إنتاج أوّل حيوان مخبري معدل جينياً في جامعة الخليج العربي
الوسط - المحرر الدولي
أنتجت بحوث وتجارب استمرت أكثر من سنتين من العمل المتواصل في جامعة "الخليج العربي"، أول حيوان مخبري معدل وراثياً لتطوير الاكتشاف العلمي "إسراء"، الذي سبق أن توصلت إليه الجامعة. وهو يقدم مؤشرات متطورة وغير مسبوقة عالمياً حول علاقة جهاز المناعة بالجهاز العصبي، من خلال جين تم اكتشافه في الطحال، وهذا ما يعتبر إنجازاً علمياً على مستوى الجامعات العربية، وذلك حسبما جاء في "رصيف22" أمس الأربعاء (10 فبراير/ شباط 2016).
وقال أحد أعضاء الفريق البحثي في مركز الأميرة الجوهرة الإبراهيم للطب الجزيئي والأمراض الوراثية المشارك في الإنجاز؛ معز بخيت لـ "رصيف22": "طوّر الفريق نموذجين من الفئران المعدلة وراثياً، فتم في النموذج الأول استبعاد جين (إسراء) من الخلايا، ليتاح للفريق مقارنة وظيفة الجهاز المناعي للفأر المعدل وراثياً بالفأر الطبيعي، على مستوى القدرات المناعية. عُرِّض النموذجان، الأصلي والمعدل وراثياً، لمجموعة من الأمراض، لاختبار فاعلية جهاز المناعة لديهما، ومعرفة إذا كانت وظائف جهاز المناعة قد تأثرت عند النموذج المعدل وراثياً باستبعاد جين (إسراء)".
وعن تعريفه لإسراء، قال بخيت: "هو اختصار لوظيفة البروتين الذي أطلقنا عليه اسم Immune system release activating Agent. حين اكتشفناه في البداية قبل سنوات عدة، كانت ليلة الإسراء والمعراج، وكنا سعيدين بالإنجاز، وكان اختصاره إسراف بدلاً من إسراء، ولربطه بهذه الليلة المباركة غيرنا مصطلح function إلى مصطلح Agent كي يكون الاسم "إسراء". وأوضح أن "إسراء هو جين داخل جين كبير، وقد استخدمنا تقنية عالية لننزعه من الجين الكبير في الحيوان، كما أنه موجود في المنطقة غير المشفرة، وهذا ما يجعل عزله صعباً".
وقام الفريق بإنتاج نموذج لفأر معدل وراثياً بواسطة إعادة الهندسة الجينية، فأضيف إليه جين يتولى وظيفة المراقب لجين "إسراء" ويفرز الجين المراقب بروتينات مشعة بشكل مباشر توضح الأمكنة التي يعمل فيها "إسراء" ومستوى عمله داخل الجسم. ويتيح هذا الجين للباحثين خاصية الاطلاع الفوري والحي على عمل جين "إسراء" داخل جسم الفأر أثناء دورة حياته، "وهو أمر ننجح فيه للمرة الأولى، إذ إن جين يراقب جيناً آخر"، يضيف بخيت، بعكس ما هو متبع تقليدياً وهو يقتضي موت الفأر لإجراء الاختبارات اللازمة.
وقال: "وجدنا لإسراء تطبيقات في العديد من الأمراض، منها السرطان، فأردنا التعرف إلى الأعضاء التي ستتغير إذا أزلنا إسراء، ففي كل جرعة تعطى للحيوان يكون مفعوله مختلفاً، بعض الجرعات ينشط خلايا المناعة، فنستطيع تطويره وحقنه لمرضى الأيدز، أو نقص المناعة البشرية، لتنشيط الجهاز المناعي، كما أنه يكون نشطاً لدى الأطفال المصابين بمرض السكري ولديهم منه كميات كبيرة، لذا علينا إنتاج مضادات لإسراء لتخفيف مضاعفات مرضهم".
ويضيف "استطعنا خلال الأبحاث القضاء على 60 مرضاً، وهذه التجرية على الحيوان هي لتحديد الجرعات والأمراض، وإحداث تعديلات على إسراء نفسه".
وتتيح هذه الخطوة لفريق العمل مستقبلاً استبعاد جين "إسراء" قصداً من أعضاء محددة من جسم الحيوان، كالدماغ والطحال، اللذين أعطيا سابقاً مؤشرات على العلاقة بين الجهاز المناعي والجهاز العصبي، ويُمّكن هذا العزل الباحثين من تأكيد أو استبعاد ارتباط مختلف أعضاء الجسم بجين "إسراء" والتعرف إلى مستوى علاقته بكل منها وتأثيره عليها.
وأكد بخيت أن "إنتاج الحيوان هو المرحلة الأولى من التجارب السريرية، فحين نشرع في علاج جديد، لا بد من إجراء التجارب على الحيوانات أولاً للتأكد من الجرعات الصحيحة والمضاعفات، ولدراسة ذلك كان لا بد من إنجاز حيوان لا يحمل الجين، ونتعرف إلى تركيزه وأين يفرز، ويمتص، فإنتاج الحيوان هو الخطوة الأولى في طريق اكتشاف علاج للعديد من الأمراض".
وقال رئيس الفريق البحثي محمد الدهماني فتح الله: "إنتاج الحيوانات المعدلة وراثياً يفتح الأبواب على مصراعيها للعديد من الاكتشافات والتطبيقات العلمية، فهو من جانب سوف يسمح بفك أسرار الجينات التي تتمركز ضمن جينات أكبر، ومن ناحية أخرى سوف يساعد على الفهم الجيد والدقيق للعلاقات الجزيئية بين الجهاز العصبي وجهاز المناعة، وهذه المعلومات تنقصنا اليوم لتطوير الطرق والأدوية الناجعة لمقاومة الأمراض المعدية والسرطانات وغيرها من الأمراض التي يلعب فيها جهاز المناعة الأدوار الأولى".
وأكد بخيت أن التركيز في الخطوات المقبلة سيكون على إيجاد علاج لأمراض السرطان والأمراض المتعلقة بالجهاز العصبي، لارتباطها بهذا الجين على نحو وثيق.