انتقادات للجيش النيجيري بعد الاشتباكات مع الحركة الإسلامية الشيعية
زاريا (نيجيريا) - أ ف ب
لم تعلن السلطات النيجيرية اي حصيلة رسمية للقتلى الذين سقطوا في يومين من الاشتباكات بين قواتها وانصار "حركة نيجيريا الإسلامية" الشيعية في مدينة زاريا الشهر الماضي، الا ان دلائل تشير إلى مقتل ما قد يصل إلى 600 شخص.
ويعد هذا عددا كبيرا حتى في هذه المنطقة التي قتل فيها 17 الف شخص في التمرد الذي تنفذه جماعة بوكو حرام منذ العام 2009.
وقالت الحركة الاسلامية الشيعية أمس الخميس (14 يناير/ كانون الثاني 2016) ان أكثر من 700 من اتباعها ما زالوا في عداد المفقودين بعد أكثر من شهر على المعارك العنيفة مع الجيش في معقلها في زاريا في شمال البلاد.
وأعلن المتحدث باسم الحركة الإسلامية في نيجيريا ابراهيم موسى في بيان أنه "وفقا لقائمتنا، هناك نحو 730 شخصا، من الرجال والنساء، ما زالوا في عداد المفقودين منذ السبت 12 كانون الأول/ديسمبر 2015".
وأضاف "هؤلاء المفقودون إما قتلوا بيد الجيش أو اعتقلوا سرا".
واكد مصدر طبي في المستشفى التعليمي التابعة لجامعة احمدو بيلو والتي نقل اليها معظم الضحايا، مقتل عدد كبير من الاشخاص.
وصرح المصدر لوكالة فرانس برس طالبا عدم الكشف عن هويته كونه غير مخول للحديث عن هذه المسالة "الاحد (13 كانون الاول/ديسمبر)، أحصيت ما يصل الى 400 جثة في المشرحة، وتوقفت بعد ذلك عن العد".
وقال مراسل محلي قام بتغطية احداث العنف "كانت هناك اكثر من 300 جثة ملقاة في الشارع القريب من منزل (زعيم الحركة الشيخ ابراهيم) الزكزكي يومي الاحد والاثنين".
واضاف "عندما استدعينا المدير الطبي للمستشفى التعليمي، قال لنا ان 300 جثة وصلت الى المستشفى قبل ان ينتهي من عمله، وربما ارتفع هذا العدد بعد ان غادر المستشفى".
وقال المسؤولان ان الجنود اخذوا جميع الجثث يوم الاثنين 14 كانون الاول/ديسمبر.
- انتهاكات حقوق الانسان - وتعتقد منظمة "هيومان رايتس ووتش" ان "300 شخص على الاقل" قتلوا في زاريا، فيما تقدر منظمة العفو الدولية هذا العدد ب"المئات". ودعت المنظمتان الى اجراء تحقيقات كاملة.
الا ان القيادة العليا للجيش النيجيري التي تواجه باستمرار اتهامات بارتكاب انتهاكات حقوقية ضد المدنيين في النزاع مع بوكو حرام، وصفت تلك المزاعم بان "لا اساس لها".
وقالت لوسي فريمان من "منظمة العفو الدولية" ان "تجاوز الجنود للقانون بكل الاشكال" ليس امرا مستغربا.
وتابعت ان "ذلك جزء من نمط مشاكل الاستخدام المفرط للقوة وانتهاكات حقوق الانسان التي يرتكبها الجيش النيجيري".
وقالت الباحثة موسي سيغون المتخصصة في في شؤون نيجيريا في المنظمة ذاتها ان رد فعل القوات يثير مزيدا من القلق نظرا لان الرئيس محمدو بخاري، وهو ضابط سابق، تعهد باصلاح الجيش.
وقالت "ان مستوى هذه الانتهاكات التي قد يكون الجيش قام بها مروع".
واضافت "لا يوجد تحرك واضح من جهة الحكومة لمعالجة هذا الوضع سريعا وطمأنة النيجيريين الى ان بخاري هو قائد ديموقراطي كما يزعم، وان هذه ليست دكتاتورية عسكرية".
- اطلاق نار وتفجيرات - واندلع العنف في 12 كانون الاول/ديسمبر عندما نصب الشيعة حاجزا مؤقتا على طريق خلال مرور موكب ديني ما ادى الى اغلاق الطريق امام موكب قائد الجيش النيجري.
واتهم الجيش النيجيري الحركة المدعومة من ايران ب"محاولة مقصودة لاغتيال" قائد الجيش توكور بوراتاي، وهو ما نفته الحركة لاحقا.ونشر صورا لحشد يلقي الحجارة على الموكب العسكري.
وعلى اثر ذلك، دمر الجيش منزل زعيم الحركة الشيعية الشيخ الزكزكي في حي غيليسو في زاريا اضافة الى الحسينية التابعة للحركة.
وقتل نائب الزكزكي وثلاثة من انجاله، بحسب المتحدث باسم الحركة، اضافة الى مسؤول الامن في الحركة. واصيب الزكزكي بعيارات نارية عدة قبل ان يتم اعتقاله.
وذكر مراسل اخر ان فتيانا تجولوا بين جثث القتلى تحت نظر الجنود وسرقوا الاموال والهواتف النقالة وغيرها من المقتنيات الثمينة التي كانت في جيوب القتلى.
واختبأ السكان داخل منازلهم اثناء الاشتباكات التي استمرت طوال الليل.
وصرح احد سكان غيليسو "كان الجنود يطلقون النار، وكان الشيعة يلقون عليهم الحجارة والقنابل الحارقة".
واضاف "اشك في ان ايا من الشيعة تمكن من الفرار".
وانسحب الجنود بعد اكثر من اسبوعين من الاشتباكات، الا انه يعتقد ان رجال الامن بملابس مدنية لا زالوا منتشرين في المنطقة. ولا يزال الناس يخشون الحديث علنا عن تلك الاشتباكات.
- قتلنا صاحب الهاتف - ودارت اشتباكات في السابق بين حركة الزكزكي والسلطات النيجيرية بسبب مساعي الحركة الى اقامة دولة اسلامية من خلال القيام بثورة على غرار الثورة الاسلامية في ايران.
وسجن الزكزكي مرات عدة بتهم التحريض والتخريب.
الا انه يخشى من ان تؤدي هذه المواجهات الى دفع الحركة الشيعية الى شن حملة اكثر عنفا تشابه تمرد حركة بوكو حرام.
وقالت فريمان من منظمة العفو الدولية "اعتقد ان ما شاهدناه مرارا في نيجيريا هو ان العمل خارج اطار القانون لا يساعد في (حل) الوضع بل يجعله اسوأ".
وقال صحافي محلي آخر ان الجنود اخبروه خلال زيارة قائد الجيش بوراتاي انهم سيعتقلون الزكزكي "حيا ام ميتا".
وقال انه مع احتدام العنف خلال الليل اتصل بالمتحدث باسم الحركة الاسلامية لاطلاعه على المستجدات، فطلب منه هذا الاخير الاتصال به لاحقا عندما يصل الى منزل الزكزكي.
واضاف "عندما اتصلت بهاتفه النقال في وقت لاحق، اجابني صوت غريب وقال لي +لقد قتلنا صاحب الهاتف+، فادركت على الفور ان المتحدث هو احد الجنود".