خبراء في ميونيخ يكشفون الأسباب التي تجعل "داعش" خطراً
دويتشه فيله الالمانية
رغم الضربات العسكرية القوية والنوعية التي يتلقاها منذ أكثر من سنة، لا يزال تنظيم "داعش" يشكل خطرا محدقا بأوروبا والولايات المتحدة. خبراء وصناع قرار غربيون يكشفون في مؤتمر ميونيخ عن الأسباب.
يتلقى تنظيم "داعش" منذ سنة تقريبا ضربات عسكرية بلا هوادة، تتمثل في العمليات العسكرية الجوية للتحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية بموازاة العمليات التي تقوم بها القوات الروسية، إضافة إلى هجمات برية تنفذها قوات الجيش العراقي والبيشمركة الكردية، ويقدر خبراء عسكريون حجم خسائر التنظيم الإرهابي بحوالي 40 إلى 50 في المائة من الأراضي التي كان يسيطر عليها منذ عامين، إضافة إلى خسائر بشرية على مستوى أعداد المقاتلين والقياديين. لكن "داعش" ما يزال يشكل "خطرا كبيرا" على أمن الدول الغربية، وفق التحذير الصادر عن صناع القرار السياسي ومسؤولين أمنيين وخبراء في مؤتمر الأمن العالمي الذي تتواصل أعماله في مدينة ميونيخ الألمانية.
في خطابه اليوم السبت (13 فبراير/ شباط 2016) أمام مؤتمر ميونيخ، حذر رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس من موجة اعتداءات إرهابية جديدة في أوروبا على غرار اعتداء باريس الأخير الذي وقع في 13 من نوفمبر تشرين الأول الماضي، قائلا "ستكون اعتداءات أخرى وكبيرة". مسؤولون أوروبيون آخرون حذروا بدورهم من اعتداءات إرهابية جديدة، وتزامنت هذه التحذيرات مع معلومات وسيناريوهات كشف عنها مسؤولون أمنيون وخبراء غربيون في مؤتمر ميونيخ، تسلط الضوء على أبعاد جديدة من المخاطر التي يشكلها تنظيم "داعش".
منسق أجهزة الاستخبارات الأميركية جيمس كلابر، كشف في مداخلته بمؤتمر ميونيخ عن وجود أدلة على امتلاك التنظيم لأسلحة نووية. ووصف درجة خطر "داعش" حاليا بالـ"كبير جدا". وقال كلابر إن التهديد الإرهابي من "داعش" بالنسبة للولايات المتحدة لأميركية "ملموس"، متوقعا حدوث اعتداءات إرهابية جديدة على الأراضي الأميركية. ولم يستبعد كبير مسؤولي الاستخبارات الأميركية أيضا، بأن التنظيم الإرهابي قد يكون قد قام بتصنيع أسلحة كيماوية.
وجاءت تحذيرات كلابر بعد أقل من أسبوع من تصريحات زميله فنسنت ستيوارت مدير الاستخبارات العسكرية الأميركية بشأن إمكانية إقدام تنظيم "داعش" خلال العام الحالي على تنفيذ اعتداءات كبيرة في أوروبا والولايات المتحدة الأميركية.
وتحدث المسئول الاستخباراتي الأميركي حول المخاطر الأمنية الجديدة، في جلسة بمؤتمر ميونيخ، شارك فيها رؤساء أجهزة الاستخبارات البريطانية والهولندية بالإضافة إلى مدير المركز الاستراتيجي لمكافحة الإرهاب الذي تم إحداثه أخيرا ويتخذ من لاهاي الهولندية مقرا له.
"استغلال قضية اللاجئين!"
تدفق مئات آلاف اللاجئين من مناطق النزاع في سوريا والعراق نحو أوروبا، يجعل تسرب إرهابيي تنظيم "داعش" "أمرا ممكنا وواردا"، يقول مسئولون وخبراء أوروبيون يشاركون في مؤتمر ميونيخ، وبحسب نفس المصادر فان التنظيم الإرهابي يتوخى وسائل اختراق مباشرة عبر تسلل عناصره ضمن الأعداد الكبيرة للاجئين نحو تركيا، ليعبروا في مرحلة لاحقة إلى أوروبا. ويقول الخبراء إن تنظيم "داعش" يركز على إرسال عناصر لهم معرفة جيدة بالدول الأوروبية، ويشيرون في هذا الصدد لاعتداءات باريس الأخيرة، التي تمّ فيها توظيف شبان بلجيكيون وفرنسيون من أصول مغربية، ولدوا وترعرعوا في ضواحي بروكسيل وباريس. وتشير تقديرات الخبراء إلى أن "داعش" يتوفر على عشرات الآلاف من الجوازات السورية والعراقية سواء كانت مزورة أم أصلية تمّ الاستيلاء عليها.
أما الشكل الثاني لاستغلال قضية اللاجئين من قبل "داعش" فيتمثل في اختراق شبكات تهريب المهاجرين عبر مياه البحر الأبيض المتوسط سواء من جهة بحر ايجه بين تركيا واليونان الذي يشكل حاليا معبرا رئيسيا للمهاجرين غير الشرعيين نحو أوروبا، أو عبر سواحل السواحل الإيطالية القريبة من ليبيا. ويقدر خبراء أمنيون أوروبيون قيمة ما تجنيه شبكات تهريب المهاجرين عبر مياه البحر الأبيض المتوسط وخصوصا الضفة الشرقية منها (تركيا-اليونان) بأكثر من 6 مليار يورو سنويا.
وقد أشارت وزيرة الدفاع الألمانية أورسولا فون دير لاين أمام مؤتمر ميونيخ إلى الأهمية الأمنية القصوى التي تكتسيها مهمة الحلف الأطلسي في بحر ايجه، من أجل حماية الحدود الخارجية للإتحاد الأوروبي.
كما تتزايد مخاطر استغلال "داعش" لموجة اللاجئين نحو أوروبا، على خلفية توسع التنظيم الإرهابي في ليبيا، في ظل تعثر جهود إقامة حكومة مركزية وتشتت قوى الجيش والأمن الليبيين جراء الصراع المتواصل في البلد.