. قال إبراهيم إنه سمع "إطلاق النار في جميع أنحاء" وانفجارات "عديدة". وقال: "عندما انتهى الأمر، كان الناس قد ماتوا". راجعت هيومن رايتس ووتش مقاطع فيديو عن القتلى والجرحى في الهجوم. تتفق أنماط الضرر والجروح مع الإصابات المتعددة الناجمة عن انفجار ذخائر صغيرة.

الطبيب محمد اللقحيني، مدير مستشفى عزاز الأهلي، الذي استقبل المصابين من كلا الحادثين، قال لـ هيومن رايتس ووتش إن حارس أمن وسائق سيارة اسعاف من "مستشفى النساء والأطفال" كانوا من بين المصابين. أضاف أنه رأى نساء وأطفالا بين الضحايا. سجّلت قائمة جمعها ناشطون محليون 20 حالة وفاة و38 إصابة في الهجمات على عزاز وكلجبرين ذلك اليوم. قال ممثل عن "جمعية الأطباء المستقلين"، الذي يدير مستشفى ميدانيا على الجانب السوري من الحدود السورية-التركية لـ هيومن رايتس ووتش، إن المستشفى استقبل 49 مصابا في 15 فبراير/شباط، بعد الهجمات على عزاز وكلجبرين وتل رفعت، وهي مدينة أخرى قريبة.

قال حوري: "السوريون الفارون من القصف في منطقة عزاز ليسوا بمأمن حتى في الأماكن التي احتموا فيها، وليس لديهم أماكن كثيرة للجوء إليها. في يوم واحد فقط، شهدت هذه المنطقة الصغيرة قصف مستشفيين ومدرسة تأوي النازحين، فقُتل أو أصيب العشرات".

قُصِفت 7 مرافق طبية ومدرستان في سوريا في 15 فبراير/شباط، فقُتل قرابة 50 مدنيا، وفقا للمنظمات الدولية العاملة في البلاد. ذكرت منظمة "أطباء بلا حدود" أن مستشفى معتمدا من قبلها قُصِف في معرة النعمان في محافظة إدلب السورية. قال ممثل المنظمة لـ "رويترز" إنه يعتقد أن روسيا أو القوات الحكومية السورية هي المسؤولة. أكدت أطباء بلا حدود أن 11 شخصا على الأقل لقوا حتفهم بعد أن ضُرِبَت المستشفى بأربعة صواريخ يفصل بينها بضع دقائق. أيمن الياسوف، صيدلي سارع الى مكان الحادث، قال لـ هيومن رايتس ووتش إن الضربة وقعت حوالي الساعة 9:10 صباحا. أضاف: "كان [المستشفى] مكونا من 3 طوابق، أما الآن فالمبنى بأكمله على الأرض، دُمر تماما". وأضاف أن المستشفى الوطني القريب، الذي نُقِل إليه مصابو الهجوم على مستشفى أطباء بلا حدود، قُصف عدة مرات صباح ذلك اليوم، ابتداء من الساعة 11:15 صباحا.

بدأت قوات الحكومة السورية، المدعومة بالضربات الجوية الروسية، هجوما شمالي سوريا في أواخر يناير/كانون الثاني 2016، لكسر الحصار المفروض من قبل جماعات المعارضة المسلحة على بلدتي نبّل والزهراء ولقطع مدينة حلب عن تركيا. تماشيا مع سياسة إغلاق الحدود التي فرضتها تركيا منذ سنة، سُمَح لأصحاب الإصابات الخطيرة فقط بالدخول من معبر باب السلامة/أونجو بينار. فر الباقون إلى عزاز وعفرين، و8 مخيمات للنازحين واقعة شرق عزاز على طول الحدود. قال عمال إغاثة إن المخيمات آوت 40 ألف نازح سوري قبل الأزمة الأخيرة، وتمتلئ الآن بما يفوق طاقتها.



أضف تعليق