الكويت... «التمييز» تبطل عقد رهن رسمياً موثقاً من «العدل» لأحد البنوك بـ 200 مليون دولار
الوسط – المحرر الاقتصادي
أكدت «التمييز» في حكمها الذي يعد مبدأ قضائيا أن المادة 981 من القانون المدني تنص على أنه يجوز أن يترتب الرهن ضمان بالدين معلق على شرط أو دين مستقبلي او دين احتمالي، وفق ما نقلت صحيفة "الجريدة" الكويتية اليوم الأحد (10 يناير / كانون الثاني 2016).
أبطلت محكمة التمييز عقد رهن رسميا بـ 200 مليون دولار، أبرمته إحدى الشركات الاستثمارية في الكويت لمصلحة أحد البنوك الإسلامية، وموثق من وزارة العدل، وذلك لعدم تحديد عقد الرهن الأرباح والعمولات والمصروفات وكل الالتزامات الناشئة لعقد الرهن، وعدم تحديده الحد الأقصى الذي ينتهي إليه هذا الدين.
ورأت المحكمة في حكمها الحديث والبارز، الذي أصدرته برئاسته المستشار يونس الياسين، أن عقد الرهن الرسمي الذي أبطلته خلا من تحديد الدين المضمون بالرهن الرسمي تحديدا دقيقا، مما يبطله لعدم تخصيص الرهن من ناحية الدين المضمون.
وأكدت "التمييز" في حكمها الذي يعد مبدأ قضائيا أن المادة 981 من القانون المدني تنص على أنه يجوز أن يترتب الرهن ضمان بالدين معلق على شرط أو دين مستقبلي او دين احتمالي، ويجوز أن يترتب ضمانا لاعتماد مفتوح أو لفتح حساب جار، على أن يتحدد في عقد الرهن مبلغ الدين المضمون أو الحد الأقصى الذي ينتهي اليه هذا الدين.
ويدل على ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للقانون أنه يجوز ان يترتب الرهن ضمانا لدين معلق على شرط او دين مستقبلي او دين احتمالي، ثم أوردت أهم التطبيقات العملية في هذا الخصوص، فيجوز ان يترتب الرهن ضمانا لاعتماد مفتوح، حيث تكون بصدد دين مستقبل أو لفتح حساب جار، حيث تكون بصدد دين احتمالي.
وتابعت المحكمة: وإعمالا لمبدأ تخصيص الرهن من حيث الدين المضمون الذي يقتضي بأن يكون الدين محددا، جعل النص صحة الرهن الذي يترتب ضمانا لاعتماد مفتوح او لفتح حساب، مشروطة بأن يتحدد في عقد الرهن مبلغ الدين الذي يضمنه الرهن أو الحد الاقصى الذي ينتهي اليه هذا الدين، فيجوز عقد رهن رسمي لضمان دين ينشأ مستقبلا أو دين احتمالي، بشرط أن يتحدد في عقد الرهن مبلغ الدين الذي يضمنه الرهن أو الحد الأقصى الذي ينتهي اليه هذا الدين.
رسالة مهمة
وأضافت المحكمة، في حكمها الذي يعد رسالة مهمة للبنوك والشركات الاستثمارية التي تبرم عقود الرهن الرسمية عبر توثيق من وزارة العدل، أنه لابد من تحديد الدين المضمون تحديدا دقيقا، وإلا كان عقد الرهن باطلا لعدم التخصيص من حيث الدين المضمون، فلا يجوز أن يعقد رهن رسمي لضمان كل الديون التي تثبت في ذمة المدين، سواء في أي مدة أو في مدة معينة، مادامت الديون نفسها لم تعين كل دين على حدة من ناحية المقدار والمصدر كله، كذلك لا يجوز أن يمتد الرهن يثبت في ذمة المدين بعد الدين المضمون بالرهن.
ولفتت "التمييز" في حكمها الى أن الدين المضمون يتحدد بأمرين؛ الأول بمقداره، فيحدد هذا المقدار إذا كان دينا معينا على رأسمال وفوائد، ومتى يبدأ سريانها ويستوي في ذلك الدين المنجز والدين المؤجل والدين المعلق على شرط، وتلك كلها ديون يمكن ضمانها بالرهن الرسمي أو إذا كان الدين مستقبلا أو كان دينا احتماليا كان تحديد مقداره في عقد الرهن بتحديد حد أقصى ينتهي اليه، فإذا عين الحد الأقصى للدين والمدة التي ينعقد فيها الدين وجب التقيد بذلك في العقد من الدين في المدة المتفق عليها، ويكون مضمونا بالرهن الرسمي، بشرط ألا يجاوز الحد الأقصى المبين.
وقالت المحكمة إن الأمر الثاني الذي يتحدد معه الدين المضمون، يتمثل في مصدر الدين، فيجب الى جانب تحديد مقدار الدين، تحديد مصدره أيضا هل هو عقد وأي عقد يكون أو هو عمل غير مشروع أو إثراء بلا سبب او إرادة منفردة او هو القانون.
بطلان مطلق
وأضافت: وقد يكون دينا معلقا على شرط أو مضافا الى أجل أو منجزا كما قد يكون دينا مستقبلا أو دينا احتماليا، وهكذا تتنوع الديون بتنوع مصادرها، وجزاء عدم تحديد الدين المضمون بالرهن الرسمي أو تحديد حد أقصى ينتهي اليه هو بطلان عقد الرهن الرسمي نفسه لعدم تخصيص الرهن من ناحية الدين المضمون، والبطلان هنا بطلان مطلق، ويستطيع أن يتمسك به كل ذي مصلحة.
وبينت المحكمة أنه وإن كان تقدير ما اذا كان الدين المضمون بالرهن محددا تحديدا دقيقا على النحو السابق هو من سلطة محكمة الموضوع، إلا أن شرط ذلك أن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله.
وقالت: وكان الثابت من مطالعة المحكمة لعقد الرهن موضوع النزاع أنه انعقد بين طرفيه ضمانا لمديونية الشركة المطعون ضدها الثانية لمصلحة البنك المطعون ضده الأول الناتجة عن إصدار صكوك بشرط قبضها مبلغ مئتي مليون دولار، ونص في البند الاول من العقد على ضمان الرهن لكافة ما ينتج عن ذلك المبلغ من مستحقات حتى تمام السداد، ونص في البند السادس من العقد على ضمان الرهن لأصل مبلغ المديونية والأرباح والعمولات والمصروفات وكل الالتزامات لأصل مبلغ المديونية والأرباح والعمولات والمصروفات وجميع الالتزامات الناشئة عن هذا العقد، من دون أن يتم تحديد الأرباح والعمولات والمصروفات التي يضمها الرهن أو كيفية احتسابها، وما هي كافة ما ينتج عن ذلك المبلغ من مستحقات أو تحديد الحد الأقصى الذي ينتهي اليه هذا الدين، ومن ثم يكون العقد قد خلا من تحديد الدين المضمون بالرهن الرسمي تحديدا دقيقا، مما يبطله لعدم تخصيص الرهن من ناحية الدين المضمون، وإذا خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، وانتهى الى صحة العقد الى أن عدم تحديد الأرباح والعمولات والمصروفات لا يؤثر في صحة العقد، فإنه يكون معيبا بالفساد في الاستدلال الذي جره الى الخطأ في تطبيق القانون، مما يعيبه ويوجب تمييزه، ومن ثم يتعين القضاء بإلغاء حكم محكمة الاستئناف وتأييد محكمة أول درجة لبطلان عقد الرهن لعدم تخصيص الرهن من ناحية الدين المضمون.
ويفتح الحكم القضائي الصادر من محكمة التمييز إمكان مقاضاة عدد من الشركات أو الأفراد الذين أبرموا عقود رهن رسمية، رغم أنها موثقة من وزارة العدل بطلب بطلانها لعدم التزامها بالشروط التي حددتها محكمة التمييز في حكمها، خصوصا أن كل عقود الرهن الرسمية المبرمة في الدولة تمت مراجعتها والإشراف عليها من قبل وزارة العدل من الناحية القانونية، وحصلت على توثيقها.