"رايتس ووتش": غارات جوية على مستشفى بمدينة درنة الليبية
بيروت - هيومن رايتس ووتش
قالت منظمة "هيومن رايتس ووتش" إن طائرات مجهولة هاجمت مجمعاً استشفائياً في مدينة درنة، شرقي ليبيا، في 7 فبراير/ شباط 2016، في ما يبدو أنه انتهاك لقوانين الحرب. استهدفت قنبلتان مجمع مستشفى الوحدة في منطقة باب طبرق، ما أسفر عن مقتل مدنيَّين اثنين على الأقل، بينهما طفل، والتسبب في أضرار جسيمة. وأضافت أنه لم يعلن أي من الأطراف المتحاربة في ليبيا أو أي بلد آخر المسئولية عن هذه الغارات الجوية على عدة مواقع في درنة ذلك اليوم.
صقر الجروشي، رئيس أركان القوات الجوية التابعة للحكومة الليبية في طبرق والبيضاء، والتي لا تتحكم بدرنة، قال في مقابلة إن الغارات نُفذت من قبل "بلد مجاور" لكنه لم يذكر أي تفاصيل. وأصدرت حكومته، وهي إحدى حكومتين في ليبيا، بياناً تنفي فيه أي مسئولية، في حين حذرت من "انتهاك سيادة ليبيا واختراق مجالها الجوي".
من جانبها، قالت حنان صلاح، باحثة ليبية: "الفوضى في ليبيا عارمة لدرجة أن قوات مجهولة تشن غارات تقتل مدنيين، في حين أن المسئولين يدّعون أنهم لا يعرفون أي شيء. قصف المستشفيات خط أحمر في أي نزاع، وينبغي تحديد المسئولين عنه ومحاسبتهم". وتحدثت "هيومن رايتس ووتش" عبر الهاتف في 11 فبراير/ شباط مع شاهد قال إن قنبلتين سقطتا على مستشفى الوحدة في وقت مبكر من صباح 7 فبراير وأصابتا قسم الكلى والطب الباطني، وكذلك مساكن الموظفين. وقال الشاهد إن القصف قتل موظفة الصيدلية، مستورة علي محمد الدرسي (40 عاماً) وابنها محمد جمعة عبد العزيز الغواري (10 أعوام)، اللذين كانا نائمين في مساكن الموظفين.
الشاهد عضو في إدارة المستشفى، وقال إنه لم يكن أي مقاتل أو عنصر من الميليشيات حاضراً في المستشفى، "وعندما بدأت الضربات الجوية، على الفور، أسرعت للاطمئنان على المستشفى ووجدت أن قسم الكلى قد تضرر بشكل كبير. ولما وصلت إلى منطقة سكن الموظفين، رأيت منزل إحدى العائلات متضرراً، وسمعت صوت رجل تحت الأنقاض يطلب المساعدة ويسأل عن زوجته وطفله. حفرنا أنا وآخرون تجمعوا في مكان الحادث تحت الأنقاض للبحث عنهم. كان الرجل سليماً، لكن الأوان قد فات بالنسبة لزوجته وطفله. لقد كانا ميتين". وأضاف الشاهد أن قنبلتين أصابتا منطقة سكنية بالقرب من المستشفى، ما أسفر عن إصابة رجل مسن كان يصلي في مسجد عمر بن الخطاب، والذي تضرّر جزئياً أيضا،ً وطفلة في منزلها.
وأنتجت النزاعات المسلحة في البلاد حكومتين متنافستين تدّعيان الشرعية، واحدة مقرها في مدينتي البيضا وطبرق في الشرق، وسلطة منافسة مقرها في طرابلس. وأسفرت محادثات السلام الهشة التي تقودها الأمم المتحدة طيلة عام عن التوقيع على اتفاق سياسي بين بعض الفصائل والأفراد، ولكنها لم تؤدِّ حتى الآن إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية. ويتحكم في درنة "مجلس شورى مجاهدي درنة"، وهو تحالف مليشيات يُزعم أن لها صلات مع تنظيم "القاعدة". أطاح مجلس شورى مجاهدي درنة بمتشددين منتسبين لجماعة "الدولة الإسلامية" المتطرفة (المعروفة أيضا بـ"داعش") في يونيو/حزيران 2015، ودفعهم إلى المنطقة الجبلية المحيطة بـ درنة.
القتال بين مجلس شورى مجاهدي درنة وداعش متواصل؛ غالبا ما يهاجم مقاتلو داعش الأحياء السكنية، ويدمرون المنشآت، ويقتلون مدنيين. في 3 فبراير/شباط، قتل قناص من داعش، كان يطلق النار على حي في شرق المدينة، مفتاح فهيم ليسير (10 أعوام)، والذي كان يغادر مسجداً برفقة والده، وفقاً لأحد سكان درنة.
ينطبق القانون الإنساني الدولي، أو قوانين الحرب، على جميع أطراف القتال في ليبيا ويحظر الهجمات المتعمدة أو العشوائية ضد المدنيين والمنشآت المدنية. تشترط قوانين الحرب من أطراف النزاع "اتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة" لتجنب أو تقليل الضرر اللاحق بالمدنيين وبالمنشآت المدنية. المستشفيات والمرافق الطبية لها حماية خاصة بموجب قوانين الحرب. تفقد هذه المنشآت حصانتها فقط إذا كان يتم استخدامها خارج نطاق مهمتها الإنسانية، لأغراض عسكرية.
تعتبر الانتهاكات الخطيرة لقوانين الحرب، متى ارتكبت بقصد جنائي، جرائم حرب. الذين يرتكبونها، أو يأمرون لها، أو يساعدون فيها، أو لهم مسؤولية قيادتها هم عرضة للملاحقة من قبل محاكم محلية أو المحكمة الجنائية الدولية. المحكمة الجنائية الدولية لها اختصاص النظر في جرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية، والإبادة الجماعية التي ارتكبت في ليبيا منذ 15 فبراير/شباط 2011، بموجب قرار مجلس الأمن الدولي 1970.
بالنظر إلى الإفلات من العقاب عن الانتهاكات التي ترتكبها جميع أطراف النزاع، على أعضاء مجلس الأمن الدولي فرض عقوبات، منها حظر السفر وتجميد الأصول، على الأفراد المسؤولين عن ارتكاب جرائم خطيرة كما جاء في القرار 2213، الذي اعتمد في مارس/آذار 2015.
لم يتم أي تحقيق في الغارات الجوية المشتركة التي شنتها القوات الليبية والمصرية في درنة في فبراير/شباط 2015؛ أدت هذه الغارات إلى مقتل 7 أشخاص على الأقل في صفوف المدنيين، وأضرار في منشآت مدنية.
البلدان الثالثة التي توفر الدعم المباشر للعمليات العسكرية في ليبيا، مثل معلومات بشأن الأهداف، أو الدعم المادي، أو تزويد الطائرة بالوقود، قد تكون أطرافا في النزاع المسلح وملزمة بتطبيق قوانين الحرب، بما في ذلك الالتزام بالتحقيق في الانتهاكات المزعومة. قالت صلاح: "فشل مجلس الأمن حتى الآن في التصرف بشأن التهديدات التي أصدرها ضد مرتكبي الانتهاكات الحقوقية الخطيرة في ليبيا. يساهم هذا التقاعس في تدهور الوضع المرعب في ليبيا، والمدنيون العاديون هم من يدفع الثمن".