(رسالة مواطن)... خريجو الصناعي بين صفعة الاستنقاص وتوّرط التخصص!
لا يخفى على أحد أن خريجي الصناعي باتوا يعانون من صفعة الاستنقاص التي يلاقونها من بعض المؤسسات التعليمية، والتورط في التخصص، إلا أن هذا الأمر لم يعد له حيّز في منظومة الطرح.
تتلألأ نقطة البداية عندما تُوزع على طلبة السنة الأخيرة من المرحلة الإعدادية في الفصل الدراسي الثاني؛ استمارة اختيار التخصص، ليصبح الاختيار المتمخض من رحم المراهقة؛ كابوساً ودوامة ندم تلاحق الشاب بعد 3 سنوات عندما تتوسع له النظرة للحياة ويقرر مواصلة الدراسة الجامعية، ليتفاجأ بأنه محصور فقط في كلية الهندسة، وليس جميع تخصصاتها أيضاً، فتخصصا العمارة والتصميم الداخلي لا يُمكّنان خريج الصناعي الفني (المتقدم حاليّاً) من دراستهما. يتشّعب الموضوع ويتشابك عندما يقول أحدهم: أجل هذا هو الصحيح، والذي لا يريد الدراسة في كلية الهندسة؛ لماذا دخل هذا المسار من الأساس؟ فكل شخص يتحمّل مسئولية اختياره.
بكل تأكيد، كل شخص يتحمل مسئولية اختياره، وهذا أمر لا يقبل النقض، إلا أنه في الوقت نفسه موضوع يقبل النقاش أو الطرح، فعندما تجعل فتى يرسم مسار مستقبله وهو في ذروة مراهقته وغير مدرك في الحقيقة لمعنى كلمة مستقبل بكل أبعادها؛ هذا أمر يُصنّف ضمن إجراء اللامنطق. لماذا لا تُجرى اختبارات تشخيصية للطلبة في المرحلة الإعدادية؛ إذ يتضمن الاختبار أسئلة تخص جميع تخصصات المرحلة الثانوية، وذلك لقياس قدرات الطالب في التخصص الذي سيلتحق به في المرحلة الثانوية، وعدم الاكتفاء بمعيار المعدل التراكمي الذي يجعله يختار تخصصاً نابعاً من عدم فهم؟
ليس هذا ما هو بصدد الطرح، بل لماذا يُنظر إلى الطالب باستنقاص عندما يرغب في مواصلة دراسته الجامعية بجامعة البحرين؛ كونها مؤسسة تعليمية حكومية مرموقة. على خريج الصناعي أن يختار أحد تخصصات كلية الهندسة باستثناء التخصصين المذكورين أعلاه، بينما يُحرم من باقي التخصصات والتي هي 28 تخصصاً من مجموع 35؛ لنيل درجة البكالوريوس.
إن لم تكن النظرة دونية إلى طلبة الصناعي فلماذا لا يفسح لهم المجال في بعض التخصصات؟ أو على أقل تقدير، لماذا لا يتم عمل اختبار تشخيصي لهؤلاء ممن لديهم الرغبة العارمة في دراسة تخصص غير الهندسة؟ مثلاً طالب تخرّج من المسار الصناعي وبعدها اكتشف ميوله في جانب آخر لا يمت إلى الهندسة بصلة مثل إدارة الأعمال أو الإعلام. ما الضير في أن يُقبل هذا الطالب في تخصص ميوله بعد أن تجرى له اختبارات تشخيصية تقيس مدى ثقافته ومعلوماته عن التخصص الذي يرغب به؟ وإن لم يكن كذلك فلماذا يحق لخريج العلمي أن يدرس تخصص العمارة أو الهندسة بشكل عام؛ وهو لم يدرس أي مواد متعلقة بالرسم الصناعي أو المواد التي لها علاقة بالهندسة؟ مثلما يتم فقء عين خريج الصناعي بهذا الكلام العكسي "أنت متخرج صناعي ودرست مواد هندسية ولا يحق لك دراسة غير ذلك، وإن أردت ذلك فاذهب للجامعات الخاصة"، والجميع يعلم بتكلفة الدراسة بالجامعات الخاصة، التي تتعدى 15000 دينار بحريني، وهذا ما لا يستطيع أن يدفعه كل ولي أمر مرتبط بمسئوليات لا تعد ولا تحصى.
وأخيراً وليس آخراً لا يتعدى الموضوع إطار المفارقات، وإن كانت النظرة لهم ليست دونية عن أشقائهم من المسارات الأخرى، فليس هناك ضرر عندما يتم قبولهم في دراسة بعض التخصصات الأخرى؛ لأن من هم ذوو كفاءة لدراسة الهندسة؛ بالتأكيد سيكونون ذوي كفاءة لدراسة أي تخصص آخر، وإن كانت النظرة لهم دونية فأعتقد أنه يوجد خلل عندما تتم محاصرتهم بكلية الهندسة فقط؛ لأنهم إن كانوا غير مؤهلين لدراسة إدارة الأعمال أو الإعلام على سبيل المثال، فبالتأكيد لن يكونوا مؤهلين لدراسة الهندسة؛ كونه تخصصاً معروف بثقل وصعوبة مواده؛ مقارنة بالتربية الرياضية على سبيل المثال.
نحن نقدر ونحترم النظام والقوانين، إلا أن هذا لا يمنع من النظر في الموضوع، والأخذ به في الاعتبار؛ لإنتشال خريجي الصناعي من دوامة التوّرط، مع وافر التحية والاحترام لنظم وآليات وزارة التربية والتعليم ومؤسسة التعليم العالي؛ ممثلة في جامعة البحرين.
باسل عباس حمزة زيد