الطفلة زينب تحدّت السرطان لعام ونصف وفارقت الحياة قبل عيد ميلادها بيومين
السنابس - فاطمة عبدالله
لم تتمكن من أن تطفئ شمعة ميلادها 11، فقد فارقت الحياة قبل ميلادها بيومين بعد أن تحدّت مرض السرطان بالصبر فكانت درساً لعائلتها في تعلم الصبر والإيمان فلم يخطفها السرطان، وإنما نقص المناعة الذي أدى إلى كثرة إصابتها بالالتهابات فحتى وفاتها كانت عملية زراعة النخاع ناجحة، وكانت ستتمكن من العيش إلا أن الفيروسات هاجمت جسدها النحيل حتى توقف قلبها.
قصة الطفلة زينب بدر الأنجاوي من ملايين القصص التي يشهدها عالم السرطان الذي يحتفل به العالم اليوم (4 فبراير/ شباط 2016) تحت شعار «نحن نستطيع... أنا أستطيع»، إذ قالت والدة زينب: «تحدت زينب السرطان لأكثر من عام فكانت هي مصدر قوتي، وذلك بعد أن شخّصت إصابتها باللوكيميا، لتتلقى العلاج في سنغافورة على يد طبيب غير مسلم، إلا أنه كان مسلماً بأخلاقه فقد منحها فرصة للحياة لعام ونصف، في حين قرر أطباء البحرين وفاتها في اليوم الذي شخّص مرضها».
أمها قصت شعرها تضامناً معها قبل بدء العلاج الكيماوي
الطفلة زينب تحدت السرطان بالصبر لعام ونصف والموت خطفها لنقص المناعة
السنابس - فاطمة عبدالله
لفتها بخرقة بيضاء يوم ولادتها ضمتها إليها معلنة عن فرحتها، إلا أنه بعد 10 أعوام من ولادتها احتضنتها على فراش الموت الأبيض لساعات مغمضة عينيها لتسترجع ذكرياتها فكيف كانت 10 أعوام، وكيف كانت خطوات ابنتها الأولى ومتى نطقت للمرة للأولى، وكيف كانت ولادتها وكيف استقبلها الأهل، إلا إنها سرعان ما تسقط دمعتها فهي اليوم ودعت فرحتها الأولى وابنتها البكر.
قصة الطفلة زينب بدر الأنجاوي هي قصة من القصص التي عانت من المرض، إلا أن القدر شاء أن تبقى قصتها في طي الكتمان، فقد فارقت زينب الحياة بعد معاناة مع مرض سرطان الدم «اللوكيميا» وذلك لمدة ما يقارب عاماً ونصف العام، وذلك قبل أن تطفي شمعة عيد ميلادها بيومين، لترتبط ذكرى وفاتها بميلادها، ولم يكن وفاتها بسبب المرض، فقد نجحت زراعة النخاع، إلا أن وفاتها كانت بسبب مهاجمة الفيروسات لجسدها النحيل والذي يفتقر إلى المناعة، لتحين ساعة الوفاة.
والدتها تذكرت تفاصيل عام ونصف بحسرة إلا أنها سلمت أمرها إلى الله راضية بقضاء الله وقدره، قائلة: «زينب هي فرحتي الأولى وكانت مدللة، لم تعانِ في صغرها من أية أمراض، إلا أنها عانت لفترة من التهاب الأبوال، وفي الأردن شخصت بأنها تعاني من جرثومة وهي السبب في الالتهاب، إلا أنها تعافت بعد العلاج».
وأضافت «قبل اكتشاف المرض بستة أشهر كانت تشتكي دائماً من ارتفاع في الحرارة، وعانت لفترة من خروج الدم مع الأبوال، وكل التحاليل أثبتت أنها لا تعاني من شيء، إلا أنها بعد فترة عانت من ارتفاع شديد في الحرارة مع كثرة التعرق، نقلتها إلى أحد الأطباء وأكد أن هناك التهاب إلا أنه ليس بالشديد ليرفع حرارتها إلى هذا المستوى، وكانت في تلك الفترة تعاني من انتشار البقع الحمراء في جسدها، وكان الأطباء يؤكدون أنها تعاني من الحساسية».
وتابعت «قررت إجراء عملية إزالة اللوز لها لعل الحرارة تنتهي، وذلك بعد استشارة أحد الاستشاريين، وقبل العملية كان لابد من إجراء بعض تحاليل الدم في مجمع السلمانية الطبي أجريتها في الصباح وبعد ساعات تلقيت اتصال بضرورة الحضور إلى المستشفى، أحسست بأن خروجي مع زينب من المنزل لن يكون له عودة فتركت ابنتي الوسطى والصغيرة التي لم يتجاوز عمرها شهرين لدى عائلتي وتوجهت إلى المستشفى، على الفور تم نقلها إلى قسم الأورام، أحسست بانقباض قلبي في ذلك الوقت لم أكن أعرف ما يحدث، إلا أن نقلها إلى هذا القسم كان كفيلاً بتوضيح الصورة».
وأضافت «أدخلت إلى الجناح وتم أخذ عينة من النخاع، إلا أنها أصيبت بنزيف حاد، وبعد التحاليل تبين أنها مصابة باللوكيميا الجذعية درجة 7، قبل إصابتها بالمرض كانت ترغب في قص شعرها، إلا أني رفضت ذلك، لذا قبل العلاج الكيماوي قمت بقص شعري وقص شعرها في المستشفى، استغربت زينب من ذلك، حاولت أن أشرح لها بصورة مبسطة ماذا قد يحدث معها بسبب العلاج الكيماوي، إلا أنها كانت قوية، أخذت العلاج الكيماوي لخمسة أيام وفي اليوم الأخير تم توقيفه بسبب المضاعفات، ووقف الأطباء حائرين».
وأوضحت أمها أنها طلبت نقلها إلى إحدى الدول لعلها تحصل على علاج، مبينة أن الأطباء في البحرين أكدوا أن جميع الدول رفضت استقبالها، وقالت: «بعد مناشدات عدة نقلت إلى سنغافورة، في الوقت الذي كان الأطباء في البحرين قرروا لها الموت، حتى إن الطبيبة النفسية التي كانت تتابع حالتنا أبلغتني أن كلمة الطبيب المشرف على زينب مثل المسمار في اللوح فإذا قال إنها ستموت فهي بالفعل ستموت، بعد معاناة نفسية وعدم الاستفادة من العلاج نقلنا إلى سنغافورة وكانت الرحلة طويلة والأطباء في البحرين قرروا لها الموت في الطائرة بنسبة 97 في المئة، إلا أن إرادة الله كانت بأن تصل لسنغافورة».
وأضافت «كان الطبيب غير مسلم إلا أنه مسلم بأخلاقه في نظري فالأطباء البحرينيون قرروا لها الموت، وهو قرر أن كل إنسان له الحق في أن يعيش، وفي يوم وصولنا قام بأخذ عينة من النخاع بدون أن تصاب بأي مضاعفات، حتى أن الأكسجين الذي بقي أشهراً عليها في البحرين تم إزالته هناك وتم إعطاؤها تمارين للتنفس بشكل طبيعي وقد تمكنت من ذلك، حتى إنها أصبحت تمشي لوحدها بعد أن أصبحت مطروحة الفراش لأشهر».
وتابعت: «حاولنا في تلك الفترة الحصول على متبرع لزراعة النخاع، ومن الصعب أن يكون المتبرع أختاها لكون الفارق العمري بينهما، فكنت أنا المتبرعة، وبالفعل استعادت صحتها لمدة أسبوع، إلا أنه في الأسبوع الذي يليه أصيبت بانتكاسة حتى تم الحصول على متبرع يتطابق معها بنسبة 100 في المئة من فرنسا وأجريت الزراعة، وتحسنت حالتها بشكل كبير، عاشت حياتها في تلك الفترة بصورة طبيعية، حتى إنها كانت تخرج في سنغافورة من المستشفى وتمارس حياتها بشكل طبيعي، إلا أنها بقيت محافظة على نظام غذائي صحي، وكونت صداقات هناك وأحبها الجميع».
وأضافت «على الرغم من حبها للطبيب المعالج لها وإلى الطاقم الطبي والتمريضي في المستشفى، إلا أنها كانت تشكو من فراق إخوتها، لذا بعد استقرار حالتها عدنا إلى البحرين وكانت المرة الأولى التي تمشي مسافات طويلة في مطار سنغافورة وذلك لشوقها إلى إخوتها. وصلنا البحرين، وإذا هي تلقي بنفسها على إخوتها وسط ذهول وبكاء الجميع، فكان الشوق بينهم واضحاً».
وتابعت «بعد عودتنا إلى البحرين أصيبت بانتفاخ في رجلها واعتقدنا أنه بسبب المسافة التي قطعتها مشياً، تواصلت مع الطبيب في سنغافورة وطلب إجراء بعض التحاليل والأشعة، أخذت التحاليل وكانت المفاجأة انخفاض نسبة الصفائح، وفي الوقت الذي كان على مجمع السلمانية الطبي إجراء التحاليل بشكل مستمر طلبوا مني أن أقوم بالمراجعة كل شهر، في حين أن الصفائح ونسبة المناعة انخفضت، أرسلت التقرير إلى سنغافورة وطلب طبيبها العودة مجدداً، إلا أنني لم أستطع توفير المبلغ للسفر وإكمال علاجها، طرقت أبواب الجمعيات التي خصصت مبالغ طائلة لهذا المرض، إلا أنه لم أتلقَ أية نتيجة غير المماطلة، حتى قمت بالاتصال بديوان سمو رئيس الوزراء وتم إرسالنا لسنغافورة، وكأن عودتنا كانت من أجل أن تودع زينب أخواتها وجميع أفراد العائلة».
وأضافت: «وصلنا لسنغافورة واستقبلنا الطاقم التمريضي بالدموع، وتم أخذ بعض التحاليل وتبين إصابتها بنوع جديد من اللوكيميا وهو نادر جداً، وأصيبت بعدة مضاعفات، وكان في هذه المرّة المتبرع بزراعة النخاع والدها، ونجحت الزراعة، إلا أن المناعة لم ترتفع فأصيبت بأكثر من فيروس فكانت تنزف من كل فتحة في جسدها، حتى إنها أصيبت بحصى في المرارة وأصيبت بألم في البطن، وأدخلت على إثرها إلى العناية المركزة بسبب هبوط حاد في ضغط الدم، قبل نقلها للعناية أبلغتني بأن هذه النهاية وأنها ستفارق الحياة، بقيت على التخدير لأسبوع وكانت نسبة الأكسجين منخفضة بسبب مهاجمة الفيروسات لجسمها، في حين أن عملية زراعة النخاع قد نجحت، وأجريت لها عملية بسبب عدم قدرتها على التنفس، وكان في ذلك الوقت يتابعها أكثر من طبيب مختص في القلب والعناية».
وتابعت «أفاقت من التخدير لم تستطع أن تتكلم بسبب الأجهزة التي كانت في فمها، كنت أنظر إليها نظرات وأعرف ما ستقول وكانت تكتفي بهز رأسها، حتى طلبت مني أن أعتني بأختيها، لتغمض عينيها، طلبت أن أنام معها في السرير وهي مفارقة الحياة بقيت ساعات احتضنها، والممرضة تتأسف منها وهي تزيل الأجهزة على رغم من أنها ميتة، فكان الطاقم الطبي والتمريضي مسلمين بدون إسلام».
وقالت: «زينب علمتني أن المرض لا يقتل الإنسان، فكانت صبورة في كل وقت، حتى في تساقط شعرها، إيمانها بالله كان أكبر من المرض، صبرت عاماً ونصف العام حتى أن طبيبها المعالج كان يأخذ القوة منها، وعند وفاتها، لم يكن قادراً على الدخول للعناية، كانت مثالاً للصبر علمتني الكثير في عام ونصف».