لماذا ينقل "الخليفة البغدادي" إدارة دولته إلى سرت الليبية؟
الوسط - المحرر السياسي
يبدو أن تنظيم "داعش" بصدد نقل أعماله، أو على الأقل إدارتها، إلى مدينة سرت الليبية بعد أن تلقى التنظيم ضربات موجعة في سورية والعراق، حيث أعلن التحالف الدولي مؤخرا عن أنه قتل 22 ألف مقاتل تابع له منذ بدء ضربات التحالف.
كما يبدو أن استهداف التحالف لصهاريج ومستودعات النفط التي يسيطر عليها التنظيم قلص ميزانية التنظيم التي يدفع منها التنظيم رواتب مقاتليه التي قلصها مؤخرا، حسبما ذكر موقع "عربي 21".
وينشط التنظيم في سرت الليبية بشكل واضح ويدير مصالحه هناك، ويقيم الحدود على سكان المناطق التي يسيطر عليها، ويعدم "الجواسيس" وبعضهم من المنتمين لفصائل الثوار الليبية.
ونقلت صحيفة "واشنطن تايمز" عن مصادر استخباراتية خاصة أن التنظيم أوعز إلى المجندين الجدد التوجه إلى ليبيا بدلا من سورية والعراق لتعزيز وجوده هناك.
تعويض الأراضي والمقاتلين
وقد قتل حوالي 22 ألف مقاتل على يد التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة لمحاربة تنظيم داعش منذ صيف 2014، كما أعلن وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لودريان.
وقال وزير الخارجية الأمريكي جون كيري على هامش اجتماعات منتدى دافوس بسويسرا: "نكبد اليوم داعش الكثير من الخسائر، خسروا 40 بالمائة من الأراضي التي كانوا يسيطرون عليها في العراق وما بين 20 و30 بالمائة في الإجمال". واعتبر أن هذا التنظيم "سيضعف كثيرًا" في العراق وسورية بحلول نهاية 2016.
وقال منسق الاتحاد الأوروبي لمكافحة الإرهاب، جيل دو كيرشوف، إن الهزائم التي تكبدها تنظيم الدولة في وجه التحالف الذي يحارب الجهاديين في سورية والعراق قد يدفع بعض قادته للانتقال إلى ليبيا.
وأضاف: "نعلم أن المسؤولين الرئيسيين في تنظيم الدولة في سورية يراقبون ما يجري في ليبيا. لذلك هم يشعرون أن الضغط بات قويا جدًا وقد ينزعون إلى محاولة" الانتقال إلى هذا البلد حيث "تسود حاليا الفوضى العارمة التي يفضلونها".
ويرى قائد الاستخبارات العسكرية في مصراتة الليبية، العقيد إسماعيل شكري، أن التنظيم بدأ فعلا بالتخطيط لجعل مدينة سرت الليبية مقرا للتنظيم بدلا من الرقة في سورية والموصل في العراق.
وبحسب "الديلي تلغراف"، أوفد زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي قياديا يدعى "أبا عمر"، وهو عراقي الجنسية، إلى ليبيا للإشراف على مقاتلي التنظيم في سرت والبالغ عددهم 3 آلاف مقاتل.
تعويض خسائر النفط
ويحاول تنظيم داعش في ليبيا تعويض خسائر النفط في سورية والعراق بعد أن قصف التحالف الدولي، والطيران الروسي، مئات الصهاريج والخزانات النفطية التي يستفيد منها التنظيم بهدف تجفيف مصادر تمويله.
ونفذ التنظيم مؤخرا هجوما على ميناء رأس لانوف النفطي حيث اشتعلت النيران في اثنين من صهاريج التخزين هناك.
وهدد التنظيم بهجمات مشابهة، إذ قال أبو عبد الرحمن الليبي في فيديو نشر على موقع تابع للتنظيم: "اليوم ميناء السدرة ورأس لانوف، وغدا ميناء البريقة وبعدها ميناء طبرق والسرير وجالو والكفرة".
ويحاول التنظيم التمدد جنوبا في محاولة للسيطرة على آبار النفط هناك، بحسب ما قال وزير الدفاع الفرنسي، جون لودريان.
وبحسب لودريان، فإن التنظيم الذي يسيطر على 250 كيلومترا مربعا على طول الساحل ويتمدد جنوبا باتجاه آبار النفط.
وتملك ليبيا 48 مليار متر مكعب من الاحتياطي الثابت من النفط الخام، وهو أكبر احتياطي على مستوى أفريقيا والتاسع على مستوى العالم.
وذكرت صحيفة "إندبندنت" البريطانية أن تنظيم الدولة قرر تخفيض رواتب المقاتلين للنصف، في وقت بدأ فيه التحالف، الذي تقوده الولايات المتحدة ضده، يستهدف مراكز النفط ومنشآت تكريره.
ويشير التقرير إلى أن قرار تخفيض الرواتب في الرقة، التي تعد المعقل الرئيسي للتنظيم، وبنسبة 50%، جاء بناء "على ظروف استثنائية". وكشفت عدد من الوثائق عن أثر الهجمات الجوية التي استهدفت عصب موارد التنظيم النفطية.
وبحسب الوثيقة التي نشرتها الصحيفة، التي تظهر بيانا من "بيت مال المسلمين" في "ولاية الرقة"، وفيه حض على الإنفاق، واستشهاد بآيات قرآنية وحديث، فقد جاء فيها: "بسبب الظروف الاستثنائية التي تمر بها داعش
وينقل التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، عن مسؤولين أمريكيين قولهم إن العمليات الجوية بدأت تحدث ضررا مهما على قدرة تنظيم الدولة لتمويل نفسه، مشيرا إلى أنه عندما تم تمديد العمليات البريطانية من العراق لتشمل سورية الشهر الماضي، كان الهدف الأول للطائرات البريطانية هو "حقل العمر".
سهولة الهجرة إلى "الدولة"
ومنطقيا، ومع الفوضى التي تعيشيها ليبيا، فإن الهجرة إليها أسهل بكثير من الهجرة إلى سورية أو العراق التي تعتبر تركيا المنفذ الوحيد إليها تقريبا وتخضع حدودها ومطاراتها لمراقبة شديدة حيث فشل العديد في الوصول إلى أراضي "الدولة".
وللقادمين من أوروبا، تعتبر ليبيا أسهل وصولا حيث يمتد الساحل الليبي بطول 1600 كليومتر على البحر الأبيض المتوسط، أما للقادمين برا فتشترك ليبيا مع كل من مصر والسودان والجزائر وتشاد والنيجر وتونس بحدود برية.
ووفقا قائد الاستخبارات العسكرية في مصراتة الليبية، العقيد إسماعيل شكري، فإن 70 بالمائة من أعضاء التنظيم في ليبيا هم من التونسيين، مع أعداد صغيرة قدموا من سورية، ودول الخليج، والسودان، والنيجر، وتشاد.