هيومن رايتس ووتش: قصف مُخيمين للنازحين ليس فيهما وجود عسكري في ليبيا
نيويورك – هيومن رايتس ووتش
قالت "هيومن رايتس ووتش"، اليوم الأحد (24 يناير / كانون الثاني 2016) إن قوات مجهولة أطلقت 4 صواريخ على الأقل على مخيمين للنازحين في بنغازي يوم 9 يناير/ كانون الثاني 2016.
وقال شاهدا عيان لـ "هيومن رايتس ووتش" إن 3 صواريخ سقطت على مخيم الهلال الأحمر (المعروف أيضاً بمخيم المدينة الرياضية)، ما أسفر عن مقتل 3 مدنيين وإصابة 7 آخرين، بينهم طفلان. كما قال الشاهدان إن صاروخاً واحداً على الأقل سقط في "مخيم الاستجابة" المجاور، مسبباً أضراراً مادية دون إصابات بشرية. وأكد الشاهدان أنه لم يكن هناك وجود لقوات عسكرية أو لميليشيات في أي من المخيمين. سكان مخيم الهلال الأحمر من بلدة تاورغاء غربي ليبيا، حيث هَجَّرَتْ ميليشيات من مصراتة القريبة 35 ألف شخص في 2011، متهمة سكان البلدة بارتكاب جرائم خطيرة. ويؤوي مخيم الاستجابة مُهجّرين من تاورغاء ومصراتة وطُمينة.
وقال نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في "هيومن رايتس ووتش" جو ستورك: "إطلاق الصواريخ على مخيمي مُهجّرين، بلا وجود عسكري، يكشف عن استخفاف مطلق بأرواح المدنيين. على القوات المسلحة والميليشيات بذل قصارى جهدها لحماية المدنيين وضمان عدم تعرضهم للخطر".
الصراع المشتعل في بنغازي، شرقي ليبيا، منذ يوليو/ تموز 2014، أدى إلى نزوح آلاف السكان نتيجة للهجمات العشوائية على المناطق السكنية، ما أسفر عن مقتل مدنيين، وتدمير مستشفيات وغيرها من المباني، لا سيما في منطقة وسط المدينة.
وتضم القوات والميليشيات المتحاربة في المنطقة تلك المتحالفة مع "عملية الكرامة"، المدعوم من مجلس النواب ومقره طبرق، وحكومة البيضاء، وهي إحدى حكومتين تدعي كل منهما أنها تمثل الشرعية في ليبيا. هذه القوات تقاتل ميليشيات إسلامية، تضم "مجلس شورى ثوار بنغازي" والتنظيم المتطرف المعروف بـ"داعش".
في 19 يناير/كانون الثاني بعد عملية سياسية استمرت عاماً بوساطة من الأمم المتحدة، أعلن مجلس رئاسي ليبي حديث النشأة، مقره تونس، تشكيل حكومة وفاق وطني. وأمام البرلمان المعترف به دولياً في شرق ليبيا مهلة 10 أيام للموافقة على الحكومة. ولم تنل الحكومة الجديدة مساندة أي من الحكومتين المتنافستين.
الشاهدان اللذان طلبا عدم نشر اسميهما، من سكان مخيم الهلال الأحمر، أخبرا "هيومن رايتس ووتش" عبر مكالمات هاتفية في 18 يناير/ كانون الثاني أن الصاروخ الأول أصاب المخيم الخامسة بعد الظهر، واستمر الهجوم نحو نصف ساعة. وأضافا أن معظم الإصابات من شظايا صواريخ سقطت في المخيم المكتظ بالسكان، ومعظم مساكن الإيواء المؤقتة فيه من الألياف الزجاجية.
وأكد الشاهدان أن الصاروخ الأول سقط في ملعب مؤقت لكرة القدم، وسقط الثاني قرب منزل، وأسفر عن مقتل هالة أحمد سعد على الفور وإصابة زوجها، ميلاد يوسف هوشة، الذي توفي بعد بضع ساعات في مستشفى الجلاء. كما أصيب ابناهما محمد (5 سنوات)، وأحمد (4 سنوات) بإصابات طفيفة. وسقط الصاروخ الثالث قرب منزل نجوى منصور جمعة، التي أصيبت بجروح خطيرة وتوفيت، في المستشفى في 17 يناير/كانون الثاني. وقال أحد الشاهدين إن الصواريخ أُطلقت من منطقة القوارشة، الخاضعة لسيطرة الميليشيات الاسلامية. ولم يتسن لـ "هيومن رايتس ووتش" تأكيد مصدر إطلاق الصواريخ.
وأصدر المجلس البلدي لمدينة بنغازي بياناً في 9 يناير/ كانون الثاني، أدان فيه الهجوم متهماً "مجموعات إرهابية" بإطلاق الصواريخ واستهداف مخيم المدينة الرياضية. وقال أحد الشاهدين الذي قدّم الإسعافات الأولية لبعض الضحايا وقت الهجوم: "كانت فوضى عارمة يصعب وصفها. الصواريخ سقطت في مناطق مختلفة من المخيم. بدأ الناس يركضون في كل اتجاه. كانوا خائفين فعلاً من الدماء. حاولنا مساعدة الزوجين، لكن المرأة توفيت فوراً. بمجرد توقف الضربات، دخلت سيارات إسعاف من الهلال الأحمر وغيره المخيم لإجلاء الجرحى، ونقل السكان بسياراتهم الخاصة الناس إلى المستشفيات. لا يوجد جيش في أي مكان بالقرب من المدينة الرياضية أو المخيم".
الشاهد الآخر قال: "كنت في منزلي عندما سمعت صوتاً عالياً في الطرف الآخر من المخيم. شعرت بحطام يتساقط على السطح، فركضت خارجاً نحو موقع الهجوم، حيث كان إخوتي وغيرهم يحاولون مساعدة الجرحى. هذه ليست أول مرة يتعرض فيها مخيمنا لهجوم بالصواريخ لأنه يقع بين مواقع كل من الميليشيات المتطرفة والجيش إلى الشمال والغرب. نصف مباني المخيم تضررت جراء القصف المتكرر في المناطق المجاورة. الوضع الأمني- بالنسبة لنا نحن النازحون- مزرٍ حقاً هنا، ونخشى أن نتكلم.
جميع أطراف النزاع المسلح في ليبيا مطالبون بالتقيد بالقانون الدولي الإنساني أو قوانين الحرب. وتدخل بعض الانتهاكات الجسيمة لتلك القوانين، عند ارتكابها بنية إجرامية، في عداد جرائم الحرب. الأشخاص الذين يرتكبون جرائم حرب أو يأمرون بها أو يساعدون فيها أو يحملون مسئولية القيادة عنها يخضعون للملاحقة من جانب المحاكم الليبية أو المحكمة الجنائية الدولية التي لها اختصاص النظر في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الإبادة التي ارتُكبت في ليبيا منذ 15 فبراير/ شباط 2011، بموجب قرار مجلس الأمن الدولي 1970.
القرار 2213 الذي تبناه مجلس الأمن الدولي في مارس/آذار 2015، أكد مجدداً أن المجلس مستعد لحظر السفر وتجميد الأصول، على من تثبت مسئوليتهم عن التخطيط لأعمال تنتهك القانون الدولي لحقوق الإنسان أو القانون الإنساني الدولي المعمول به، أو أعمال تشكل انتهاكات لحقوق الإنسان في ليبيا. وقالت "هيومن رايتس ووتش" إنه نظراً للإفلات شبه الكامل من العقاب على الانتهاكات التي ترتكبها مختلف أطراف النزاع، على أعضاء مجلس الأمن مواجهة هذه التهديدات وإنزال العقاب بالأفراد المسئولين عن الجرائم الخطيرة، للمساعدة في منع تفاقم الأزمة.