عشرات القضاة الوافدين يرفضون تجديد عقودهم في الكويت
الوسط - المحرر الدولي
كشفت مصادر ذات صلة لـ «الراي» أن عشرات القضاة الوافدين المعينين والمعارين يتجهون لإبداء نيتهم إلى مجلس القضاء الأعلى بعدم رغبتهم في التجديد لهم للعمل في المحاكم الكويتية لسنة أخرى، رغم أن فترة تعاقدهم جميعاً صالحة للتجديد وتسمح لبعضهم بالعمل في محاكم الكويت لأكثر من سنة أخرى، موضحة أن بعضهم تجاوز النية وكشف للمعنيين بموقفه بطريقة غير رسمية.
ولم تفد المصادر، بأعداد هؤلاء القضاة، إلا أنها أوضحت أن موقفهم يعكس رغبة جماعية متفقاً عليها في ما بينهم، وأنه في حال تحقق ذلك سيكون إنهاء وجودهم في الكويت خلال شهري يوليو أو أغسطس المقبلين، وهي نهاية فترة سنتهم القضائية، وحتى يتمكنوا أيضا من تسوية أوضاعهم العالقة بالتعليم وغيرها، علما بأن قاضيين أو ثلاثة يرجح أنهم يعملون في نيابة التمييز، أبدوا رغبتهم في عدم الاستمرار في مراكزهم حتى انتهاء سنتهم القضائية وأنهم يخططون لإنهاء أعمالهم خلال يناير الجاري، مشيرة إلى أن مراكز عمل هؤلاء القضاء موزعة بين محكمة الاستئناف والمحكمة الكلية وكذلك محكمة التمييز، إلى جانب النيابة العامة، وأن غالبيتهم يتركز في «الاستئناف» و«الكلية».
ودرج العرف القضائي في الكويت على أن يقوم المجلس الأعلى للقضاء خلال ديسمبر أو يناير من كل عام بمخاطبة القضاة الوافدين والمستشارين الذين يعملون في المحاكم ومختلف وزارات الدولة وهيئاتها الحكومية، عبر نماذج رسمية، بهدف تبيان موقفهم من التجديد، إما بالموافقة أو إبداء الرغبة في عدم التجديد، علما بأن فترة إعارة القضاة إلى الكويت تصل إلى ست سنوات، بينما تتراوح فترات عمل القضاة الذين يرغبون في عدم التجديد بين عامين وأربعة أعوام فقط.
وبناء على الرغبة المسجلة من القاضي الوافد يقوم المجلس الأعلى للقضاء بمخاطبة وزارة العدل الكويتية ومن ثم السفارة الكويتية التي تقوم من ناحيتها بمخاطبة وزارة الخارجية التي تخاطب وزارة العدل في البلد الذي ينتمي إليه القاضي الوافد، واخطارها بموقفه لتتخذ تدابيرها الإدارية، بمد فترة إجازته أو بالسماح له بالعودة إلى منصبه في التاريخ المحدد له في العقد المقبل على الانتهاء.
وبينت المصادر أن هناك أكثر من اعتبار يقف وراء الموقف الجماعي، الذي يجمع عشرات القضاة الوافدين، يأتي على رأسها شعورهم بالتمييز المادي الواضح بينهم وبين القاضي والمستشار الكويتي المعين على الدرجة نفسها في الجهات الحكومية، وأحيانا المعين على درجة أقل منهم، مشيرة إلى أن رواتب غالبيتهم تتراوح بين 1600 إلى 2000 دينار بخلاف السكن الذي تتكفل بإيجاره «العدل»، مع الأخذ بالاعتبار أن هذه الرواتب قد تزيد إلى نحو 2500 دينار مع بعض المستشارين في حال شارك في لجان، وهذه عادة ما تقتصرعلى المستشارين الذين يعملون في الوزارات والهيئات الحكومية، أما راتب القاضي الكويتي المعين على الدرجة نفسها في المحكمة فيصل إلى 4 آلاف دينار، وأحياناً يزيد.
وتضيف المصادر «أن القاضي الوافد يشعر بتمييز آخر، لجهة حصوله على إجازة سنوية تقدر بثلاثة أشهر، في حين يحصل نظيره الكويتي على 6 أشهر إجازة مدفوعة الأجر، علاوة على ذلك فإن القضاة الوافدين يحرمون من كثير من البدلات التي يحصل عليها زميلهم الكويتي، رغم أن نسبة أعمالهم المنجزة تكاد تضاعف نسبة الأعمال التي يقوم بها غيرهم، وقبل ذلك فهم ينتمون إلى الأسرة القضائية نفسها».
وأشارت المصادر إلى أن «التوجهات الحكومية الأخيرة نحو التقشف وشد الحزام على المزايا المالية الممنوحة للعاملين لديها، خصوصاً على الوافدين، مقابل زيادة إنفاق الوافد في الفترة الأخيرة بسبب زيادة الأسعار، المرشحة للارتفاع بمعدلات إضافية مع تطبيق برنامج الحكومة في إصلاح إطار الدعم وانعكاسات ذلك على التضخم والاقتصاد، قللت من شهية هؤلاء القضاة في الاستمرار في مراكزهم في الكويت والمراهنة على تحسين أوضاعهم».
ولفتت المصادر إلى اعتبار آخر لايقل أهمية في تحديد القضاة الوافدين رغبتهم في عدم التجديد لهم سنة إضافية، يتمثل في التعديلات الأخيرة التي أدخلت على سلم أجورهم ببلدانهم والتي شجعتهم على العودة قبل انتهاء سنتهم القضائية، خصوصا وان المزايا الجديدة التي طالت هيئاتهم في بلادهم ضيقت إلى حد كبير فارق المزية المالية التي كانت تدفع القاضي الوافد إلى الاغتراب وترك منصبه في بلاده لأكثر من سنة، خصوصا مع ارتفاع تكاليف المعيشة.
وأشارت المصادر إلى أن هؤلاء القضاة سعوا خلال الآونة الأخيرة إلى تحسين أوضاعهم عبر مخاطبة الجهات المعنية والمسؤولين، «لكنهم لم يجدوا الاهتمام الكافي لمناقشة متطلباتهم بتحسين أوضاعهم، سواء بزيادة رواتبهم أو منحهم مكافآت موازية للقاضي الكويتي، بما يتيح تغيير موقفهم وتشجيعهم على تجديد رغبتهم في البقاء في مناصبهم».
وفي السياق نفسه، كشفت المصادر أن إدارة الفتوى والتشريع تعاقدت قبل أشهر مع بعض المستشارين للعمل في الكويت، لكنهم لم يقوموا بإنجاز الإجراءات الطبية وغيرها من التدابير المقررة للإعارة، حيث شهدت أوضاع هؤلاء القضاة تحسناً ملحوظاً في المزايا المالية التي قررتها حكومة بلدهم بعد أن تعاقدوا على السفر إلى الكويت، وهو ما يعتقد أن يكون السبب الرئيس في تأخرهم في إنهاء إجراءات استقدامهم.