هل تنتقل "العدوى" لبقية الخليجيات فيعلن "الثورة على العمالة المنزلية"؟
السعوديات والكويتيات "يدققن ناقوس الخطر": لا لعاملات المنازل المغربيات!
الوسط- محرر المنوعات
"شر لابد منه"، عبارة يرددها الكثيرون وهم يعبرون عن عدم تأييدهم لوجود عاملات للخدمة في منازلهم، ولكنهم يبررن وجودهن في بيوتهن بتلك العبارة السابقة مرجعين الأمر إلى أمور خارجة عن إرادتهن، وهي بحسب تعبيرهن "ظروف الحياة ومتطلباتها".
وجود عاملة في المنزل بات حسب الكثير من الناس يعد أحد ضرورات الحياة، بل ذهب البعض إلى اعتبارها أساساً في تكوين المنزل، فيما يرى آخرون أن وجود الخادمات في المنازل تسبب في شرور كثيرة وأدى إلى تصدع عشرات البيوت ويؤكدون أن الخادمة في المنزل، حتى في البيوت الملتزمة، أصبحت بمثابة الأم غير المنجبة والموجهة لأخلاق الأبناء، فيما الزوجة أصبحت "أماً وربة بيت... مع وقف التنفيذ"، الأمر الذي يؤدي في النهاية إلى فجوة كبيرة بين الأبناء والآباء والزوج والزوجة لتنهار الأسرة في نهاية الأمر.
وعلى رغم إقرار الكثير من النساء في الخليج بأن الأسطر السابقة حقيقة مؤلمة، إلا أنهن مازلن يفتحن بيوتهن لاستقدام عاملات منازل من مختلف الدول خصوصاً دول شرق آسيا، غير أن بعض القضايا التي تعرضت لها عاملات المنازل في الخليج من سوء معاملة واستغلال، جعل الكثير من تلك الدول تصدر القرارات بمنع نسائها من العمل في تلك الدول، ما اضطر عدداً من الدول الخليجية إلى فتح باب استقدام عاملات منازل من دول أخرى مثل تشيلي والمغرب.
هاتان البوابتان الجديدتان (تشيلي والمغرب) جعلت الخليجيات يدققن ناقوس الخطر في منازلهن، وقد أثار هذا القرار الجدل بعدما بدأت شرارته في المملكة العربية السعودية، عندما تداولت وسائل التواصل الاجتماعي خبراً عن نية الحكومة السعودية البدء باستقدام عاملات منازل من تشيلي والمغرب، فتعالت أصوات السعوديات الرافضات للقرار وأحدثن بلبلة على اتساع أرض المملكة، فما كان من وزارة العمل السعودية إلا أن نفت هذا الخبر، مؤكدة أنَّ الوزارة لم تُبرِم أية اتفاقيات ثنائية بشأن العمالة المنزلية النسائية مع المغرب أو تشيلي.
وأوضحت الوزارة بأن وجود هذه الدول ضمن الخيارات التي تضعها الوزارة لا يعني بالضرورة اقتصاره على العمالة المنزلية النسائية، في الوقت الذي يتاح لها استقدام العمالة المنزلية الرجالية في عدد من المهن التي تنطوي تحت مصطلح العمالة المنزلية؛ مثل الممرض المنزلي والحارس المنزلي والسائق الخاص والطاهي والمضيف والبستاني، كما أنَّ لبعض هذه الدول أنظمة وقوانين لا تسمح باستقدام العمالة المنزلية النسائية منها، لافتاً إلى أن المصطلح المتداول والشائع للعمالة المنزلية يقصد به كافة المهن التي تصدر بها تأشيرات داخل المنزل أو خارجه لصالح الأفراد.
إلا أن هذا التوضيح والنفي لم يفلح في كبح غضب السعوديات، وبررت عديد من الزوجات، أنَّ رفضهنَّ لهاتين الجنسيتين، سواء عاملات منزليات أو مربيات أو ممرضات منزليات يأتي لكونهن لا يحملن صفات الصبر والتحمل كالسريلانكيات والفلبينيات والإندونيسيات والهنديات. فيما بررت أخريات معارضتهن لهذا التوجه بالخوف من المرأة المغربية، مشيرات إلى أنهن يسمعن كثيراً بأن المغربية امرأة فاتنة وجميلة، ولربما يقع الزوج في فتنتها أو لربما تغويه هي في ظل انشغال الزوجة عن زوجها تحت وطأة الضغط وعدم القدرة على التوفيق بين العمل والبيت؛ فيما أشارت أخريات إلى أنهن سمعن كثيراً أن المغربيات يحبكن الأعمال السحرية. وهذه المخاوف دفعت ببعض النساء إلى مطالبة مجلس الشورى بالتدخل وتعطيل هذا التوجه وعدم إنفاذه أو السماح به، كما دفعت بأخريات إلى التهديد بالاستقالة من عملهن والجلوس في البيت خوفاً من انفراد العاملة بالزوج خاصة إذا كان متقاعداً.
رفض السعوديات لاستقدام المغربيات للعمل في البيوت قابله غضب مغربي من "الصورة النمطية" التي ترسخت في مخيلة الخليجيين والخليجيات، فنشرت الكثير من المغاربة من الرجال والنساء مقالات تفيد بأن خوف السعوديات إنما ينم عن جهل كبير بالنساء المغربيات، وعن انعدام الثقة في النفس والإحساس بالنقص الذي تعانيه المرأة السعودية حيال المرأة المغربية "الفاتنة والساحرة والمشعوذة والقادرة على إغواء الرجل السعودي والدفع به إلى رمي الزوجة ومغادرة البيت... إلى غير ذلك من الأوصاف والنعوت!".
وقالت أصوات نسائية إن ذلك الرفض يخفي، في العمق، تخوف المرأة السعودية من قوة المرأة المغربية وقدرتها على إدارة شئون البيت. كما يخفي تلك "القسوة" التي يداريها المجتمع السعودي داخل بيوته، وهي القسوة التي دأبت على نقلها وسائل الإعلام الدولية بخصوص إقدام السعوديات على تعذيب الخادمات الآسيويات واستغلالهن جنسياً.
الأمر لم ينتهي عن هذا الحد، فقد دشن مغردون ومغردات هاشتاغات مختلفة حول هذا الموضوع، قلّبوا فيه الرأي حول القضية التي أثارت ردود فعل ساخرة تارة، وغاضبة تارة أخرى. وفي حين وجد مغردون في الخبر مادة للسخرية و"النكات" حول طريقة تفاعل السعوديين الرجال والنساء مع استقدام "خادمات مغربيات" إلى منازلهم، رفض مغردون كثر هذه الطريقة بالنظر إلى القضية، معتبرين أن المغرب بلد كان غنياً بالعلماء والقادة على مرّ التاريخ.
مر عام وأكثر على هذه الضجة في المملكة العربية السعودية، إلا أن الموضوع بدأ يظهر للسطح مجدداً في الخليج وتحديداً في الكويت، حيث تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي فيها صورة لورقة مطبوع عليها شعار وزارة الداخلية تظهر الموافقة على استقدام عمالة منزلية من دولة المغرب كإحدى الدول الأفريقية المسموح باستقدام العمالة المنزلية منها.
وتشير الصورة المتداولة إلى أن إصدار سمة دخول للعمالة المنزلية لا يتم للدول الإفريقية التي لا يوجد لها سفارات داخل دولة الكويت، إلا إذا كانت صلاحية جواز السفر لا تقل عن ثلاث سنوات. وقد أشعل هذا الموضوع مواقع التواصل، وأبدت الكويتيات رفضهن لاستقدام عاملات منازل من المغرب، فما كان من وزارت الداخلية إلا أن تصرح بأن هناك شروطاً وضوابط لاستقدام العاملة المغربية للعمل في المنازل، موضحةً أن قرار استقدام العمالة سيخضع لإجراءات وقواعد صارمة منها ألا يقل عمر العاملة عن 50 عاماً، وستكون تحت مسمى ربة منزل، ولن يتم السماح بجلبها إلا لأشخاص تنطبق عليهم شروط محددة، وذلك حسب ما نشرت عدد من الصحف الكويتية.
يبقى السؤال بعد السعودية والكويت هل ستنتقل البلبلة حول هذا الموضوع إلى بقية الدول الخليجية، فتعلن الخليجيات جميعهن "الثورة" ضد عاملات المنازل؟