السعودية تخوض حرب الحفاظ على حصتها
الوسط – محرر الاقتصادي
تخلت السعودية، أكبر منتج للنفط في العالم، عن دورها في تحقيق التوازن في سوق النفط العالمية، وباتت تجد نفسها حالياً وسط معركة صعبة للحفاظ على حصتها في قطاع شديد التذبذب ، وفق ما نقلت صحيفة "القبس" الكويتية اليوم الخميس (28 يناير / كانون الثاني 2016).
فقد بدأت أسعار النفط بالتراجع منذ منتصف عام 2014، وواصلت ذلك بشكل حاد إثر قرار منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) في نوفمبر العام نفسه، عدم خفض إنتاجها، بضغط من السعودية ودول خليجية أخرى. وأدى القرار إلى تواصل تدهور سعر النفط، من أكثر من 110 دولارات للبرميل، إلى مستوى يناهز ثلاثين دولاراً حالياً.
ويرى محللون أن القرار كان يهدف إلى الضغط على منتجي النفط العالي الكلفة، لا سيما النفط الصخري الأميركي، وإخراجهم من المنافسة في السوق العالمية، والضغط أيضاً على دول أخرى منتجة للنفط، أبرزها إيران الخصم الإقليمي اللدود للسعودية (وهي أيضا عضو في أوبك)، وروسيا، أكبر منتجي النفط عالمياً من خارج الكارتل.
ويقول الخبير النفطي كامل الحرمي «الهدف الرئيسي للسعودية هو حماية حصتها من السوق، لا يمكن أن تسمح لمنتجي النفط العالي الكلفة المنافسة في أسواقها».
وأفقد تراجع الأسعار الرياض ما يوازي 250 مليار دولار من الإيرادات المالية خلال أقل من عامين، وأعلنت المملكة تسجيل عجز قياسي في ميزانية 2015 بلغ 98 مليار دولار، وتوقعت 87 ملياراً من العجز في 2016.
وبعد 14 شهراً على قرار أوبك رفض خفض الإنتاج (تلاه قرار مماثل مجدداً في ديسمبر 2015)، تغرق السوق بفائض من العرض الذي يبقي الأسعار متدنية، بحيث وصفها رئيس مجلس إدارة شركة أرامكو السعودية خالد الفالح بأنها «غير منطقية».
رغم ذلك، يرى محللون أن السعودية لن تخفض الإنتاج دون اتفاق شامل.
ويقول خبير النفط في جامعة جورج تاون الأميركية جان فرنسوا سيزنك «السعوديون يدركون جيداً أن خفضهم للإنتاج لن يؤثر كثيراً على الأسعار، لأن الكمية المخفضة ستعوضها دول أخرى مثل إيران والعراق وروسيا».
ويضيف «السعوديون يريدون للمنتجين أن يعانوا بما يكفي للاتفاق على خفض شامل»، بمعنى التوصل لاتفاق بين دول أوبك والدول من خارجها على خفض متواز للإنتاج، بما يضمن احتفاظ كل طرف بحصته.
وأنفقت السعودية عشرات مليارات الدولارات في العقدين الماضيين لزيادة قدرتها على إنتاج النفط إلى 12.5 مليون برميل يومياً، لتصبح المنتج الوحيد الذي يملك هامش إنتاج إضافياً، مما يعني قدرتها على تعديل إنتاجها للتأثير على توازن السوق.
وتملك المملكة ثاني أكبر احتياط نفطي يقدر بـ268 مليار برميل، وخامس احتياط من الغاز الطبيعي يقدر بنحو 8.5 تريليونات متر مكعب. وبحسب شركة ريستاد الاستثمارية الاستشارية، فالكلفة الإنتاجية لبرميل النفط في السعودية عشرة دولارات فقط، وهي ثاني أدنى كلفة عالمياً.
إلى ذلك، تتمتع السعودية ودول خليجية أخرى باحتياط نقدي ضخم يتيح التأقلم مع أسعار متدنية للنفط لفترات أطول قياساً مع دول أخرى.
وأعرب باتريك بويان الرئيس التنفيذي لشركة النفط الفرنسية (توتال) عن اعتقاده بأن السعوديين لن يخفّضوا إنتاجهم قريباً.
وأوضح لفرانس برس على هامش المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، أخيراً، «علينا فعلاً أن نرى الأمور من وجهة النظر السعودية. لن ترغب بخفض الإنتاج في وقت لديك كلفة إنتاج أقل من الآخرين، وقدرة على المقاومة لوقت أطول من الآخرين».