اللاجئون السوريون ينتظرون على الحدود التركية تحت وطأة البرد القارس والخوف
تركيا - د ب أ
على الأراضى الرطبة الموحلة ووسط درجات حرارة تحت الصفر، ينام الآلاف من اللاجئين السوريين الذين يفرون من الحرب داخل بلادهم في العراء أو داخل المساجد على بعد كيلومتر واحد من الحدود التركية .. لكنهم يجدون الحدود مغلقة الآن بينما هم ينتظرون الدخول إلى الأراضى التركية التي تعنى الأمان والسلامة بالنسبة لهم .
وفي ظل تعرضهم للرياح والأمطار، يحاول الرجال والنساء والأسر إيجاد مأوى لهم تحت الأشجار حتى بزوغ ضوء الصباح ويتجمع الأطفال تحت الأغطية لوقايتهم من البرد.
ويقول أنس الخطيب، وهو سوري (20 عاما): "الناس هنا ليس لديهم غير ملابسهم التي يرتدونها، ومعظمهم ليس معه أي حقائب ..لقد فروا فقط بما معهم"، وأعرب عن أمله في أن تتراجع السلطات التركية عن قرارها وتسمح لهم بالدخول.
وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن نحو 35 ألف شخص يوجدون على الحدود في مناطق مجاورة تحت سيطرة المعارضة حيث يفرون من الهجوم الجديد الذي تشنه الحكومة السورية مدعومة بضربات ضارية من جانب القوات الجوية الروسية.
وتسمح تركيا بتوفير المساعدات الإنسانية بما في ذلك الخيام والطعام الساخن والماء وهو ما يمثل شريان حياة لعشرات الآلاف من الأشخاص، لكن ذلك لا يكفي في ظل استمرار القتال.
وأرسل الخطيب أفراد أسرته مرة أخرى إلى قريتهم، رغم مخاطر الضربات الجوية مفضلا أن ينامون داخل المنازل بدلا من أن يتجمدون من البرد.
وقال الخطيب عبر الهاتف: "الوضع الإنساني هنا مأساوي. الناس لا يشعرون بالأمان هنا على الحدود. الأمر محفوف بالمخاطر هنا. إن أهالينا يعيشون في خوف".
ويبدي اللاجئون قلقهم جراء الضربات الجوية الجديدة والقصف من جانب قوات الحكومة في الغرب والتقدم المحتمل من الشرق لمتطرفي تنظيم "داعش" الإرهابي ويشعر اللاجئون بأنهم محاصرين بين جيشين متناحرين وأن حلفائهم قد تخلوا عنهم، بمن فيهم تركيا وأوروبا.
وهناك إحساس باليأس تولد بعدما فشلت محادثات السلام في جنيف في إحراز أي تقدم هذا الشهر. وتطالب المعارضة بإنهاء الضربات الجوية كأحد شروط مشاركتها في المحادثات.
وفي المقابل، اشتد القصف من جانب القوات الروسية وقوات الحكومة لمساعدة القوات البرية في السيطرة على الأرض من المعارضة، ومن ثم توقفت المحادثات.
ويقول محمود، الذي تعرض منزله للتدمير في ضربة جوية قبل أسبوعين: "لقد خزلنا أصدقائنا. نريد حلا لهذه الحرب. الأوروبيون والأمريكيون يرسلون الخيام لكن هذا ليس المساعدة الجدية التي نحتاج إليها".
وكان محمود قد عبر الحدود إلى تركيا بشكل غير قانوني برفقة والدته وزوجته وطفلته أمينة ذات الأربعة أشهر التي يحتضنها بين ذراعيه ويلفها في غطاء مستعمل. وقد حصل المهربون على 500 دولار منه لإخراج الأسرة من حلب .. لكن حتى تلك السبل قد أغلقت تماما الآن.
ويقول محمود عن أيامه الأخيرة في قريته بينما يومئ بيديه فوق سخان يعمل بالفحم في طابق سفلي صغير استأجره : "كل يوم كانت هناك انفجارات مختلفة. كان هناك المئات يوميا ما بين ضربات جوية وقنابل عنقودية وهاون وقذائف".
وفي داخل مدينة حلب، هناك آلاف الأشخاص ممن هم على استعداد للفرار، لكن عشرات الآلاف ما زالوا باقين هناك حتى في ظل خوفهم من أن تتعرض المناطق التي تسيطر عليها المعارضة للحصار خلال الأيام القادمة.
وإذا فتحت أبواب تركيا ربما يتوجه عدة آلاف آخرين إلى الحدود. الناس لديهم تعاطف تجاه تركيا التي تستضيف ما يزيد على مليوني سوري بالفعل. وهناك مطالب متزايدة تجاه أوروبا لتعزز جهودها في هذا الشأن.
وقال نشاط عبر الهاتف من داخل مدينة حلب: "أعتقد انه يتعين على أوروبا فتح حدودها لنا، هذا الأمر سيفيد، لأن تركيا لا يمكنها أن تستوعب الجميع، هناك عدد كبير للغاية من اللاجئين".
والآن يعيش محمود آمنا داخل تركيا، لكنه يشعر بوخز الضمير لأنه غادر وطنه.
ويختم حديثه قائلا: "إذا غادر الجميع فإن الأرض ستترك لداعش في النهاية".