السيسي: التجارب الديموقراطية لا تنضج بين عشية وضحاها
الوسط – المحرر السياسي
دافع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي عن فترة حكمه عشية الذكرى الخامسة للثورة، معتبراً أن «التجارب الديموقراطية لا تنضج بين عشية وضحاها». وأكد أن «مصر اليوم ليست هي مصر الأمس»، وتعهد بناء «دولة مدنية حديثة متطورة تعلي قيم الديموقراطية والحرية» ، وفق ما نقلت صحيفة "الحياة" اليوم الإثنين (25 يناير / كانون الثاني 2016).
وفي حين استنفرت أجهزة الأمن وقوات الجيش قبل يوم من ذكرى الثورة التي أطاحت الرئيس السابق حسني مبارك وعززت من انتشارها في المناطق والمنشآت الحيوية، ألقى السيسي كلمة رفض فيها ضمناً هجوم وسائل إعلام وسياسيين على الثورة، إذ حرص على الإشادة بـ «ثورة الشعب المصري التي ضحى خلالها شباب من خيرة أبناء الوطن بأرواحهم من أجل دفع دماء جديدة في شرايين مصر، تعيد إحياء قيم نبيلة افتقدناها لسنوات وتؤسس لمصر الجديدة التي يحيا أبناؤها بكرامة إنسانية في ظل عدالة اجتماعية تسود ربوع بلادنا».
ولفت إلى إن «أي عمل إنساني يخضع للتقويم، وما اعترى تلك الثورة من انحراف عن المسار الذي أراده لها الشعب لم يكن من قبل أبنائها الأوفياء، وإنما جاء نتاجاً خالصاً لمن حاولوا أن ينسبوها إلى أنفسهم عنوة، وأن يستغلوا الزخم الذي أحدثته لتحقيق مآرب شخصية ومصالح ضيقة تنفي عن وطننا اعتداله المعهود وسماحته المشهود لها»، في إشارة إلى جماعة «الإخوان المسلمين».
ورأى أن «الشعب الذي ثار من أجل حريته وكرامته صوّب المسار وصحح المسيرة، فجاءت ثورة الثلاثين من حزيران (يونيو) 2013 (التظاهرات التي سبقت عزل الرئيس السابق محمد مرسي) لتستعيد إرادة الشعب الحرة وتواصل تحقيق آماله المشروعة وطموحاته المستحقة».
ووجه «تحية احترام وتقدير وعرفان إلى أرواح شهداء مصر الذين أرادوا لهذا الوطن تقدماً ولشعبه عزة وكرامة»، مؤكداً أن «تاريخ مصر سيظل يذكرهم بكل الفخر والاعتزاز، ونجدد عهدنا لأسرهم بأننا سنظل معهم نشد على أياديهم ونتذكر معاً عظمة ما أنجزه شهداؤنا من أجل مصر وشعبها».
خاطب نواب البرلمان قائلاً: «مسؤوليتكم جسيمة ومرحلتنا تاريخية تقتضي منا جميعاً أن نرتقي إلى عظم المهمة الوطنية الملقاة على عاتقنا، فاشرعوا في ممارسة مهماتكم في الرقابة والتشريع، ونحن معكم نساندكم وندعمكم ونوفر لكم مناخاً إيجابياً وحراً في إطار من الاحترام الكامل للدستور وما نص عليه من فصل بين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية».
ودافع السيسي عن فترة حكمه في مواجهة معارضيه، منبهاً إلى أن «التجارب الديموقراطية لا تنضج بين عشية وضحاها، وإنما من خلال عملية تراكمية ومستمرة تضيف يوماً تلو الآخر خبرة جديدة، فترسخ المفاهيم وتصقل العمل السياسي والممارسة الديموقراطية». وأكد سعي الدولة إلى «تحقيق مقاربات توازن بين الحقوق والحريات في إطار واعٍ من الحرية المسؤولة يحول دون تحولها إلى فوضى هدامة تقوض مقومات الدولة وتقضي على مقدرات الشعب».
ودعا إلى «تقويم منصف وموضوعي لما حققته مصر خلال أقل من عامين على الأصعدة الداخلية والخارجية كافة»، لافتاً إلى أن «بلادنا تحولت من وطن لجماعة إلى وطن للجميع... ومن حكم يعادي الشعب وقطاعات الدولة كافة إلى حكم يحترم خيارات الشعب ويسعى جاهداً إلى تحقيق آماله ويضمن مناخاً إيجابياً لعمل قطاعات الدولة ومؤسساتها».
وأكد أن «مصر تتحرك على الاتجاهات الداخلية والخارجية كافة... ندشن وننفذ مشاريع تنموية وإنتاجية ومشاريع صغيرة ومتوسطة تراعي حاجات الشباب وتدرك متطلباتهم وحقهم في العيش الكريم. ونعمل على تطوير العديد من المرافق الخدمية، ونتصدى بفاعلية للعديد من المشاكل وفي مقدمها توفير الطاقة والكهرباء، ونتفانى في مكافحة الإرهاب وإقرار الأمن والنظام. لدينا إعلام حر وقضاء مستقل وسياسة خارجية متوازنة ومنفتحة على العالم».
وأضاف أن «مصر اليوم ليست مصر الأمس، وإنما نحن نشيد معاً دولة مدنية حديثة متطورة تعلي قيم الديموقراطية والحرية وتواصل مسيرتها التنموية وبناءها الاقتصادي. وستبقى الدولة المصرية تبذل الجهود اللازمة كافة لمحاربة الفساد والقضاء عليه، إدارياً كان أو مالياً، إعلاء لقيم المساءلة والمحاسبة، وحفاظاً على المال العام، وضماناً لبيئة آمنة ومستقرة وجاذبة للاستثمار».
ووجه السيسي حديثه إلى الشباب، قائلاً: «إذا كان الشعب المصري هو سلاح الوطن لمواجهة التحديات فأنتم ذخيرته ووقود عمله، وكل ما تحرص الدولة على إحرازه فإنما هو لكم ولأبنائكم في المستقبل. فأنتم ركيزة أساسية من ركائز المجتمع المصري وعامل رئيس من عوامل تقدمه ونهوضه».
ونبه إلى أن «البلد لن ينهض سوى بجهودكم أنتم يا أبناء مصر، بعملكم الجاد وبعقولكم المبدعة وسواعدكم القوية. إن صدق النيات يتعين أن يقترن بحسن العمل، فوطننا ينادي وحتماً سنلبي جميعاً النداء عملاً جاداً وجهداً دؤوباً وإخلاصاً لا ينقطع، فمن أجلكم وبقوتكم تحيا مصر».