مختصون: ارتفاعات أسعار النفط المقبلة قد تخيف العالم
الوسط – المحرر الاقتصادي
بعد عدة انخفاضات قياسية سابقة، نجحت أسعار النفط الخام في التماسك والميل إلى الارتفاع، في محاولة لاستعادة توازن السوق الذي يعاني تخمة حادة في المعروض مقابل ضعف الطلب، إلا أن المكاسب تظل محدودة بسبب توقعات باستمرار ارتفاع مستوى المخزونات النفطية الأميركية، حسبما قالت صحيفة "الاقتصادية".
وكانت خسائر الأيام السابقة ناتجة بشكل أساسي عن عودة ارتفاع أنشطة الحفر في الولايات المتحدة، بالتزامن مع رفع الحظر التاريخي على تصدير النفط الخام الأميركي، وعزز التوجه نحو الانخفاض الارتفاع القياسي في صادرات بعض دول "أوبك".
وتحاول السوق استعادة توازنها منذ انهيار الأسعار بشدة، عقب الاجتماع الوزاري الأخير لمنظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) أوائل الشهر الجاري، وما أعقبه من رفع الفائدة الأميركية ثم رفع حظر تصدير الخام الأميركي، وتزداد المراهنات على نمو متسارع في الصين ودول آسيا لقيادة السوق نحو التوازن المنشود.
وأسهمت تقارير لوكالة الطاقة الدولية وتخفيض توقعات المؤسسات المالية الكبرى لأسعار النفط في العام الجديد، في زيادة الضغوط على أسعار النفط، وسط آمال في تراجع حدة تخمة المعروض، بسبب تقلص الاستثمارات وخطط الإنتاج.
من جهته، قال مدير مشروعات شركة طوكيو للغاز وممثلها في فرنسا، أرورو تاكاهاشى لـ "الاقتصادية" إن الخبرة التصديرية للنفط الأميركي الخام، ما زالت محدودة بعد رفع قرار استمر تنفيذه أكثر من 40 عاماً، وإن فرص النجاح وتجربة التصدير ما زال من المبكر الحكم عليها أو تقييمها، وإن المؤسسات النفطية الأميركية ستسعى إلى إعادة تأهيل نفسها لتلبية نشاط التصدير.
وأشار إلى أن النفط الأميركي يواجه صعوبات إنتاجية، بسبب ارتفاع تكلفة الإنتاج، كما سيواجه أيضاً صعوبات تسويقية لأنه يجيء في فترة من أصعب فترات سوق النفط، حيث توجد تخمة حادة في المعروض وتنافس دول ذات تاريخ وخبرة واسعة في التصدير، كما أنها تتمتع بميزات تنافسية تفوق النفط الأميركي، أهمها هو انخفاض تكلفة الإنتاج وخبرة التعامل الواسعة مع أسواق الاستهلاك.
وقال إنه يتفق مع موقف "أوبك" في التقليل من تأثير الصادرات النفطية الأميركية، نظرا لأنها لن تضيف الكثير إلى المعروض العالمي، علاوة على اختلاف النوعية، حيث إن النفط الأميركي من الخام الخفيف الصخري وليس النفط الثقيل.
وأشار إلى أن القرار بمنزلة تشجيع واسع لشركات النفط الأميركية، وتحفيز على زيادة الإنتاج، بعدما تقلص الإنتاج في الشهور الأخيرة، مبينا أن الدليل على ذلك عودة منصات الحفر للتزايد، لكن يبقى القول إن الولايات المتحدة ما زالت مستوردا رئيسا، ولم تصل بعد إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي، ثم التصدير وهى المرحلة التي تم التعجل بعض الشيء في التحول إليها.
من ناحيته، أوضح مدير شركة " أوكسيرا " البريطانية للأبحاث والاستشارات، روبين نوبل أن تقلص المعروض قادم بشدة إلى الأسواق بسبب تداعيات المرحلة الاقتصادية الراهنة، وخطط الخفض والترشيد للإنفاق والدليل على ذلك ما أعلن عن احتمال قوى لتراجع إنتاج روسيا من النفط في العام 2017.
وأشار إلى أن تخمة المعروض لا يمكن أن تستمر بأي حال من الأحوال، في ضوء أزمات وصعوبات مستمرة تواجه الاستثمار.
في المقابل، قال انه من المؤكد نمو الطلب الدولي على النفط بفعل التنمية في الصين والاقتصاديات الناشئة، مبينا أنه "معنى ذلك إننا خلال سنوات قليلة سيكون المشهد قد تبدلت ملامحه، ويعيش السوق ربما ظروفا معاكسة بالكامل"، مضيفاً أنه "وقتها سنبحث كيفية تأمين الإمدادات لتلبية احتياجات الطلب، ونتخوف من ارتفاع واسع في الأسعار بسبب صعوبة تلبية الاحتياجات الواسعة من الطاقة".
من ناحيته، قال المستشار الاقتصادي البلغاري في فيينا، ايفليو ستايلوف انه لا يمكن أن تستمر الأسعار في الانخفاض بشكل دائم وستتماسك الأسعار قريباً في طريق استعادة التوازن في السوق، مشيراً إلى أن الطلب العالمي وان كان أبطأ في نموه من العرض، إلا أن هذا ليس وضعا دائما والظروف الاقتصادية دائمة التغير والتبدل.
ولفت إلى أن انخفاض الأسعار جاء بسبب تضافر تأثير عدد من العوامل القوية، ومنها زيادة إنتاج أوبك وصعود الدولار والمخزونات ورفع حظر التصدير الأميركي، مستدركاً أن هناك عوامل أخرى ستعيد التوازن إلى السوق أهمها نمو الطلب وتقلص الاستثمارات.
وأضاف، أن التنافس على الحصص السوقية سيستمر مادام هناك وفرة في المعروض، وان هذا الأمر طبيعي في سياق السوق الحر وستصب المنافسة في مصلحة المستهلكين وستتلاشى تدريجيا مع اتساع الأسواق وتقلص المعروض، مشيرا إلى أن خفض الإنتاج مهمة أصبحت شديدة الصعوبة في ضوء المعطيات الراهنة بالسوق، خاصة صعوبة التوافق بين كل المنتجين في "أوبك" وخارجها حول قضية خفض الإنتاج.
وفيما يخص الأسعار، ارتفع النفط الخام الأميركي بالسوق الأوروبية أمس للمرة الأولي في خمسة أيام، ضمن عمليات الارتداد من أدنى مستوى في 11 عاما، ويحد من المكاسب توقعات اتساع مخزونات النفط في الولايات المتحدة لمستويات قياسية جديدة.