(رسالة مواطن )...كثرة تذمر سائقي السيارة على المخالفين بالطريق أين مكانها؟
أحد المعارف عندما يكون معي في السيارة – راكبًا او سائقاً - في اي مشوار فإنه طول الطريق لا يكفّ عن التذمّر والدعاء على الآخرين الذين يقومون ببعض المخالفات المرورية أوالحركات الطائشة عمداً أو سهواً.
يخرج علينا سائق متهوّر فيلعنه، ويدعو أن تسقط على سيارته حاوية "من الحجم الكبير" في أول شارع يتوقف عنده! تتباطأ سيارة أمامنا، فيسخر منه ويدعو عليه لو توقفت سيارته فجأة وسط الشارع "ليتغربل"! يستحثّنا أحدهم من خلفنا أن نسرع وذلك بإشعال الإضاءة وضغط منبّه السيارة، فيشتمه مرافقي ويسأل الله أن يرسل عليه حاصبا أو أن تضرب سيارته الرصيف فتنقلب 7 مرات (بالعدد)!
في إحدى المرات استئت لهذه العصبية و الجهالة فسألته ان كان هو ذاته سائق مثالي لا تقع منه أي مخالفة ولم يرتكب طوال مسيرة سياقته أية حماقة في الطريق.. ولكن كالعادة فالبعض "يرى الغبرة التي في عيون الآخرين ولا يرى الصخرة التي في عينه" فقد ظل يقلل من حجم مخالفاته وسلوكياته الخاطئة ويهوّن منها، ويجد لها الأعذار والتبريرات، ليس هذا هو المهم.. المغزى هو أن صاحبي يريد من الله سبحانه أن يعاقب من يخطئ بحقه سواءً كان عامدا او غير قاصد، يريد ان ينزل به العقاب في التو واللحظة لكي يشعر براحة نفسية ويبرد غليله.
وهو كل ما دعا على أحد و نفسه ملأى بأمل وثقة الاستجابة "الفورية" .. تذكّرت قوله عزّ وجل " وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ " فالله عزّ وجل يعرف ان هذا الشخص من الناس - ظالم "فعلا" ويستحق العقوبة ومع ذلك فإنه تعالى "يستبعد" - ان جاز التعبير – المسارعة الى إنزال العقاب لأنه – لا أحد (من غير من عصمهم الله) مبرّأ من الظلم والخطأ، فتخيّل لو انه يُستجاب لنا كلما دعونا على أحد ونحن في حالة من الإنفعال والغضب والسخط، فكم سيكون عدد سكان الأرض! وهل سيبقى لنا ولد أو صديق أو جار أو أب!
عدت لصاحبي لأذكّره بأن الانسان "المؤمن الحق "! يظل يدعو على من ظلمه "حقا" سنيناً طوال، ومع ذلك فإن الله سبحانه لا يستجيب الدعاء لأنه تعالى أدرى بالحكمة من وجود هذا الإنسان "الظالم" ربما يكون من مصلحة هذا المؤمن أن يموت أو يعاقب ظالمه، ولكنه قد يضر عقابه بآخرين فيصبح ضرر العقوبة أكثر من نفعها. وربما يكون لذلك الظالم خصلة حسنة أو مسلك شريف أو عمل صالح يجازيه الله به بطول العمر فليس هناك انسان شر محض وشيطان خالص، ومع ذاك فأنا الذي أدعو على من ظلمني او آذاني او أخطأ في حقى فإن عليّ للناس ديون ومظالم و مآخذ صغرت او كبرت، قد اكون ناسيها او متناسيها وان من ظلمتهم و آذيتهم و غصبت حقهم هم كذلك يدعون عليّ و يتمنون – مثلاً - لو يدهسني (باص سياحي فاخر)!
جابر علي