فراغ تشريعي تجاه تجريم الإجهاض غير العمدي في البحرين
أطروحة دكتوراه في جامعة البحرين تبحث المسؤولية الجنائية لطبيب التوليد
الصخير - جامعة البحرين
وجدت دراسة علمية في جامعة البحرين فراغاً تشريعياً في مملكةِ البحرينِ وغالبية التشريعاتِ العقابيةِ العربيةِ تجاهَ تجريمِ الإجهاضِ غيرِ العمدي، داعية إلى توسيع نطاقِ تجريمِ الإجهاضِ الجنائيِّ لِيَشْمَلَ الإجهاضَ غيرَ العمديِّ، وتجريمِ أَفْعالِ المساسِ باللقائحِ البشريةِ خارجَ الرحم، وإصدارِ نصوصٍ عقابية لها.
وقدم الدراسة الطالب في كلية الحقوق بجامعة البحرين خالد ناصر استكمالاً لمتطلبات نيل درجة الدكتوراه في فلسفة القانون. ووسمت الدراسة بعنوان: "المسئولية الجنائية لطبيب التوليد - دراسة مقارنة".
واختار ناصر موضوع البحث انطلاقاً من أهميته، خصوصاً في ظل شيوعِ الأخطاءِ الطبية في هذا المجال، وضرورة حمايةِ الكيانِ البشري واحترامِ حقهِ في الحياةِ وسلامةِ جسمه.
وقال الباحث خالد ناصر: "إن الدراسة هدفت إلى إقامةِ التوازنِ بين حريةِ ممارسةِ العملِ الطبي باعتبارهِ سبباً من أسبابِ الإباحة، وفي الوقتِ نفسِه، حمايةِ الكيانِ البشريِ في جميعِ أطوارِ حياته، من خلالِ وضعِ الضماناتِ الكفيلةِ للحدِ من الأخطاءِ في هذا المجال".
وتابع "كما أن الدراسة تسعى إلى التنبية بأهمية تدارُكِ القصورِ التشريعيِّ في مجالِ حمايةِ الأجنةِ من بعضِ الأخطاءِ الطبيةِ غيرِ المعاقبِ عليها قانوناً".
واستخدم الباحث في دراسته - التي أشرف عليها عضو هيئة التدريس في كلية الحقوق محمود العادلي - المنهج المقارن؛ حيث تَتَبَّعِ النصوص التشريعيةَ والأحكامَ القضائيةَ العربيةَ منها والأجنبيةَ المنتميةَ للعديدِ مِنَ النُظُمِ المُخْتَلِفَةِ وأعْملَ المقارنة بينَها، وعَرض آراءَ الفِقهِ القانوني لجزئياتٍ الدراسة، محاولاً تِبيانِ أَصْلَحها، ومقترحاً بعض الجزئيات بحسب اجتهاده.
وناقشت الطالب في أطروحته لجنة امتحان حديثاً، تكونت من: أستاذ القانون الجنائي في جامعة البحرين الدكتور محمد حماد الهيتي ممتحناً داخلياً، وأستاذ القانون الجنائي في جامعة عين شمس في جمهورية مصر العربية الأستاذ الدكتور محمد أبوالعلا عقيدة، ممتحناً خارجياً، وأستاذ القانون الجنائي في جامعة البحرين محمود العادلي مشرفاً.
وانتهت الأطروحة إلى عَدَم تَمَتُّعِ اللجانِ الصحيةِ المُشَكَّلَةِ للتحقيقِ في دعوى الخَطَأِ الطبيِّ في البحرينِ بالاستقلالِ في أَداءِ أَعْمالِها، حيثُ تُثْبِتُ النُصوصُ القانونيةُ المُنَظِّمَةُ لإنْشائِها تَبَعِيَتَها لجهةِ الإدارةِ وخُضوعَها لرقابَتِها، وَهْوَ الأمر الذي قد يُؤدي إلى تَأَثُّرِ نتائجِ تَقارِيرِها.
وأفادت نتائج الدراسة أيضاً بوجود تَضارُبٍ في الأحكامِ القضائيةِ البحرينيةِ بِشَأنِ مدى إلزاميةِ اللجوءِ لِلِجانِ التحقيقِ في حدوثِ الخطأِ الطبيِّ ومدى وجوبِ الأخذِ بِقراراتها، وذلك راجعٌ - بحسب الباحث - للتفسيرِ غيرِ الصحيحِ للنصوصِ المُنَظِّمَةِ لِعَمَلِها، مما كانَ لَهُ أَثَرٌ سَلْبِيٌ في إضعافِ دعوى هذهِ المسؤولية.
وأوصت الدراسة بتشكيل لجنةٍ عليا للتحقيقِ في دعوى المسؤولية الطبيةِ ينتمي أعضائها لجهاتٍ عدة، وَعَدَمُ حَصْرِها في جهةٍ واحدة كوزارة الصحة، وذلكِ لاجتنابِ ما قد يعتري نتائجَ تقاريرِها مِنَ السلبياتِ التي تَمَّ طَرْحُها في هذهِ الرِسالة.
وأكدت وجوب فَرْضِ الجزاءاتِ التشريعية المناسبةِ حالَ الإخلالِ في تدوينِ الإجراءاتِ الطبيةِ المُتَّخَذَة لِلمُسْتَفيدِ مِنَ الخدمةِ الصحيةِ في السجلِ الصحيِّ الإلكتروني أو الملفِّ الطبيِّ الورقي، ووضعِ أُطُرِ الحمايةِ مِن التقصيرِ في اتخاذِ هذا الإجراءِ أو التلاعُبِ بهذا السجل، من خلالِ التلاعُبِ بِبياناتِهِ تَنَصُّلاً مِنَ المسئولية، هذا بالإضافة إلى توفيرِ الضَّمانَةِ لاستمراريةِ بقائِه.
وشددت الدراسة على أهمية سُرعةِ إصدارِ مشروع قانونِ المسؤوليةِ الطبيةِ البحريني، وإنشاء سجلٍ وطنيٍ للأخطاءِ الطبيةِ المُوَثَّقَةِ قضائياً وإدارياً، تُدَوَّنُ فيهِ القراراتُ والأحكام الصادرةُ في حقِّ الأطباءِ وباقي الكادَرِ الطبي، يكونُ الهدفُ مِنهُ الإحاطةُ علماً بمدى تَقَيُّدِهِم بِأُصولِ المِهْنَةِ ومدى تكرار ارتِكابِهم للأَخطاء، حتى تكونَ هذهِ المعلوماتُ مَحَلَّ اعتبار وقت إقرارِ المسؤولية.